«السَماءُ لا تُمطِرُ عَبَثًا إنها تُحاوِلُ إمساكَنا بِقَطَراتِها، تُحاوِلُ إمساكَ اؤلائِكَ الذين يُمطِرونَ سِرًا كما لو إنها تأتي لِتُطَبطِبَ عليهم و تُخبرهم إنها مَعَهم و تَشعُرُ بِهم ، تَشعُرُ شَجَنهم.»
دَوَنَ قلمي الهندام الذي كُنت قد زينتُهُ بريشةٍ بيضاء في وقتٍ سابق خاطاً كُلَ ما جالَ في خُلجي الآن و أنا أتَبِعُ طريقتي في التنفيس عن نفسي و ضجيج عقلي بالكتابة كما أفعَلُ مُنذُ الأزل، منذ نعومة أصابعي، لأعيدُ وضعهما داخل حقيبتي بعدما أنتهيتُ بينما أجلُسُ على إحدى المصطبات مع آريان و هولوڤيرا و آخرين نتضلل بها من المطر الذي فاجئنا بالسقوط دون سابِقِ إنذارٍ و قَد جَعَلَ عبيق التُرابِ المُبَلَلِ تفوح في الإرجاء فيما قَد دَبَتْ تلك البرودة مع الرياح التي تَلفَحُ وجهي قشعريرةً في جسمي جاعلةً إياي أُحكِمُ من إغلاق سترتي البيضاء المنفوخة ذات الفرو من الداخل أتدفئُ بها و أغمِضُ عيناي أُحاوِلُ الأسترخاء قليلاً
فوضى، صرخاتُ الثكالى، نيرانٌ مُلتهبة، خوفٌ و ظلامٌ دامِس، أتلفتُ يميناً و يساراً هلعاً لا بل صَدمَةٌ مِن ما أراه! عُقبانٌ يسقطون جثثاً هامدة الواحِد تلو الآخر و أنا التالية! دمائي تساقطتْ على الأرض حبةً حبة ثوبي الأبيض إصطبغَ باللون الأحمر القاتم و جناحاي؟ كانتا في حالةٍ يُرثى لها إحداهما مكسورٌ و قد إحترق ريشَهُ البُني الخلاب مُخلفاً رائحةً لاذعة و آخرٌ يَصُدُ السهام الماطرة نحوي حتى إمتلأ بالثقوب! قفصي الصدري يعلو و يهبِطُ بأنفاسٍ مبعثرة غضبٌ عارِمٌ يجتاحني بل ألمٌ و قهرٌ في قلبي كان أقوى أستطيعُ أن أشعُرَ بحرارة جسمي المُرتفعةِ أيضاً وقد جثوتُ على الأرض أضرِبُها بقبضتي وبأنفعالٍ شديد جاعلةً قبضتي تُجرَحُ فأخُطَ على الأرض بدمائي المتناثرة فوقها جملةً بحروفٍ لَم أفهمها قبلَ أن يخترقَ سيفٌ قلبي .
شهقتُ أسحبُ قدراً كبيراً من الهواء فاتحةً عيناي و قد قابلني المارَةُ الذين يهربون من المَطَرِ الوابل أمامي فيما قد عادتْ حاسةُ سمعي التي إلتقطتْ ضجيج المكان حولي بدأً من صوتِ الرعد يتلوه أحاديثُ الذين يشاركوني المكان أسفلَ هذه المظلة الحديدية الكبيرة التي يُسمَعُ سقوطُ حباتِ المطرِ فوقها مُخلفاً ضوضاءً عارِمة ليستْ سوى إزعاجٌ فوق إزعاج ثرثرة من هُم في المكان
زفرتُ مُعيدةً عامودي الفقري للأمام واضعةً يداي على فُخذي أتَكِئُ برأسي عليهما وقد جالَ في ذهني إجابَةُ تلك المرأة المُسنة عندما سألتُها عن ذلك الرمز المنحوت فوق قلادتها في وقتٍ سابقٍ و كانتْ إجابَتُها هي 'أرضُنا ستعود' وهي ذاتُها الموجودة ضِمن تلك الجُملة الطويلة التي خَطَها إصبعي المُدمى فوق الأرض في حُلمي! إلا إنها لَم تترك لي مجالاً لسؤالٍ آخر بل تركتني في المُنتصف هكذا تستمرُ في سيرها و ترديدها تلك الترنيمة الجَنوبية الشعبية
أدخلتُ أصابعي العشرةَ بالكامل بين خصلات شعري الكيرلي الأسود بأنزعاجٍ و صُداعٍ كان من مخلفات هذه الأفكار المُتضاربة في عقلي غير فاهمةٍ ما الأمر بالضبط بل هل هو مُجَرَدُ كابوسٍ عابر أو أضغاثُ أحلامٍ ؟ أم ماذا بالضبط! جُلَ ما أعرِفَهُ هو ألمُ أُذُناي الذي يأتي فجأةً و يختفي كُلما رأيتُ هذا الحلم عندما أُصابُ بالحُمى
أنت تقرأ
النشرَوان | AL NSHRAOAN
Fantasyألف و سبعُمائَةِ عُقابٍ أُزهِقَتْ أرواحَهُم ظُلماً و سُلِبَتْ حياتهم منهم بطريقةٍ وحشية و همجية حينما كانوا يدافعون عن أرضهم بسبب خنجر الغدر الذي إخترقَ قلوبهم ليتوعدوا بالعودةِ مُجدداً ولو بعدَ ألفِ عامٍ للأخذِ بثأرهم وكما أطلقتْ النبؤة عنهم إسمَ ا...