Part3

435 22 9
                                    

صدحت رائحة البُن المحمص بالشقة الصغيرة ذات غرفتيّ نومٍ يتوسطهما دورة مياة و غرفة جلوس أمامها مطبخ مكشوف مباشرة، يتمضوع البُن سائلًا في كوبين للشرب

أعد شيرلوك كوبين من القهوة له و للأشقر الذي يقرأ كتابًا رياضيًا
أول ما تأكد شيرلوك من جلبه للشقة كان كتب مختلفة تلهي عقل ويليام
وضع الكوبين على الطاولة الخشبية التي يقعد حولها ويليام

"تفضل"
نبس بها
ليومئ ويليام
"شكرًا"

وضع ويليام كتابه جانبًا ليمسك بكوب القهوة و يرتشفه
لم يخيم الصمت طويلًا ليبادر شيرلوك بقوله
"ليس لديّ عملٌ اليوم، فإجازة عيد الميلاد قد بدأت
هل ترغب بالخروج لرؤية الإحتفالات؟"

نظر ويليام للنافذة جواره و للثلوج التي تغطي كل ما هو بالخارج
لم يتنزه أو يخرج حقيقةً منذ طلوعه من المشفى
حتّى أنه لم يقابل بيلي الفتى الذي أنقذهما، لم يضغط شيرلوك عليه أبدًا
من الجيد أن ويليام يتنفس حتى هذه اللحظة و يأكل وجبات متفرقة من حين لآخر و ينام لوقتٍ ليس بالطويل
ليس جيدًا حقًا بالنسبة لشيرلوك لكنّه يؤمن أن كل شيء سيسير ببطئ و تروي
سيخيط كل جراحه قدر ما استطاع بالوقت المناسب

"لم أحتفل بالميلاد قبلًا"
أجابه ويليام بعد كثيرٍ من الصمت
لم يُصدم شيرلوك فهو يعلم كيف أفنى ويليام حياته

"إنها فرصتك لتحتفل هذا العام، من الجيد أن يبدأ المرء عامه مبتهجًا"

استنكر ويليام رغبة شيرلوك الشديدة بالإحتفال
"ما الذي جعلك تظن أن الإحتفالات أمرٌ مبهج؟"
سأله لييجب

"مبهج أن ترى سعادة الآخرين من حولك حتى و إن كنتَ لا تعرفهم، الجميع حينها يشعر <واو! لقد استطعنا الصمود حتى عيد الميلاد لهذه السنة على الرغم من كل شيء جرى بهذا العام!> ، إنه أمر يُثلج صدرك؛ رؤية سعادة الآخرين مبهجة و أريدك أن تجربها"

أمال ويليام رأسه قليلًا ليأخذ رشفة من كوب القهوة
"أعلم من أنني لم أرى سوى الجانب المظلم من البشر دائمًا، أو الجانب المزيف من النبلاء لذلك لا أستطيع فهم شعورك تحديدًا"
انهى شيرلوك كوب قهوته ليهم ناهضًا بنشاط
"اذن أعتبرها موافقة صحيح؟"
"لمَ لا؟"

منذ أن استقر ويليام مع شيرلوك قرر عيش حياة جديدة و تجربة الكثير
على الأقل إن كان يمتلك الوسيلة

"شيرلي مهلًا هل تود قتلي خنقًا؟"
تساءل ويليام متفاجئًا حينما أخرج شيرلوك معطفًا أسودًا طويلًًا و يبدو ثقيلًا بحق،
ضحك شيرلوك ليجيبه
"انت لا تعلم البرد القارس هنا كيف يلفح و يصل إلى عظامك"
صمت ويليام لفترة محدقًا بالمعطف على سريره
صرخ لشيرلوك الذي ذهب لغرفة نومه
"لماذا نتشارك خزانة الملابس من الأساس؟"
عاد شيرلوك خطواتٍ للوراء لينظر للأشقر المستاء من إنعدام الديمقراطية
غمز له ليردف
"ربما لأنه من الطبيعي أن تكون ملابسنا مشتركة و نحن فتيان بالعشرينات من العمر"
إرتدى ويليام معطفه على مضض إنه يكره البرد القارس و شيرلوك يعرف ذلك

