٤- الغُرابيّ

868 41 32
                                    

السلام على دواخلكم النقية ★

" تَخطوا الأخطاء الإملائية لُطفاً "

ڤوت ★

...

بكيّت وقد إختنقت روحي بمواجيعها حتى صرخت بِكل ما أملك من طاقة لعلَّ الألم يهدء ، لكن لا لم يهدء شيئاً بل أصبحت دُموعي تتسابق وأنفاسي تضمحل والألم يتفاقم حتى بِتُّ أضرب على صدري بقوة لعلّ الألم الذي تكوّر مُشكِلاً سكاكين تَغرِز دواخلي يختفي لكن إختفى صوتي من الصُراخ وتعبت قبضتي من الضرب ولم يهدء شيئاً ،

دخلت هذا المنزل وبرأسي أصواتاً تتضارب وتطالبني بقتل جسدي الخاوي ، أمسكت سكيناً ورُحت جالساً أمام النافذة المُطلّة على هذا الحيّ البغيض بينما أمام ناظري تلك الطاولة التي يوجد عليها مزهريةً بيضاء يتخللها خطوط سوداء وبها وردة ماتت من الوحدة كما سأموت أنا وحيداً ، ألقيت بنظري على ندوب يدي القديمة كُنت قد وعدت ذاتي بأن لا أفعلها مُجدداً لكنني ضعيف يا ذاتي المَعدومة فَـلا شيء يستحق العيش ، لا شيء ،

قطعت وريدي وتناثرت الدماء ثوانٍ  حتى جلست أرضاً أتكئ على الأريكة التي كنت جالساً عليها ، أشعر بالبرودة تمشي من أخمض قدمي إنها تُغلفني ببطء شديد ، معصمي يلسعني بألم شديد ، وعيناي أدمعَت ، كَم رغبت بحضن والدتي حينها ، حُضنها الذي لم أشعر به يوماً ، أردت العيش حقاً ، وكم رغبت بتحقيق رغباتي العقيمة ، كم أحببت المطر والنجوم ، وكم أحببت والدتي القاسية ، وكم أحببت والدي الضعيف أمامها ،


فجأةً شعرت برغبة بالعيش دون سبب غرائز البقاء إشتعلت ، فحاولت الصراخ لكن لا صوت لي ، حاولت البكاء لكن لا دموع في عيني ، وكل ما فعلته هو أنني أَوقعت الطاولة كاسراً المزهرية حين مرّ مجموعة شُبان وقد إنتبهوا لي ، لمحت عيون سوداء حادة تتوسع حين حطت حدتها على ضعف عيناي البُندقية ،

هرع الأدعج الغريب وأصدقائه لإنقاذي وفي لحظة دخولهم كنت قد غِبت عن الوعي تماماً ،

إستيقظت .... ولِما أستيقظ أيها الرب ؟ ، ألا ترغب بي ؟ ، حتى أنت لا ترغب بي ، حتى أنت أيها الرب لم تحتويني ، واحسرتاه على ذاتي عَديمة الوجود ، 

كانت الكلمات مُكبلة بصدري كسجينٍ قتل روح الآلهة النقية بيديه الآثمة ، كانت تلك الكلمات مسجونةً بي تطرق أبواب قلبي الهالك وتحطمه ترغب بالحرية لكن لا حُرية لآثمٍ مثلي ، آثمٍ بريء من كل ما يسكنه ،

دخول الطبيب قاطع شُرودي بحسراتي وقد كان ورائه ذات الغُرابيّ الذي أَنقذني من الموت ، ملامحه كانت هادئة بشكل مُريب ، حادٌ هو كالسيف ، صدره مرفوعاً بشموخ ، ونظراته هادئة بِوقار ، كيف تماسك أمام أعظم خسائره ؟ ، كيف تحطم ونهض من حُطامه ؟ ، كيف يتصرف مع الآخرين ؟ ،


يا فتى هل لديك عائلة نتصل بها لكي تأتي لأخذك ؟ ، سأل الطبيب مُقاطعاً شرودي بملمح الواقف خلفه ينتظر خروج أحرفي المكبوتة ، عائلة هه ماذا تعني بعائلة ؟ ، لم يرحمني الرب بواحدة .

لا أملك عائلة ماتوا في حادث ، خرج صوتي مبحوحاً مُتعباً بعد الصراخ الذي إستهلك أحبالي الصوتية بأسرها ،
من المُخزي القول أني لدي عائلة بينما كل هذه الندوب تُزين يدي أمامهم ، من المخزي تسمية هذا الرجل وتلك المرأة على أنهم عائلتي .

خرج الطبيب بعد ان قال أنني يمكنني الخروج بعد إنتهاء المُغذي الذي في يدي وتقدم الفتى الغُرابيّ قائلاً : إن كُنت جباناً لا تُقدم على فعل كهذا أنت مُثير للشفقة فقط .

نظرت إليه بهدوء وصمتت فكل ما أفضله هو الصمت ، الصمت والصمت والصمت والكثير من الصمت ، فخرج بعد نفاذ صبره من صمتي المَقيّت وهذا ما أردته ، ما كان ينقصني سوا جبروته وصدره المرتفع وغروره اللعين ، أُراهن أنه إبن عائلة مُدلل يدير شركة والداه بينما مخطوبٌ لأبنة عمه التي لا يطيقها وفعل هذا فقط ليرضي غرور والده وصب كل غضبه بي الآن ، لعين .

...

عُدت للسكن الجامعي وكُلي مُحطماً مُتهالك  كُل شيء كما تركته خلفي ، كوب النسكافيه على الطاولة هاتفي وسماعاتي بِجانبه لقد بَرُدْ كوبيّ تجمّد كما أنا تجمّدت من قبل لكنني كنت صقيعاً والآن بِتُّ جليداً ودواخلي باردة وقلبي أمطاراً حزينة تكاد تشعر بها أنا أحمل الشِتاء بي ولكنه ليس الشِتاء الذي يَغسل الأرواح بل الذي يَسلُبُها يخطِفُها بهدوءٍ قاتل كما سُلِبت أنا من قبل ، كما حدث هذا مِن قبل ، كما فعلت هي من قبل أنا الآن أفعل .




سأسلُبك روحك في زُرقَة أيّاميّ أستبقى رُغم هذا ؟ .

نِهاية الفصل الرابع ★

...

*Note*
"بدايةً من الفصل الثالث رح تكون الأحداث بالحاضر مو فلاش باك "



ســرطــان الضَــميّــر | TK حيث تعيش القصص. اكتشف الآن