لقاء غير مرغوب

13 7 0
                                    

_عيب عليك ما تضحكي فيها
_أنا والله شمتانه فيها عشان ماف داعي تتظارف كدا، هسي العرفها شنو يمكن هو معرس
بعد انتهاء المحاضرة العملية كان حديث الفتيات كله حول ما دار للفتاة أثناء المحاضرة، يبدو أنها كانت تحاول لفت أنظار الغريب، لكنها الآن لفتت جميع الأنظار إليها، لقد كانت تتحدث باللغة العربية الفصحى لعلمها أنّه يفضّلها، رغم أنّي متأكدة أنها لم تنل إلّا اشمئزازه فقد أثارت اشمئزازي الكمية الهائلة من الأخطاء في كلامها، ثم خرجت من مقعدها وسارت نحو مقدمة القاعة تقصد السبورة لتشرح له النقطة التي لم تفهمها، رغم أن الدكتور قد أخبرنا مراراً أن لا نسأله إلا عما يخص أجهزة المعمل، ثم ما أن أصبحت قريبةً حتى قفزت على وجهها تلك القطة البيضاء و نالت منها من العقاب ما تستحقه!،ارتسمت على وجهي ابتسامةٌ واضحةٌ على غير قصدٍ منّي، لقد بدأت أحب هذه القطة، ويبدو أن الجميع أحبّها في تلك اللحظة.

ـــــــــــــــــــــــــ

_أيها الغريب
_ عديمة العينين!
_نعم
_ أهلاً بك، ماذا تريدين
_ في الواقع أودّ أن أطلب منك شيئاً، أيمكنني؟
_بالتأكيد، أرجو أن أتمكن من تنفيذه
_تستطيع، لكنّه يتطلب منك وقتاً وجهداً
_حسناً لنرى
_في الواقع لقد تعسّر على بعض الطلّاب من دفعتنا فهم بعض النقاط في ما يخصّ المعمل، خاصّة طريقة استعمال الأجهزة التي درسناها مؤخراً، وكما تعلم أخبرنا الدكتور أن الإمتحان العملي لا يخلو منها، نودّ منك مساعدتنا من ناحيتين
_و ما هما؟
_نودّ منك أن تحصل لنا على أذنٍ من الإدارة لفتح المعمل بعد انتهاء اليوم الدراسيّ لنراجع فيه استخدام الأجهزة، هذا هو الأمر الأول..
_و ما الثاني؟
_سأتكفّل أنا وإحدى رفيقاتي بشرح المادة للطالبات، أما الطلّاب فهم الشأن الذي أردناك فيه حقيقةً، فما قولك؟
أطرق برهةً ثم قال:
_حسناً لا أمانع، ولكنّك تعلمين كل شيء، ماذا لو سألني أحدهم عن غير ما أعرف؟
_ سأحاول تنبيههم على أن يقتصر الشرح على الأجهزة فقط
_حسناً إذاً، لكم ذلك
_ شكراً لك، هل يوم غدٍ يناسبك؟
_أجل، لا مشكله
مضى الوقت سريعاً، و حصلنا على إذن فتح المعمل بفضل الغريب، واتفقنا على أن نبدأ بالطالبات أولاً على أن ينتظر الشبّان انتهاءنا، ولكن من هم الشبّان؟ إنهم الشاب الذي تشاجر مع آسر آنفاً و رفقته!، كانت ملامحه تحكي ألف كلمة لم يقلها حين رآهم، يبدو أنه لم يلحظ من قبل أن هذا الفتى من دفعتنا، كدت أجزم أنّه سيتراجع عمّا وعدنا به، لكنّه لم يقل شيئاً و مضىٰ، و علمت فيما بعد أنّه قد شرح لهم كلما أرادوه بالفعل.
كان الدكتور محمد يراقبه من بعيد دون أن يلاحظه أحد، ثم مضى بعيداً وعلى محيّاه ابتسامة مشرقة، كأبٍ كان يشاهد تتويج ابنه بجائزةٍ ما..
ـــــــــــــــــــــــــ

_آسر
_نعم دكتور
_بعض طلّاب الجامعة قد عزموا على تخضير الجامعة
_و ما ذاك؟
_يقصدون أنهم يودّون زراعة بعض المناطق الخالية فيها و كسوتها بلون أخضر يزيد رونقها
_ هذا جميل
_نعم، لقد قررت أن أبقى وأساعدهم، لذا لن أعود معك اليوم
_هكذا إذاً، فهمت
ـــــــــــــــــــــــــ
_آسر؟ لِم لَم تذهب؟
_سأبقى هنا وأساعدكم، ليس لدي ما أفعله على أي حال، كما أنّ أشجار هذه الجامعة قد أسدت لي الكثير ويجب أن أرد لها الجميل
ضحك الدكتور من كلامه و شرعا في الحفر مع الطلّاب، رفع آسر يديه مشمّراً عن سواعد الجد، بينما حلق ذلك الطائر الوحيد فوقه مشرعاً جناحيه بالصورة ذاتها..

يتبع...

الغريبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن