أنا أعيش مع أمي في بيت صغير وتعمل أمي كممرضه لدى قريتنا...
لا أعرف عن أبي حتى ولو شيئاً واحد فلقد مات وقد كنت في بطن أمي...
ولم تخبرني أمي عن والدي شيئاً، مثلا ماذا يحب أو ماذا يكره فقط أنه توفي إثر إنهيار أرضي...
وفي يوم من الأيام كنت اتمشى في قريتنا الصغيره الهادئة ... فكان هواءها العليل جميلا جدا ..
وبينما انا اتمشى جاء مطراً غزير فقلت لنفسي: لقد اتى المطر اليوم مفاجئا !!...
فأحسست بشعور غريب يراودني.. والرياح كانت باردةً جداً فذهبت مسرعةً الى تحت شجره ضخمه لكي تظللني من المطر .. فسمعت كأن شيئا ما خلفي فألتفت الى وراء الشجره ولم ارى شيئاً ..
فتذكرت امي عندما كانت تقول لي دائما : لا تخرجي وحدك في القريه عندما يأتي المطر.
فأخذتني قشعريرة غريبه وزادت الهمسات من ورائي... وشعرت بشيئ ما خلفي تبدو كهمسات حيوان !!! ولكنني أردت أن أتجاهلة لكي لا أخاف أكثر.
ولكنها إزدادت الهمسات،فخفت كثيراً من أن يكون حيوان مفترس أو شيء من هذا القبيل... فأردت إختلاس النظر كي لا يكون شيئاً تافهاً عندما أراة وأكون كالبلهاء التي خافت من دون شيء يستحق الخوف...
فنظرت الى ورائي ببطء شديد، فاتسعت عيناي عندما رأيتة.
خفق قلبي بشدة وارتعدت في مكاني... حقاً لقد عجزت عن الهروب.
لقد كان شيئاً لم أرة طوال حياتي... غريب جداً.
فقلت في نفسي: يبدو كإنسان ... لا لا ..انه جني .
فصرخت خائفه لأنني لم ارى شيئاً كهذا في حياتي إلا في المسلسلات الكرتونيه.
وقد كانت الدماء تغطي جسمة اعتقدت انه ضرب من قبل البشر ..
ففتح عيونه ببطء فكانت عيناه واسعتان وأذناه كبيرتان ثم صرخت فزعه وقمت هاربه متوجهه الى المنزل...
وأثناء هروبي راودتني في نفسي الشعور بالرحمة تجاهه فكنت متردده من الرجوع اليه مرةً ثانيه ..لكنني ذهبت اليه وأخذته فكان ثقيلا للغايه فذهبت به الى المنزل فدخلت متخفيه الى غرفتي لكي لا تراني امي آخذة اياه ..
فطرحته على سريري وغطيته بغطاء لكي يتجفف من المطر ثم ذهبت الى غرفة امي ابحث عن صندوق الإسعافات الأوليه أشفي بها جروحة ..
فرأتني امي واستغربت عما كنت أفعله : ماذا تفعلين ؟؟ ولماذا اتيتي متأخره اليوم ؟؟
صعقت حينها ولكنني أجبتها : امي انا آسفه اعذريني الآن فلدي عملاً آخر لأنجزه ..
فصمتت امي ولم تقل لي شيئاً.. فتعجبت من صمتها فلأول مره لا تجادلني بحديثها... فدخلت الى غرفتي وأقفلت على نفسي بالمفتاح وذهبت الى الجني لأضمد ساعده المليئ بالجروح .
وبعدما اكملت تضميده فتح عينينه ونظر الي مباشرةً ...فقمت من جانبه خائفه من ان يتعافى ثم يلتهمني أو يؤذيني ..
ففتح فمه ببطئ وقال: لا تخافي ..
فاتسعت عيناي مندهشه من الذي يحصل معي !!
فقلت بصوتٍ عال: هل تكلمت للتو ؟؟
أجاب وهو يحدق بي: نعم ..انني اتكلم .
فاغلقت فمي خشية ان اصرخ مرةً اخرى..
ثم تحدث منزعجاً : لا تقفي متجمدةً هكذا كالصخره .. إذهبي وإحضري لي بعض الماء .
تمتمت برعب : اجل إنه يتكلم ..إنه يتكلم.
وما ان كنت ذاهبه إلا وفقدت الوعي من شدة وجلي ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إستيقضت واصتدمت عند رؤيتي لوجهه مقترباً مني ..
فصرخت بكل ما أوتيت من قوه : إبتعد عني.
سمعت امي صراخي وأردفت قائله : هيتومي ..هيتومي ..هل انت بخير؟؟
فأجبت متردده وقلبي يخفق بشده : انني بخير يا امي... فقط إنه صرصور كبير.
غضب عندما ادرك مالذي نعته....
وقال جازاً على أسنانه: أنا صرصور؟!!!!!
ثم أردف: إذاً اسمك هيتومي ..ياله من اسم سيئ !!
فغضبت كثيرا منه : فقلت له إن اسمي معناه -العين-
فضحك بسخريه وقال: وكيف يعني -العين-
فقلتُ في دلع : هذا الإسم عادةً مايعطى للفتيات التي يمتلكن عينان جميلتان .. وليستا عينان كبيرتان مفزعتان مثلك.
فانزعج قائلاً : يالك من فتاة غريبه .
ــ هاه من هو الغريب انا او انت ؟؟..هل تتحدث عن نفسك ؟؟
قاطعني بتجهم : صحيح ..لماذا اخذتيني إلى منزلك ؟ ألم يراودك شعور انني سوف التهمك فيما بعد ؟؟
أجبت : لا اعلم ..لكنني رأيتك مصاباً فلم احتمل رؤيتك تعاني تحت المطر.
فقال ساخراً : يالك من فتاة طيبة القلب !!!
أتأوين كل من رأيته أمامك؟!
إنني أتضور جوعاً الآن واريد ان التهمك !!
فنهضت فزعة وأردفت : هل انت جاد الآن فيما تقول؟؟.. لقد انقذت حياتك والآن تريد إلتهامي ؟؟
ً إنفجر ضاحكاً: امزح، امزح انني لا آكل لحم البشر ...
ثم ارتحت لقوله هذا وذهبت لإعطائه شيئاً يؤكل... فهو في حالة مزرية ولا يزال ضيفي الغريب الذي أدخلته منزلي.
وبينما انا في المطبخ أبحث عن بعض الطعام المفيد له دخلت امي متخفيه الى غرفتي !!!
فأدركت انها دخلت الغرفه وفزعت من ان تراه ..
فخرجت امي من الغرفه ونظرت الي بنظرات حاده وقالت :
هيتومي .. اخبريني مالذي تفعلينه الآن؟!!
أتخفين عني هذا؟!
وأشارت الى القطن المليء بالدم فوق سريري...
إنعقد لساني ولم أعرف ما أقوله في تلك اللحظه... وبدأت يداي ترتجف خوفاً فلو علمت بأنه معي لأصابه الكثير منها فهي دائماً تمنعني عن قراءة القصص الخياليه أو الفانتازيا فضلاً عن مخلوق حقيقي في غرفتي، أخاف أن تقتله حقاً.
أقتربت مني بسرعه وبدأت تتحسس جسدي محاولة العثور على أي جرحٍ فيّ.
فقالت وهي تتوجس: هل أصبتي بأي أذى كالمرة الأخيره؟!
قلت لك مراراً وتكراراً بأن لا تظللي تحت المطر فتنزلقي بالحشائش الرطبه.
فإرتحت كثيراً لعدم معرفتها بالأمر... ثم مددت نظري الى غرفتي ولم ارى الجني ..فاستغربت وقلت لامي : لا تقلقي يا أمي، إنها ليست دمائي وإنما قطة صغيره عثرت عليها في بهو المنزل.
ثم أردفت قائله: امي انا جائعة جدا.. ارجوك حضري لي بعض الطعام ..
فقالت مستغربه: يا للعجب !! لأول مره تطلبي مني هذا الطلب ..سوف احضّر لكي الطعام الآن.
