1 | ورد و رصاص

82 5 5
                                    

مدينة ويلين عام -1990-

بَزُغَت الشمس تَبُثُ شُعاعها الأبيض على أرضِ هذه المدينة التي أكتسحت برودة الصباح شوارعها في محاولةٍ ضئيلة لتدفئة مَن يستعدون لصباحٍ جديد ساعين لكسب قوت يومهم تزامناً مع أصوات زقزقةِ عصافير الصباح و قطرات الندى المُزينة لأوراق الأشجار التي بدأت ملامِحُ الربيع تُرسَمُ على مُحياها

وفي إحدى الجوانب تعالتْ أصوات طَرَقاتٌ سريعة على الباب الخشبي الخارجي لأحد المنازل الذي يَقطُنُ بمسافةٍ ليست ببعيدةٍ عن باقي منازل الحي و الذي إحتوى شجرةً ضخمة قد غطت أغصانها جدار عتبة الباب الذي يسكنون به مُيقضةً سُكان الدار

-مَن الطارِق؟.

خَرَجَ صوتٌ أنثوي صغير من خلف الباب مُستَفسِرَةً ليجيبها صوتٌ طفولي من الولد الذي طَرَقَ بابهم :

- لقد أحضرنا اللبن الرائب و الحليب لكم.

عندها فُتِحَ البابُ سريعاً و أنبثق منه فتاةٌ في مُقتبل العمر حاوَطَ الوِشاحُ الأبيض عنقها و شعرها الأصهب الكيرلي أيضاً و قد أستقبَلَتْ الطِفلَينِ بوجهٍ بشوش قائلةً وهي تَربُتُ على رأس الصغيرة التي تجلس على أطراف العربة بينما ينقُلُ أخيها علب اللبن و الحليب داخل حديقة منزلهم الصغيرة :

-كيف حالَكُما؟ هل جدكما بخير أم لا زال مريضاً؟.

-نحنُ بخير فقط كان هذا الشتاء أكثر برودةً لذلك جدي لا يزال طريح الفراش من المرض .

تحدثتْ الطفلة الصغيرة بتذمرٍ وهي تفرِكُ كفيها الصغيرتين ببعضهما تحاول تدفئتهما ليرمقها أخوها بنظرةٍ فتصمت ثم يقول بأبتسامةٍ بشوش :

-لا تقلقي نيرها* نَحنُ بخير وجدي سيتحسن قريباً إنهُ يتناول الدواء جيداً.

عندها خَرَجَ صوتٌ كبيرٌ في السن لأمرأةٍ بَدَتْ في نهاية الأربعينيات من عمرها قد تناولت بضع تجاعيدٍ المنطقة حول عينيها و الفم فيما هي تَربُتُ بحنانٍ على رأس الفتى مُحدثةً أياه بعدما أعطته مالَهُ:

-آهٍ يا صغيري كَم تتحمل من مسؤوليةً كبيرة كهذه و أنتَ لا تزال إبنَ العَشرِ سنواتٍ فقط.

إكتفى الفتى بأبتسامةٍ صغيرة و قَد لَمَعَ بؤبؤاه رُغمَ مُحاولته لكبت رغبته و دفنها عندها أَسرَعَت تانيا برمي موضوعٍ في الوسط محاولةً تغيير الأجواء بعدما شَعَرَتْ بحزنه :

-فانتياس ما رأيُكَ أَن تأتي ليونا معي إلى التَلِ لتستطيع إنهاء عَمَلَكَ سريعاً ؟.

قَفَزَتْ ملامِحُ السعادة على وجه كُلٍ مِن ليونا الصغيرة و فانتياس الذي أسَرَعَ بالقول مستفسراً :

-هل حقاً تستطيعين ذلك؟ أقصد ألا بأس في أن تبقى اختي معكِ؟؟.

- بالطبع و لِمَ لا تبقى ، أنا أُحِبُ ليونا كثيراً خاصةً إن وجودها معي يُسعِدُني أيضاً.

النشرَوان  | AL NSHRAOANحيث تعيش القصص. اكتشف الآن