مساء الورد، موعدنا مع الفصل الرابع من رواية (عشقي)، قراءة ممتعة 🥰🥰#عشقي
#سمر_موسى
★★★★★★★★
كعادته التي لا يُغيرها، يستغل كل دقيقة تمر كي يقضيها معها؛ فهي نسيم الحياة بالنسبة إليه، دواؤه من كل داء يصيبه، ابنته، صديقته وإن لزم الأمر، ها هو جالسًا بجوارها على فراشها يتأمل ملامحها الملائكية، فبالرغم من صلابتها التي تُظهرها أمام الجميع إلا أنه يعلم أنها مجرد طفلة، طفلة تريد أن تعيش وتمرح لكن الحياة كانت قاسية عليها. مسد خصالها بأنامله وهو يطبع قبلة على جبينها جعلتها تفتح عينيها وهي تبتسم برقة؛ فمن غير والدها يفعل هذا؟!
أحمد بابتسامة: هيا استيقظي صغيرتي الكسولة، يجب أن تستعدي للحفل؛ لقد اقترب موعده.
عشق بابتسامة: حسنًا أبي، سوف أنهض الآن.
أحمد وهو يخطو نحو باب الغرفة: حسنًا، لا تتأخري.
التقطت عشق هاتفها ثم نظرت إلى الساعة لتجدها في تمام الخامسة، مما يعني أنها نامت لثلاث ساعات دون كوابيس وهذا يُعد إنجاز؛ فهي بالعادة لا ينقضي عليها ساعتين كاملتين من النوم دون رؤية كابوسها المزعج الذي حين يزورها يتركها وهي لا تستطيع العودة إلى النوم مرة أخرى، ابتسمت بحزن ثم نهضت من فراشها لتتجه نحو الحمام لتقف تحت مرش الماء الذي أسدل مياهه الدافئة على جسمها مما جعلها تشعر بالهدوء والاسترخاء، انتهت من ذلك لتقوم بتجفيف خصالها ثم خرجت لتدخل غرفة الملابس الخاص بها الملحقة بغرفتها لتجد الفستان الذي خصصته لذلك الحفل مُعلق أمامها وأسفله يوجد الحذاء، ابتسمت عشق وقد أدركت أن هدى من فعلت ذلك، جلست على المقعد الموضوع أمام طاولة زينتها والمرآة لتبدأ بوضع القليل من مستحضرات التجميل، القليل فقط الذي يزيدها جمالًا على جمالها، انتهت ثم ارتدت فستانها لتنظر إلى نفسها بالمرآة وهي تبتسم بثقة؛ فهي تدرك جيدًا أن اليوم لا يجب أن تُظهر ضعفها؛ فذلك الحفل مهم للغاية وهي تعلم أن غاية والدها منه ليس فقط الاحتفال بتخرجها لكن هو سوف يقوم بالإعلان عن شيءٍ آخر، نظرت إلى الساعة لتجد أنه لم يبق على موعد الحفل سوى ربع ساعة، خرجت من غرفتها ثم ذهبت إلى حديقة المنزل لتجد أن كل شيْ قد أُعد جيدًا.
بدأ المدعون بالحضور وها هي تقف بجوار أبيها لاستقبالهم خاطفة أنفاس من يقوم بتحيتها من الرجال وتُشعل نيران الغيرة في صدور النساء، أتى الجميع وبدأ الحفل، كادت عشق برفقة والدها أن تتحرك نحو الداخل لضيافة المدعوين، لكن قبل أن تخطو خطوة واحدة وجدت ليث برفقته أحد الرجال والذي لم يكن سوى كمال يقف أمامها هي ووالدها بطلته البهية وحضوره الطاغي، كان يرتدي بدلةً سوداء مع قميص وحذاء بنفس اللون لكن دون ربطة عنق ليظهر مدى شبابه، عنفوانه وتزيد وسامته أكثر عندما ظهرت ملامح جسده الرجولي مع ملامح وجهه الوسيم الحاد مما جعل عشق تتوتر وهي تشعر بهالته تطغي عليها وهو تراه يتحرك نحوها هي ووالدها.
أما هو أخذ قلبه ينبض بقوة عندما رآها واقفة هكذا برفقة والدها، كانت كالحورية التي خرجت من البحر لتسحره بجمالها الأخاذ، لكن مع نبضات قلبه المجنونة كان عقله يرسل إليه اشارات الغضب حينما رأى ما ترتديه حيث كان ترتدي فستان من المخمل باللون الأسود لا يغطي سوى ذراع واحد فقط من قماش الشيفون المنقوش باللون الفضي والذراع الآخر دون كم بينما صدرها غير مُغطى بالكامل حيث المخمل المنقوش يُغطي القليل منه وعندما تنظر إلى الأسفل تجد أن الفستان رغم طوله به فتحة من الجانب الأيمن تصلى لأعلى الركبة، تاركةً خصالها السوداء منسدلة بحرية على ظهرها، شرد قليلًا ناظرًا إليها وهو يفكر كيف نظر الرجال إليها وهي هكذا؛ ولم يجد سوى إجابة واحدة جعلت عروق عنقه تبرز من الغضب، أسدل جفنيه كي يهدأ وهو يسأل نفسه "وما شأنك أنت بمن نظر إليها وكيف نظر؟! لا شأن لك." ابتسم بثقة وهو يعاود إخبار نفسه "لكن قريبًا سوف يكون لي شأن، سوف يكون لي شأن لدرجة إنها لن تستطيع الخروج بتلك الثياب حتى من باب غرفتها."
أفاق من شروده على صوت كمال: ليث، لماذا تقف هكذا؟ هيا.
تقدم بخطواته هو وكمال نحو عشق ووالدها ليقوم أولًا بمصافحة أحمد وتحيته وهو يبتسم ويفعل كمال المثل ثم وقف أمام عشق لتتبدل ابتسامته اللطيفة لأخرى واثقة ليلتقط يدها بكفه رافعًا إياها أمام شفتيه ليقبلها برقة ولطف وهو يُلقي عليها التحية لتشعر هي بتوترها يزداد مع فعلته تلك ولا تعلم لمَ؛ فهي فمن المفترض معتادة على ذلك حيث هذا مألوف في مجال عملها هي ووالدها، لكن هو، هو مختلف عن البقية، هو يجعلها تشعر بأن قوتها وصلابتها تذهب في مهب الريح، فمنذ أن رأته عن قرب صباحًا وهي تشعر بذلك، إنه مختلف وحضوره له سطوة عليها وحتى الان لا تعلم السبب، ابتلعت رمقها بعدما ترك يدها لتسمعه يتحدث إليها بصوته العميق.
ليث وقد أخرج الصندوق الصغير الخاص بهديتها: تفضلي آنسة عشق، هذه هدية تخرجكِ.
عشق بابتسامة وهي تتناول الصندوق:شكرًا لك سيد ليث، لم يكن هناك داع لذلك؛ حضورك وحده يكفي.
ليث وما زالت الابتسامة على وجهه: هذا شيءٌ بسيط؛ وأرجو أن ينال إعجابك فلم أجد أفضل من ذلك يتناسب مع جمالك ورقتك.
فتحت عشق الصندوق ورأت ما به لتبتسم بإعجاب بهذه القطعة التي تدل على ذوقه الراقي ولكن جذب انتباهها ورقة مطوية تفوح منها رائحة عطر رجالي ولم يكن سوى عطر ليث القوي الجذاب بجوار "البروش" لتفتحها بعد أن نظرت إلى والدها فوجدته يتحدث مع ليث وكمال لتجد مكتوب بها (هدية لا تليق إلى بأميرة مثلكِ عشقي). نظرت إلى ليث بعينين متسعتين وهي تردد داخلها "عشقي، هل أضاف ياء الملكية إلى اسمي؟! منذ متى أصبحت عشقه؟!"
شعر بها تحدق فيه هكذا لينظر إليها مُبتسمًا بتلاعب وقد أدرك أنها قرأت ما هو مدون في الورقة مما جعل وجنتاها تتوردا بشكل لطيف جعلها تزداد جمالًا في عينيه.
عشق بتوتر ظهر جليًا عليها: شكرًا لك سيد ليث على هديتك الرقيقة، سوف أذهب كي أضعها بغرفتي.
صعدت عشق إلى غرفتها ثم وضعت الصندوق في خزنتها التي تحتفظ فيها بأشيائها الثمينة، اخرجت تلك الورقة وأخذت تردد كلماتها ولا تدري أن هناك ابتسامة تتسع رسمتها على شفتيها مع كل حرف تقوم بترديده، أغمضت عينيها وهي تشعر بنبضات قلبها تزداد هكذا للمرة الأولى في حياتها، أغلقت الخزنة ثم وقفت أمام مرآتها لتحدث نفسها "حسنًا أيها الملك، لنرى ما سوف تفعله بنا الأيام القادمة."
حضر مازن إلى الحفل ليخطو نحو أحمد بينما تتأبط ذراعه ابنته "جميلة" صديقة عشق الوحيدة.
مازن بسعادة بعد أن وقف أمام احمد: حفل رائع يا رجل، لكن أين هي عشق؟
أحمد وهو ينظر إلى جميلة: هي بغرفتها سوف تأتي الآن، جميلة، كيف حالك يا صغيرة؟
جميلة بمرح: بخير عمي العزيز الوسيم، أتعلم أمرًا، لو لم تكن بعمر أبي وبوسامتك تلك ما كنت تركتك دون أن أتزوجك، ما هذه الوسامة؟!
أحمد وهو يقهقه: أيتها المحتالة!
قام أحمد بصحبة مازن وجميلة حيث يقفا ليث وكمال وقاموا بالتعارف، وقعت عيناه عليها، تلك الفتاة ذات الجمال الغربي حيث أصول والدتها بريطانية، عينان باللون الأخضر كالغابات، خصال شعر كستنائية ذات تمويجة خفيفة مع بشرة بيضاء تشوبها حمرة طبيعية، كانت جميلة ترتدي فستانًا باللون الروز يعانق برقة منحنيات جسدها ليردد كمال في نفسه "جميلة، اسم على مُسمى، جميلة ولطيفة للغاية".