مضى وقتٌ طويل منذ أن رأى ويليام الحياة و كيف تسري بالخارج، لفح الهواء البارد وجهه الشاحب و بإحدى عينيه السليمة رأى بهجة العالم.
و جمال الشوارع المزينة، و ما زادها جمالًا اكتساءها بالثلج الناصع
كان يمشي محاذاة شيرلوك ؛ الشخص الوحيد بالعالم الذي يعلم بحقيقته و حقيقة بقاءه حيًا بدولة جديدة تمامًا، نظرا لبعضهما ، أراد المحقق سؤال الأشقر إن كان الجو جيدًا لم يستطع السؤال و إذ بويليام يعطس فجأةً ضحك الاثنين و كأن عطسة ويليام أجابته قبل أن يسأل، أخرج شيرلوك الوشاح من حوله ليحطه حول عنق ويليام العاطس
تقدم شيرلوك للأمام بلا أن ينبس بشيء
فالمحقق عاطفيًا إمّا لعوب أو يظهر عدم إهتمامه على الرغم من عكس ذلك تمامًا
ابتسم ويليام بخفة
فكل ما يخص شيرلوك دافئ سواءً كان وشاحه أو عطفه
أكمل مسيره بجانب شيرلوك متجهين نحو الساحة الرئيسية حيث يتوسطها شجرة كريسماس كبيرة مزينة
بتلك اللحظة تحديدًا تداخلت الكثير من الأفكار برأس ويليام
هل يستحق أن يشهد رؤية هذا المنظر الجميل؟
رؤية سعادة الأطفال و بسمتهم؟
رؤية البهجة التي تحدث عنها شيرلوك؟
لقد حرَم الكثير من الأطفال الأبرياء تمامًا من فرحتهم مع والديهم
هناك الكثير ممن تركهم بلندن ملطخين بالكثير من البأساء بسببه
قاطع أفكاره تلويح كف شيرلوك أمامه جاذبًا انتباهه
"لم تسمعني أين سرحت؟"
"لا شيء"
يعلم شيرلوك من أن ليام قد يشعر بالذنب الآن و تحوم التساؤلات برأسه فهو لا يسرح لهذا الحد إلا عندما يغرق بظلمات أفعاله
و قطعًا شيرلوك لين يدعه يغرق أكثر من هذا
"هل أعجبك المنظر لهذا الحد؟"
سأله المحقق ليجيب المعني
"إنها المرة الأولى التي أخرج بها و أرى شجرة كريسماس
و المرة المئة التي أحرم سعادة أطفالٍ كُثر مع والديهم بيومٍ مميز"
تنهد شيرلوك بخفة
"أعلم و انا سعيد لأنني أقف هنا الآن معك، سعيدٌ لأن شخصًا تحمل جميع الأثقال و مسؤوليات مجتمعات يقف هنا سامحًا لنفسه أن يُبهج روحه مع الآخرين ؛ لأنه إنسان أيضًا"
لم يتوقع ويليام أن يفكر شيرلوك بهذه الطريقة ربما لو كان شخصٌ آخر بمكانه سيقول له نفس الشيء لكنه لا يستطيع محو شعور الذنب بهذه السهولة الشيء السهل الوحيد هنا الغرق بالظلمات
و شيرلوك هنا ؛ لإنقاذه مرارًا و تكرارًا من هذا الغرق

احتشد الناس السعيدين و الفرحين العائلات و الأصدقاء و ذلك جعل ويليام غير مرتاح، فبغض النظر عن كل شيء إنها المرة الأولى التي يرى بها بشرًا بكميات متفاوتة بعد ما يقرب الأربعة أشهر آخر مرة كانت عندما تلبس قناع الشيطان الذي سيحرر العالم من طبقيته الدنيئة حيث لم يفهم البشر و لم يفهموه
جال بباله دفء وشاح المحقق و شيرلوك نفسه و فكر بأن يده ستكون دافئة أيضًا ، سيكون أحسن حالًا إن أمسكه ؟
لكنه أردع نفسه حينما تذكر أنه بالخامسة و العشرين من عمره
ليس طفلًا بعد الآن ، كي يتشبث بأحدهم
لم يسعه الغرق بأفكاره مرةً أخرى سوى و بكف المحقق تحتضن يده
"أنت لم تكتشف أميركا بعد؛ سأرشدك للأفق البعيد!"
أردف بينما يتحاشى النظر للأشقر
و الذي أيقن أن شيرلوك خيال صنعته انسجة مخه مرسلةً شخصًا يفهمه أكثر من ذاته و هو الذي لم يجد شخصًا يفهمه و لو بنسبة ضئيلة..

تولد شعور جديد بداخل كل منهما، لا يمكن وصفهم بالسعداء لكنّ ليسوا بالوحيدين بعد الآن ..

.
.
.





ليام يكسر الخاطرر فكرة أنه حي بعد ما خطط نهاية لنفسه و انه يحس بالذنب و شعور سيء مع كميات الحيوات قدامه😣

Therapy||sherliamحيث تعيش القصص. اكتشف الآن