الفصل الخامس عشر : حلم عابر

334 30 2
                                    

لا يزال الوضع مشتتاً في عقلها، تجمعت افكارها عند سماعها للشخص الذي كان يتلي نذور زواجهما وهو يقول

" يستطيع الزوج ان يقبل زوجته" 

صرخت في داخلها " يقبل!؟ " 

قبل ان تبدي رد فعلها و محاولتها للتواصل مع آرثر بصرياً، كانت القبلة المفاجئة التي تركت على خدها لها رأي آخر 

في لحظة احمرار خديها، توالت أصوات التصفيق و رفع الحضور كؤوسهم بفرح و توجهوا لتهنئة الزوجين، كانت كارمن تبتسم مع كل من تلاقيه وهي تشعر بالتوتر من هذا العدد الكبير من الناس الذين لا تعرفهم 


بدأ الناس يتكلمون مع بعضهم و يتمتعون بالطعام الفاخر و النبيذ، ذهب آرثر للتكلم مع مجموعة من الرجال تاركاً كارمن بمفردها وهي متحيرة ، جلست على اقرب كرسي لها وهي تراقب الناس، فاجئها صوت امرأة وهي تقول 

" هل انتي العروس الجديدة ؟" 


نظرت كارمن لها بأستغراب من سؤالها ولكن عند التركيز في عينيها اكتشفت أنها لا ترى ، هذه المرأة عمياء ولكن ملابسها كانت تدل على أنها ذات مكانة مرموقة قبل أن تحاول كارمن اجابتها ردت المرأة مغطيتاً عن سؤالها السابق وهي تقول 


" أعذريني فأنا لا استطيع التعرف على الأشخاص بسهولة بسبب وضعي الصحي الذي ترينه الآن " 

سألتها كارمن بأدب " لا داعي لذلك سيدتي، أردت سؤالكِ ما هي قرابتك مع عائلة ريفانو، لستِ مجبرة على الاجابة انا فقط اشعر بالفضول" 

ترددت  قليلاً ثم قالت " نحن نتقارب في القلوب ولكن ليس في المسافات "


كانت هذه الإجابة غامضة لكارمن لكنها لم تتسائل، بسبب سؤال المرأة لها " هل انتي سعيدة بهذا الزواج؟ "

" بالطبع، لم يكن زواجاً مدبراً بشكل دقيق، لقد وافقت بأرادتي "

و اكملت وهي تحدق بآرثر " لكن لا اعرف، هل هو لا يفهمني أم أنا التي لا تفهمه "


" من الطبيعي حدوث هذا، الالتقاء بأشخاص جدد و وصولنا فجاة معهم الى هذا المكان يجعلنا مرتبكين لكن الوقت يحل كل شيء و ايضاً انا اراهنكِ انه قد احبكِ بشدة منذ ان وقعت عينه في عينيكِ" 


ابتسمت كارمن بخجل، كانت تود اكمال حديثها معها ولكن اتى آرثر لها و هو يقول لها " كارمن، تعالي معي قليلاً "

تفاجئة كارمن قليلاً و نظرت الى المراة وهي تستأذن منها بالرحيل، شعرت المرأة بأبتعاد كارمن و جلوس شخص اخر بقربها وهو يقول 


" انهما محظوظان لحصولهما على بعضهما البعض، أليس كذلك مادلين؟ " 


عرفت المرأة صوت الرجل، انه زوجها الذي كانت تسمع صوته كل يوم قبل فقدانها لبصرها ، لم تستطع رؤيته مجدداً ولكنها كانت تستذكر ملامحه في عقلها عند كلامه، حتى لو كانت الصورة التي تكونها مشوشة قليلاً 


ابتسمت وقالت بتنهد مع القليل من الحزن " كم اتمنى رؤيته و رؤيتها، و ايضاً صغيرتي إيفا، اشتاق لتسريح شعرها و تناولنا للكعك معاً " 


تباطئة انفاس الرجل محاولاً كبت الألم الذي يجتاح قلبه، امسك بيديها وهو يقول " اعلم… اعلم انكِ لن تغيري رأيكِ ولكني سأطلب منكِ التفكير مرة اخرى" 


" لا… لا داعي لذلك، اذا كانوا بصحة جيدة و يعيشون حياة طبيعية فأنا ايضاً سأعيش بسلام، و ايضاً ليس و كأنكم لن تروني ابداً " 


اخذ آرثر يعرف اصدقائه بكارمن، لم تنسجم معهم جيداً، كانت تشعر بالاختناق في صدرها كأن هناك شخص يراقبها كانت ترى شخصاً يقف في احدى الزوايا و ينظر بحقد لها او بالاحرى كان ينظر الى آرثر، ابعدت نظرها عنه بعد سؤال احد اصدقاء آرثر لها 


" هل صحيح ان لون عينيكِ نادر هنا؟" 

" اه… اجل" 

نظرت مرة اخرى لنفس مكان تواجد ذلك الرجل ولكنها لم تجده، شعرت انها كانت تتخيل فقط بسبب الإجهاد و التوتر، بدأت الاسئلة تطرح على كارمن وهي تحاول المحافظة على ابتسامتها و اختيارها للكلمات المناسبة 

لاحظ آرثر ترنحها و صوتها الذي كان ينخفض، اسند يدها على عضده و قال لهم بأستئذان " سنذهب للحصول على شيء نشربه، سأعود إليكم فيما بعد" 

اجلس آرثر كارمن على أحد المقاعد و جلب لها كأساً من الماء و سألها اذا كانت قد تناولت اي شيء قبل الزفاف، فأجابة ان اخر شيء تناولته كان قبل خمس ساعات قبل الزفاف وقالت انها كانت غارقة في التجهيزات 


" لم يكن هناك أي داعي لإرهاق نفسكِ "


" اردت ان اعطي انطباعاً مثالياً، ولكن يبدو ان بضع كلمات و القليل من الجهد قد تغلب علي بالفعل" 

ساد الصمت بينهما قليلاً حتى قال آرثر " لستِ ملزمة على ان تكوني مثالية، انا افضلكِ على طبيعتكِ" 

و اردف بسرعة " سأذهب لأجلب لكِ بعض الطعام، انتظري قليلاً " 


ضحكت قليلاً ثم تنهدت وهي تفكر في نفسها و تقول" لا اعرف كيف سأتعامل مع هذه المشاعر عندما أعود لواقعي البائس، هل سأكون قادرة على اعتبار كل شخص التقيته و كل شخص احمل المشاعر تجاهه… مجرد حلم عابر "

هذَه الُِمرٍة لُِن أعٍوُدِ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن