رحل..

18 4 0
                                    

   جلست على شرفة منزلنا أترقّب السماء بنظرة ثابتةٍ عليها، بقيت على وضعي ذاك وقتاً ليس بالقصير، حتى أنّ القمر استحى من جرأتي و استتر بالغيوم عن ناظري، لكنّي في الواقع لم أكن أتأمله أبداً، كان فكري يسبح في مكان بعيدٍ جداً، ووقتٍ ليس بالقريب، بالرغم من رحيل الغريب تماماً إلا أنّه لم يرحل أبداً عن ذاكرة كلّ من عرفه هنا، لقد غادر دون سابق إنذار كما جاء بدونه، ولم يبق لنا سلوى سوى الذكرى، هذه سنة الحياة، يذهب الناس وتبقى ذكراهم، تبقى وفيةً حتى وإن خانوا، أحياناً أشعر بالحزن لتدخلي فيما جرى أخيراً، شعرت بالندم حين رأيت نظرات الدكتور محمد في تلك اللحظات،تمنيت لو أنّي تركت الوضع يسير كما هو ولم أعمل على تسريع الأحداث، ولكنّ عزائي هو سعادة جمانه فقط.
   لا أستطيع فهم طبيعة ذاكرتي أبداً، يستعصي عليها أن تتذكر ما حدث البارحة أحياناً، وتتذكر ما حدث منذ وقت طويل بتفاصيله المملة أحياناً أخرى، في هذه المرة؛ لم تفقد ذاكرتي صورةً واحدة ممّا حدث:

_ ما الذي يحدث؟! أنا لا أفهم شيئاً!
  قالها الغريب في ذهول شديد، واستطرد قائلاً:
_معلمي! كيف أتيت إلى هنا؟!، جمانه! أنتِ أيضاً هنا؟!
إلتفت إلينا وقال:
_دكتور محمّد! عديمة العينين! هل تعرفان معلّمي و جمانه؟! لِم يبدو لي وكأنّكم تعرفون بعضكم منذ وقتٍ طويل؟ فليخبرني أحدكم ما الذي يجري هنا رجاءً!
إلتفتُّ إلى الدكتور محمد أتوقع منه أن يشرح له ما يجري، لكنّه رفض قائلاً:
_يحق لكِ أن تشرحي له ما يجري فأظنّك أكثرنا درايةً بما حدث، وأكثرنا استحقاقاً للفضل
_كلّا لست كذلك، لكن يسرّني أن أفعل
  استدرت بكاملي ناحية الغريب و بدأت أسرد له ما حدث بالتفصيل...

يتبع...

الغريبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن