"آل دورادو"

29 8 0
                                    


            "المدينة الحمراء"
وأخيرا بدأت رحلتهما الجديدة، والوجهة الآن "آل دورادو"، وكانت صحراء قاحلة، إشترى "أيهم" جملين، وإنتقلا إلى المدينة، كانت المباني من الطوب الأحمر، لقد كانت مدينة حمراء بالفعل، بعد ذلك الغروب الرائع، الذي بدت فيه الشمس_ الحمراء بالخيوط البرتقالية في السماء مع زرقة طفيفة_ تعانق الأرض و تودعها، على أمل اللقاء غدا صباحا، وأسدل الليل أوشحته، وتناثرت النجوم في سمائه، كانت تتلألأ مثل الأحجار الكريمة، وكان القمر بدرا في تلك الليلة، يضيء الطرقات ويسهل الرؤية على شعبها، دلفا إحدى بيوت المدينة ، كان لصديق "أيهم"، وكان اسمه "حارث" وزوجته "رسيل" وكان لهما إبن صغير اسمه "سراج"، كان أبوه يردد حين يراه ﴿سِرَجًا وَهَّاجًّا} تباركا به، كانت نظراته مخيفة، خالية تماما من البراءة، إقشعر بدن "تالية" لرؤيته وذهبت الى المطبخ تساعد السيدة "رسيل"، أعدا مائدة العشاء وتناولو بنهم، إلا "سراج" فقد كان يحدق في "تالية" بنظرة مرعبة خلعت قلبها، ذهب كل واحد للنوم، وكانت "تالية" ستنام مع "رسيل" وإبنها "سراج"، لم يعجبها الأمر لكنها إختارت الصمت، وفي حدود الساعة الثانية عشر ليلا، أحست بالإختناق، عندما فتحت عينيها وجدت "سراج" جالسا فوق صدرها، كتمت صرختها ودفعته لتتحرر، لكنه عاد ليحاول خنقها، صاحت وهي تقول:
_إبتعد عني أيها العفريت، ماذا تريد مني!.
إستيقظ الجميع على صوت صياحها، ومن بينهم "أيهم" الذي إنقبض صدره خوفا عليها، صعد "سراج" في الهواء وبدأ يتخبط حتى خرجت من جسمه عجوز قبيحة ذات كيان أثيري.

وقع في الأرض فحملته أمه وذهبت به إلى الغرفة الأخرى، نطقت العجوز بصوتين أجشين:
_أيتها الفتاة هل أنت مستكشفة!.
صمتت برهة ثم ردت عليها قائلة:
_ماذا تعنين بمستكشفة!.
_أنت تبدين غريبة، ثيابك وملامحك ليست من هنا وليست من البلدان الأخرى، إذا أنت من عالم آخر!.
_نعم أنا لست من هنا، لاكنني لست مستكشفة.
ألقت عليها العجوز طلسما من ثلاث كلمات رددتها لم يفهمها أحد، وإختفت في لمح البصر، بعدما قالت:
_لانريد الغرباء هنا، لا نريد أن يحدث ما حدث من قبل.
نظر "أيهم" الى "تالية" فوجدها ساكنة في مكانها، إقترب منها وأمسك يدها فوجدها باردة كالجليد، قال لها والخوف يسيطر عليه:
_ما بِك يا صغيرتي!، لماذا لا تتكلمين!.
لم ترد عليه بل لم تستطع تحريك شفتيها حتّى إنخلع قلبه مما رآه!، فقد نظر إلى عينيها و وجد لون عينيها العسلي قد إستحال إلى اللون الأبيض! ، فغر فاه و أسرع بها إلى احد الحكماء، وبعد فحصها الطويل، نزع عويناته من عينيه، وقال مرتبكا:
_إنها موسومة بطريقة ما، فهي تحت سيطرة الساحرة.
قال له "أيهم" هامسا والحزن يسيطر على ملامحه:
_ماذا سنفعل يا "آصف"!.
_عليك أن تقتل هذه الساحرة وتقتلع قلبها، وتردد بعض الطلاسم الموجودة في هذه العلبة مع الخنجر، وإحترس من الجن فهم يساعدون السحرة.
إبتلع ريقه فهو لا يعلم أين يجد تلك الساحرة، بقي يتطلع إليها وهو يشفق عليها، لقت عاشت الكثير بسببه.

            " الصحراء"
قرر أن يذهب للبحث عن التميمة، فإنطلق وهو يحمل "تالية" على كتفيه، وبعد سير لمدة يومين كاملين وهو لم يجد لا الساحرة ولا التميمة، وصل الى أحد الأهرام المشابهة لأهرامات مصر، توقفوا أمامه، وراح يتوضىء ويصلي، دعى الله الواحد الأحد أن يخلص حبيبته من هذا الوسم، وقرأ القرآن بصوته الجوهري، ظنا منه انها ستتحرر، لكن لم يحدث شيء، تسلل اليأس الى قلبه، وبعد دقائق لمحها تحرك أطراف أصابعها ثم يديها حتى أصبحت تتحرك، أسرع إليها وهو يترقب أن يتحول لون عينيها إلى أصله، خاب ظنه وأمسك يديها ودخل إلى الهرم، بدأت الأرض بالإعوجاج حتى وجدا درجا يؤدي إلى أسفل الأرض، كانت هناك ردهة واسعة ونهايتها مسدودة، بدأ يبحث عن صخرة في السور الذي يسد الطريق حتى وجده وإنبثق السور إلى قسمين، كانت غرفة مملوئة بالذهب والكنوز، إستحال لون الجدران الى اللون الأصفر من شدة لمعان الذهب، وفي نهاية الغرفة، وجدا حجرا طويلا في شكل مستطيل مجسم، دس بأصبعه على حجرة بارزة فخرجت منها التميمة الثالثة، كانت على شكل شمس و عليها سهم، كان لونها أصفر مسود مصنوع من البيريت، والسهم برتقالي من كنزل.

بدأت الجدران بالإنهيار مثلما حدث سابقا في المغارة، حملها على ظهره وبدأ يركض إلى المخرج،حتى إخترق الضوء، إختفى الهرم تحت الرمال وظهرت فجأة تلك الساحرة وهي تتوهج!.
كانت تشتعل غضبا لسبب ما ، حاول"أيهم" اختراق قلبها، لكن محاولاته  عليها باءت بالفشل، فقد كانت سريعة وتستطيع الطيران، دارت حولهما و بدأت تهوج وتموج ، وفي لحظة خاطفة حملت "تالية" وطارت بها بعيدا وهي تقول:
_لن يتكرر الامر مرتين.
ركض "أيهم" خلفهما وفي الأخير استسلم للتعب، انهارت قواه وهو يفكر في الأمر الذى تخشاه تلك العجوز والى اين أخذت "تالیة" ياتری !.
خرج من تلك من تلك الصحراء وھو خائر القوى ولا يدري إلى أين يتجه!، لقد تركته حبيبته في حيرة ، فقدان الحبيب موجع جدا، وقد يؤدي بك إلى التيه في دهاليز مخاوفك ، وأملك الوحيد هو أن يعود، لتعانقه بكل جوارحك ، ولا تتركه مرة أخرى.

"طرقات الحُبّ" | Ways of the love حيث تعيش القصص. اكتشف الآن