أما هي قد اتسعت عيناها باعجاب لم تستطع إخفاءه لتحادث نفسها هي الأخرى "يا الله، هل يوجد هذا الرجل في الواقع حقًا؟!" لقد كان كمال وسيم بدرجة قاتلة، جسد رياضي، عينان زرقاوان، خصال شعر حريرية باللون الأسود، مع بشرة برونزية، وسامته تلك سلبت جميلة أنفاسها، كان كلٍ منهما شاردًا بالآخر ولم يفيقا من شرودهما إلا على صوت عشق الواقفة أمامهما الآن.
عشق وهي تنظر إلى جميلة بعينين ضيقتين: هل تذكرتِ الآن أن اليوم حفل صديقتك؟ لماذا لم تأتي أبكر من ذلك؟
جميلة بابتسامة وهي تحتضنها: لم أستطع صدقيني.
عشق بابتسامة: حسنًا، سوف أمررها لكِ.
كانتا تتحدثان هكذا ولم يلاحظا تلك الأعين التي تنظر إليهما بعمق تثبر أغوار روحهما. مر قليل من الوقت ليقف أحمد أمام الجمع الموجود في الحفل وهو يحمل الميكروفون.
أحمد بسعادة: لقد سعدت اليوم بحضوركم كي نحتفل معًا بتخرج ابنتي ومدللتي عشق، ابنتي التي جعلتني فخورًا وسعيدًا بها للغاية - ثم نظر إلى عشق الواقفة أمامه بجوار جميلة ومازن – والآن صغيرتي بعد أن تخرجتي بتفوق قد حان وقت راحتي وتقاعدي عن العمل، فمنذ اليوم أيها السادات والسادة أصبحت عشق أحمد الزاهد هي المسؤولة عن إدارة مجموعة شركات الزاهد.
خطت عشق نحو والدها لتحتضنه بسعادة وهي مبتسمة، ليبتعد عنها أحمد وما زال يحاوط خصرها بذراعه .
أحمد ابتسامة: والآن عشق، حان وقت هديتك، انظري.
نظرت عشق إلى المكان الذي أشار عليه والدها لتجد سيارة رياضية من أغلى الماركات الموجودة العالم باللون الذي تفضله في السيارات، لتضحك بسعادة مما جعل الجميع يبتسم على سعادتها تلك وهي تشكر والدها.
جميلة وهي تنظر إليها بمكر: لا نريد شكر بكلمات، هيا اعزفي لنا شيئًا، فبعضكم لا يعلم أن عشق عازفة كمان ماهرة.
ترددت أصوات الجميع تطالبها بأن تعزف؛ لتخبر أحد العاملين أن يطلب من هدى أن تحضر الكمان الخاص بها من غرفتها، كان الكمان خاصتها مميز للغاية ذو شكل ولون جميل وفريد، وقفت أمام الجميع وهي تمسك به ثم استنشقت الهواء وزفرته بقوة، أغمضت عينيها وبدأت بالعزف ليصمت الجميع مأخوذين بعزفها، يستمتعون بهذا اللحن الحزين الذي تعزفه كما لو كانت تعزفه على أوتار قلوبهم، جعلت كلٍ منهم بعزفها هذا يشرد فيما يحمله من حزن دفين داخل قلبه، أما هو كان يراقبها عن كثب، كيف تعبر ملامح وجهها عن كل نوتة تعزفها، تتغير مع تغير النغمة كأنها كانت تعزف بروحها ليحدث نفسه "كنت أعلم عشق، كنت أعلم أن قوتكِ وصلابتكِ ما هي إلا قناع تخفين خلفه الحزن والألم".
كانت تعزف وتعزف وهي ترى أمامها ما حدث في تلك الليلة المشؤومة ولم تشعر بتلك الدموع التي سالت على وجنتيها، لم تشعر سوى بيد أحدهم يأخذ منها الكمان ويجذبها لتسير معه، فتحت عينيها ولم تجد سواه، ومن يستطيع فعل ذلك غيره، ليث، لتسير معه وهي لا تدري ما مصيرها معه، لكن ما تعلمه جيدًا أنها تشعر بالاطمئنان الآن ويده تحتضن كفها هكذا وهذا ما تحتاج إليه في الوقت الراهن.

أنت تقرأ
عشقي
Romantikعانت كثيرًا بسبب مقتل شقيقتها التوأم أمام عينيها، أصبحت باردة وغامضة، منافسة قوية لأنجح وأكبر رجل أعمال بالرغم من حداثة عمرها، لكن هذا كله لا يمنع عنها ما سوف يحدث لها من قبل قاتل شقيقتها، غموض في حياتها العائلية، لتصبح في النهاية مجهولة الهوية، لا...