٧ -قَبِلت بِك أحمقيّ

744 37 23
                                    

السلام على دواخلكم النقية ★

" تجاهلوا الأخطاء الإملائية لُطفاً "

...

إرتفَع حاجبي الأَيمن بينما انظر له بتعجُب على ما نبس به عَمَّ الصمت لثوانٍ قليلة ثُم نبست :" أُوافق لكن التعامل معي سيكون صعباً إن كنت لا تدري سِنبانيم "

نبس بينما ينفخ صدره بكل حُمق : " أنا أستطيع التعامل معك لا تقلق بشأن هذا " ، أقسم أنه أحمق ، أحمق بأنف كبير مُثير ، همهمت والتفت أسير عائداً  للسكن الجامعي ،

" دَعني أوصلك معي تاي " ، طلب بينما يمشي بجانبي ، تنهدت هذا ما يُنقصني الآن شخصاً يوصلني ويحبني ويبقى معي وبيومٍ تَبرُد مشاعره ويهجرني كما فعلوا والداي اللعنة لما سمحت له حتى ، لما وافقت ! ،

" لا سِنبانيم أرغب بالمشي " ، التفت له بينما أنظر بعينيه الغُرابيّة مُجيباً إياه بإختصار فهمهم متفهماً وعاد لسيارته يركبها مُنطلقاً ، حسناً هو متفهم ولا يلتصق بي كثيراً هذا مُريح قليلاً ، قليلاً فقط ليس إلا .

...

عُدت للسكن أرمي ملابسي هُنا وهُناك وكروتين إعتدته بعد أن أقوم بوضع الماء على النار سأعود لترتيبها جميعاً ، لذا إتجهت قدماي للمطبخ أضع الماء على الموقد واتجه لترتيب ملابسي ، أخذت سماعاتي وضعتها بهاتفي قمت بفتح تطبيق الأغاني شغلت قائمة الأغاني التي قمت بصنعها مؤخراً وعُدت أقف أمام الموقد لكي لا ينسكب وكُلي يعلم أنه سينسكب حتى مع وجودي أمامه ككل مرة ،

متى آخر مرة نمت جيداً ؟ ، أذكر أنني نمت جيداً قبل أن يأتي والدي لزيارتي لكن منذ يومها لم أعد أنام والأرق أصبح يُصاحبني كَـظِليّ ، أقول أنه طبيعي بسبب الكافيين الموجود في النسكافيه خاصتي لكنني كنت أشربه قبلاً ولم يحدث شيئاً كـالأرق أبداً جسدي معتاد على تجرع هذه النسبة من الكافيين ولا يشعره هذا بالقلق كالآخرين ،

هل أنا مُكتئب ؟ ، هل يُمكنني حتى أن أصف ما أشعر به من تدهور وتحطم وتهشم مجرد " إكتئاب "  لا إنه أضخم من هذا ، الإكتئاب هَش سطحي ومابي عميق متين لم أستطع الخروج منه مهما حاولت ، أنا فاشِل ...

إنطفئ الموقد بفعل الماء يا الهي هذه المرة السابعة هذا الأسبوع ، تنهدت آخذاً ما تبقى من الماء ساكباً إياه في كوبيّ المفضل فوق النسكافيه خاصتيّ ،  ها نحن ذا وأخيراً،  سأكون بخير لا بأس بكل هذا الخراب بداخلي ، لا بأس بتهشمي ولا بأس بكل السوء الذي بي سأكون بخير بعد أن أموت سأكون بخير يوماً ما،

اشتغلت أُغنية من قائمة التشغيل التي قمت بتشغيلها أثناء وضعي للماء على الموقد إسمها : angel نظرت للهاتف ثم جلست أفكر وطيف وجهه الباسم بهدوء تشكل بكل أعذوبة أمامي تبسمت بسخرية يا لهُ من أحمق لقد أخذ رقمي حين ذهبت للحمام يظن أنني لم ألاحظ مكان هاتفي الذي تغير ، يَظن أنني أغفل عن أبسط الحركات والإيمائات ، إن لم أُلاحظ مكان الهاتف كنت سألاحظ آخر التطبيقات التي دخل عليها بينما كان يبحث عن رقمي فيها ، أحمق هذا الرجل أحمق كلياً وهذا يُقلقني ، كل شيء حوله يقلقني ،

إبتساماته ، هدوئه ، إيمائاته ، وهمهماته ، ردوده ، ولغة جسده ، جموده ونظراته المتفحصة لي أو المكثفة منها ، حِدته وعُقدة حاجبيه كل ما به يُصيب دواخلي بالقلق ، الآخرين لا يقلقون من أكبر الأشياء وأنا هنا مُشبّعاً بالقلق والتردد من أصغر التفاصيل ، أليس صعباً ما ينتابُني من شعورٌ بالقلق والتردد ،

ومُجدداً هل علي التفكير بشأنه ؟ ،ما كان علي الموافقة أنا أقول هذه الجملة للمرة المئة منذ تركته أمام المطعم اللعنة فقط ليحدث ما يحدث هو من أراد ذلك ،

لقد تعبت من كل هذا حقاً ، هذا الغُرابيّ الحادّ الأحمق سيصل لشيءٍ ما في عُمقيّ وهذا ما يوترني ، أعلم أنه ليس أحمق وأنه يرى ما بيّ ، أنه يعلم بما أفكر دون أن أقوم بنطقه ، يُجيّب على أسألتي دون أن أطرحها ، يفهم إشاراتيّ منذ الوهلة الأولى وهو يستجيب لها ، وهذا ما أخافه ، أخافه لكن بطريقة ما سيصبح أقرب والقُرب الذي سيصبحه مُرعب كان علي التنحي عنه ، كان علي الرحيل ، هذا الندم سيُرديني قتيلاً يوماً ما ،

لكنه أحمق لا يزال أحمقاً بنظري وأنا قَد قبلت بحمقك أيها الغُرابي ، وافقت على حماقتك لأنك تستخدمها لتصل ليّ ، ولأنك قد تَفهمني يوماً ما .

قَد تفهم ما لم أفهمه بذاتي ، قَد تَجد ما لم أجده فيني ، وقد تُشعل أضوائيّ المُنطفئة .

..

نِهاية الفصل السابع ★

ســرطــان الضَــميّــر | TK حيث تعيش القصص. اكتشف الآن