الغريب

مكيدة الغريب!

الكثير من التحايا، الكثير من التراحيب، والكثير من الأشواق، أخيراً انقضت العطلة الكئيبة، لطالما كرهت العطلات، أعلم أن هذا يبدو غريباً، لكنّي أملّ كثيراً، أنا أكره البقاء دون عملٍ أو مهامٍ لأنجزها، أشعر أنّه لا جدوى لوجودي حينها، كما أن نفسي تحدّثني دائماً (أنت في عطلة من الدراسة الرسمية، ولست في عطلةٍ عن الحياة) ثم يبدأ تأنيب الضّمير المتلاحق حتى تعود الدراسة و تريحني من كل هذا الضجيج..
لا أنكر أن الغريب هو أول من خطر ببالي حين خطوت بوّابة الجامعة، في الواقع أنا أخشى ألّا أجده، ليس خوفاً عليه، بل خوفاً علي، أنا أؤمن بمقولة ابن كلثوم ( ما عجبت من أحدوثة، إلا رأيت بعدها أعجوبة!)، لقد ظننت أنّي لن أرى ما هو أعجب من أحداث الحرب، ثم ما أن انقضت حتى وجدتني أمام شخص من عالمٍ آخرَ على ما يبدو، لذا أخشى إن ذهب الغريب، أن تنشق الأرض و تبتلعني فأجد نفسي في عالم الجن!
ولم أره بالفعل، حتى انقضى أسبوعين من فصلنا الجديد،في كل يوم أنتظر ظهوره أو صدعٌ يشق الأرض تحتي، ثم حان موعد المحاضرات العمليّه، و لحسن حظنا كان الدكتور محمد كمال هو من سيقدّمها، كانت فرصةً مناسبةً لأتأكد إن كان قد رحل أم لا، فإن لم أجده مع الدكتور، لا أعتقد أني سأجده هنا ثانيةً أبداً..

ـــــــــــــــــــــــــ
_ارح اسرعي الساعه 8 جات و اللاب حيبدا
_ إنتو امشو أنا بصور الورقه د سريع وألحقكم
_ غايتو لحسن حظك إنو دكتور محمد كمال مسكين م أظن يشاكلك لكن استعجلي
_طيب طيب
ـــــــــــــــــــــــــ
_ قفي مكانك أيتها الطالبه
_ ........
_لماذا تأخرتِ عن مواعيد المحاضرة؟! ألا تعلمين أن الحضور عند الساعة الثامنة تماماً؟!
_ .........
(الكثير من الهمهمات داخل القاعة)
_ أين كنتِ؟
_ كنت بصور ف...
_ باللغة العربية إذا سمحت!
_ كنت أصور ورقةً عند المكتبه
_عند المكتبة أم في المكتبه؟
_ في المكتبة
_ادخلي ولا تتأخري مجدداً حتى لا أكون مجبراً على إقصائك، قالها والتفت للدكتور محمد معتذراً عن مقاطعة حديثه

#زينب_أبوشيبة

دلفت إلى حيث يوجد رفيقاتي، وبداخلي مشاعر مبعثره، بين الذهول والغضب وشيءٌ من السعادة
_ الليييله يا نونا ما قلنا ليك ما تتأخري، بعدين هو مالو هايج كدا من أول يوم، غايتو ان شآء الله يمسكنا دكتور محمد
_إن شآء الله
_يا بت ما تزعلي عادي هو بس داير يخوفنا من اول يوم وكدا
_ لا لا ما زعلانه بفكر بس
استطرد الدكتور محمد مكملاً كلامه، و عرفت فيما بعد أنه قد عرفهم بالغريب قبل أن أحضر إلى القاعة على أنه مساعده، وسيهتم بشؤون المعمل التقنيه وبعض الأعمال الأخرىٰ، وأخبرهم أنه يتحدث العربية فقط فهو يفتخر بها فأكمل الغريب يخبرهم أنه يفضل أن يردوا عليه بها أيضاً.
كانت كل أحاديث الفتيات بعد المحاضرة تدور حوله على اختلاف آراءهم
_ حصل شفتي الدكتور د قبل كدا؟
_بري، أول مره، بعدين مالو بتوهمن كدا
_ يخسي عليك يهنايه والله ظريف
_ظريف شنو إنت قولي عجبك بس
_هيهيهي والله ما كدا لكن جد جد تحسيه نافع مع اللابات عشان يعمل لينا موضوع و كدا ما نزهج من التلاته ساعات د
أجبتهم بتلقائيه:
_ هه سجم الظرافه
فضحكوا جميعاً لعلمهم أني لازلت أشعر بالغيظ من الإحراج الذي سببه لي في الصباح

يتبع...