فدخلت الى الغرفه ونظرت الى تحت سريري فلم اره ثم نظرت الى خزانة الملابس فلم يكن موجوداً بأي مكان من الغرفه... فأنتابني الشعور بالحزن لانني سوف اكون وحيده مرةً اخرى.
ثم وضعت رأسي على السرير وأغلقت عيناي وقلت :لن يعود مرةً ثانيه.
وبينما انا حزينه سمعت صوته من جانب رأسي يقول: هل حزنت على ذهابي ؟
فإلتفت اليه وهو مبتسم يحدق في وجهي فضربته على ساعده وقلت له : ولماذا سوف احزن عليك ؟هل لانك لطيف معي مثلاً ؟
فقال: لا تنكري الأمر وإعترفي ..
ثم سمعنا صوت امي تقول : هيتومي هيا لقد احضرت لك الطعام...
فقلت له : لقد احضرت لك الاكل قبل قليل ..هيا تناول طعامك...وانا سوف اتناول طعامي مع امي .
وبينما انا ذاهبه قلت له : اجلس هنا لا تذهب الى أي مكان آخر .
فقال ساخراً : لماذا هل احببتني ؟؟
فرمقته بنظرةٍ غاضبه وأردفت : لاتجعلني ارتكب جريمة الآن ..لا تذهب لانك مازلت مصاباً.
وبعدها اكملت طعامي مع امي مسرعة لكي اتأكد من انه مازال في الغرفه.
ـــ شكراً لك على الطعام يا أمي العزيزه، سوف اذهب الآن .
ــ سوف تغسلين الصحون انتي اليوم.
فقلت ُ مترجيةً : اعذريني اليوم فقط يا أمي ارجوكِ ..
ــ انا لا اعلم اليوم ماذا تخفين عني !؟ لكنني سوف اكتشفه قريباً ..
فبلعت ريقي خوفاً منها وقلت بخوف : انا آسفه يا أمي.
ثم دخلت الى الجني فقلت له: ستخبرني الآن من اين اتيت؟؟ولم كنت مجروحاً ؟
فقال ساخراً: لماذا هل تريدين الزواج بي؟! هل أعجبتي بي في هذه السرعه؟! أنا أعرف أنني جذاب ووسيم للغايه ولكنني لم أتوقع منك هذا الرد بسرعه.
فقشعر جسدي لمجرد التخيل فيما قاله، ثم رمقته بنظرات حاده جعلته يتراجع عن كلامه قائلاً: أليس صحيحاً؟! ايييي...حسناً، حسناً سوف أخبرك...
في الحقيقيه انا امير في عالمنا...
فضحكت عليه وقلت : ماذا انت امير؟!!
ــ لا تسخري إنني أقول الحقيقه... ابي هو حاكم مملكتنا لذا أنا أمير عالمنا....وسبب انني كنت مصاباً هو الحرب التي نشبت بين ابي وعمي ..
فقلتُ متفاجئه : ماذا بين ابوك وعمك يبدو أنكم لستم لطفاء للغاية ؟؟
ــ نعم، إن عمي يريد ان يحكم المملكه، وفي ما مضى عندما كان جدي الحقيقي حياً قال جدي ان الحكم لأبي... وأخي الكبير ذهب ضحيه لهذه الحرب...
شعرت بالأسف الشديد عليه فقلت : انا آسفه... لقد حزنت كثيرا..
ــ لا تتأسفي .. حتى ان اباك ذهب ضحيه مثله..
فقلت بصوتٍ عال : ماذا ؟؟
فأخذ يده وأغلق على فمي... وقال: شششش سوف تسمع امك.
ثم ابعدت يده من فمي وقلت: لكن امي قالت ان ابي مات نتيجةً لإنهيار أرضي!.
ــ لا تصدقي ..
ــ وكيف اصدقك انت ؟
ــ سوف احكي لك القصه كامله من بدايتها.
وما ان بدأ يحكي القصه حتى جاءت امي تدق باب الغرفه...
أمسكته من ملابسه وأخذت أجره بعنف الى تحت سريري وهو يتأوه... فلم أبالي لنحيبه وركلت مؤخرته دافعةً إياها.
إقتحمت أمي الغرفه بسرعه كالعاده...
فقالت امي : هيتومي... اريد ان اجلس بجانبك قليلاً .
فقلت مرتبكه : ادخلي... سوف احضّر القهوة وآتي.
ــ لا اريد القهوة.. تعالي واجلسي بجانبي .
فجلست انا وهي فوق السرير... وانا خائفه جدا.. من ان تكتشف الجني.
ـــ هيتومي... هل تعرفين ماهي مناسبة الغد؟؟
ــ لا اعرف يا أمي .. هل هو عيد الأم ؟ إنتظري قليلاً.. ذكرى وفاة أبي أليس صحيحاً؟!
تكلمتُ بهمجيه بسبب توتري بالرغم أنني أعرف أن عيد الأم في الشهر الثالث، وذكرى وفاة أبي هي بالشهر العاشر من السنه ونحن مازلنا في الشهر الخامس.
فقالت وهي ترمقني بنظرةٍ خائفه: مالذي تقولينه؟! إنك تخيفيني ... أفقدتِ الذاكره؟
ثم أردفت قائله: إنه عيد ميلادك الواحد والعشرين.
فابتسمت إبتسامه مصطنعه وأردفت : نعم انه صحيح.. ماذا نفعل ؟ هل نشتري الحلوى غداً؟؟..
ــ نعم.. ونقضي اليوم كاملاً بجانب النهر ايضاً ...
ولكن ليس لدينا المال الكافي لشراء الحلوى..
ففكرت قليلاً ثم قلت لها: لا داعي للحلوى يا أمي..
ــ لا يصلح عيد الميلاد إلا بحلوى سوف احضّر الحلوى بنفسي للغد .
فقلت ًّ: حسناً وأنا سوف اساعدك..
فقالت: لا ..انه عيد ميلادك سوف احضّرهن بنفسي.
ثم تحولت عني قائله: لا تسهري كالعاده وتقضي كامل يومك غداً تتثائبي في وجهي... هل فهمت ما أقوله؟!
فأجبتها وأنا أمشي خلفها لكي تخرج وأغلق الباب من ورائها: حسناً حسناً... سوف أنام الآن.
وما إن طأت قدماها خارج الغرفه حتى أغلقت بالمفتاح بسرعة البرق...
وتوجهت الى تحت سريري باحثةً عن الجني المزعج.
فقال الجني من ورائي : سوف يكون عيد ميلادك هذا معي أليس رائعاً؟!
ــ وما الرائع في هذا مادامت امي لا تعرف بشأنك..
ــ لا عليك... سوف اكون متخفياً فقط .
فقلت بذهول : هل حقاً تقدر ان تختفي ؟!
ــ بالطبع لقد اتت امك قبل قليل وكنت متخفياً بالفعل..
ــ واو ياله من امر رائع لكنك لم تكمل لي القصه ..
ــ لن اخبرك يا هيتومي لأن عيد ميلادك غداً...
حزنت لعدم إخباره لي فقلت مترجيه : لا.. أرجوك أخبرني...
فقال مقاطعاً لي يتفاخر بنفسه : هل تعرفين شيئاً إن هذة ليست القدرة الوحيدة التي لدي فأنا أستطيع أن أتنقل عبر الفضاء من مكان الى آخر كسرعة البرق.
ثم تلاشى شيئاً فشيئاً من جانبي فذهلت جدا من رؤيته يتلاشى امام عيناي... لقد أعجبت حقاً بقدراتة هذه لو كنت أستطيع حقاً أن أتنقل مثله لكنت ذهبت الى فرنسا وبريطانيا وجميع البلدان التي أحلم برؤيتها.
***** ***** ***** ***** *****
أنت تقرأ
المطر الصامت
Fantasyأتعتقدون حقاً أن تعدد العوالم شيئاً خرافي؟! نعم... لقد توقعت إجابتكم، إنها نفس إجابتي قبل أن أعيش كل هذا.... يوجد عوالم أخرى مثل هذا العالم 🌏 الذي دخلته أنا بنفسي كعالم ميونانغ قدراتهم متفاوته فمنهم من يبرع بشيء ويخفق بشيء، كطبيعتنا نحن البشر...