صباحُ أوّلِ يومٍ في المدرسةِ الثّانويّة ، صباحٌ خريفيٌّ دافئٌ إلى حدٍّ ما ، و أنا ، بربطةِ شعري الأرجوانيّةِ و عينيّ الصّغيرتين المُخبّأتين خلفَ نظّاراتٍ طبّيّةٍ سميكة ، أجوبُ في الصّفِّ بحثاً عن مقعدٍ شاغر ؛
لا أعرفُ إلّا قلّةً من الطُّلّاب ، و ليسَتْ تجمعُني علاقةٌ قويّةٌ بهم قَدْ تسمحُ بأن أشاركَهم المجلس ، أين جلست؟
وجدتُ مقعداً بعدَما تنقّلتُ قليلاً ، في آخرِ الجهةِ الوسطى من المقاعد ، التفتُّ لأرى إن كانَ هنالك من سبقَني إليه ، و عندما تأكّدتُ من خلوِّه جلست.
هذا المقعدُ كانَ الوحيدَ المتبقّي ، و لسوءِ حظّي ، كانَ لديهم سببٌ منطقيٌّ تماماً لتركِه ، لم أصل لاستكشافِه إلّا بعدما تأخّرَ الوقت ، إذ يقطرُ السّقفُ عندما تمطر ، و قَدْ فعلَ مع أوّلِ فرصةٍ و فوق رأسي و أغراضي ، و الكلُّ كانَ على علمٍ بهذه القصّةِ إلّا حضرتي ؛ أذكرُ جيّداً ، أنّني جلستُ عاجزةً تحتَ قطراتِ الماءِ في أوجِ البرد ، إلى أن تنبّه بومغيو إلى هذا الأمر ، و لم يقف مكتوفاً عنده ، بل و أقنعَ المُعلّمَ بوضعِ كرسيّي إلى جانبه ، و في وجودِ تايهيون صديقِه المُفضّلِ وراء ذاتِ الطّاولة ، اشتقتُ إلى حركاتِه تلك.
أوقفتُ تسييرَ الأحداثِ في رأسي و انجرافي مع دلالاتها ، و رحتُ أبحثُ عنه في أنحاءِ الفصلِ المُتخيَّلِ ، المُضمحلّةِ زواياه و بعضُ أثثه مع مرورِ الوقت ، و حتّى بعضٌ من طلبته ؛ أين كانَ بومغيو عندما دخلت؟ كنتُ متأخّرةً و الفصلُ غاصٌّ بالطّلبة ، لا يُعقَلُ أنَّه لم يكن حاضراً.
نعم ، لقَدْ كانَ يجلسُ في الجهةِ اليُمنى ، في المقعدِ الأوّل ، المقاعدُ ثنائيّةٌ و ليسَتْ فرديّة ، بيدَ أنّني لا أذكرُ من كانَ يجلسُ بجانبه في ذلك اليومِ حقَّ الذّكر ، فقَدْ كانَ بومغيو يغيّرُ مقعدَه ما بين الفينةِ و الأُخرى ، حتّى استقرَّ على شراكةِ تايهيون إلى الأمامِ من مقعدي ، هذا الفتى ألطفُ من اللّطف ، لقَدْ كانَ قريباً منّي أيضاً.
لنبدأ الحصّةَ الأولى ، عندما طلبَ منّا مُعلّمُ اللّغةِ أن نعبّرَ عن أسمائنا بأسلوبِ الأحاجي ، و جاءَ دورُ الشّابِّ اللّامعِ ذي العينين الفريدتين ، الضّاجّتين بعبقِ وردٍ متخيَّلٍ كلُّه ، و اللّتين فيهما من الحُسنِ ما ليسَ في غيرهما ، كانَ جالساً في طرفِ القصّة ، و كانَ محورَها الذّي ما تجرّأتُ على الاعترافِ في يوم ، فقَدْ كنتُ أخشى الإعجابَ به أو بأيٍّ كان ، كانَتْ جروحُ قلبي نازفةً حارّةً في ذلك الوقت ، و ليسَ ينقصُني المزيد.
ماذا قالَ في ذلك اليوم؟ قالَ أنّ اسمَه فيه نمر ، و لا أدري ما قالَ أيضاً ، و لم يخطر "بومغيو" في بالي و لا بأيِّ شكلٍ من الأشكال ، كنتُ سيّئةً في الأحاجي و لم أرد تجربةَ شيء ، لا في الأسئلةِ و لا الأجوبة.
صحيح ، أذكرُ وجودَ فتاةٍ معجبةٍ به جدّاً ، غارقةٍ فيه حتّى ، لقَدْ حاولَتْ مع خمسِ أسماءَ خاطئةٍ و ربّما أكثر ، و لم تيأس من المحاولة ، كانَتْ ستعودُ و تعودُ من جديدٍ لولا سئمَ المُعلّم ، و أبلغَنا بأنّ اسمَه بومغيو ، تشوي بومغيو.
لقَدْ كانَتْ أحجيتُه الأظرف ، فقَدْ كانَ يضحكُ مع كلِّ إجابةٍ خاطئة ، و كانَ يلفتُ انتباهَ الجميعِ أكثرَ فأكثر ، كانَ نجماً ، كذلك تايهيون ؛ هل يحقُّ لي أن أنجذبَ له الآن؟ بما أنّ نابضي الغاصَّ بالجروحِ ما عادَ يُمانعُ الخدوشَ المُستحدثة؟
تنهّدت ، ثمّ قرّرتُ طوي بقيّةِ الفيلم في ذاكرتي اللّامعةِ المُشوّقة ، فقَدْ أضحى ، و في بدايته غيرِ الرّسميّة ، مُضجراً ، لا أذكرُ كيف أستكملُه ، لا أذكرُ كيف تعرّفنا إلى بعضنا بالضّبط ، لربّما كانَ لحصّةِ اللّغةِ أيضاً الفضلَ في تعريفِنا ، فقَدْ كانَ المُعلّمُ مُحِبّاً للألعابِ باحثاً في الطّرقِ الحديثةِ للتّعليم ، و قَدْ جمعَني مع بومغيو و تايهيون و فتاتين في فريقٍ واحد ؛ كيف تذكّرتُ الآن باللّٰه عليّ!؟ لم أكن أتذكّرُ عندما أرغبُ في ذلك ، لم أبلغ استعادةَ هذه الفكرةِ مهما كنتُ مركّزة ، فما الغرضُ من استعادتها المفاجئةِ الآن!؟
هذا يكفي اليوم ، لن أستطيعَ النّومَ أبداً على هذه الشّاكلة ، ستظلُّ المشاهدُ تتوالدُ في رأسي واحدةً تلو الأُخرى ، منها الحقيقيُّ و منها المُتمنّى ، و سيظلُّ بومغيو عالقاً في رأسي حتّى الفجر ، هذا يكفي
يكفينا جراحاً يا ماري.
.
.
حُرِّرَ في ليلةِ الحادي و الثّلاثين من شهرِ كانونَ الأوّل عامَ ألفين و أربعٍ و عشرين
و نُشِرَ في التّاسعِ من شباطَ في العامِ ذاتِهتمَّتِ الاستفادةُ في صياغةِ هذا الفصلِ من شتاتِ أحداثٍ واقعيّةٍ أُعيدَ ترميمُها
.
.
.
🎥 يُتبَع 🎞️
هوني هناا🥺🧡☁️
كيف حالُكَ يا عزيزي؟
اجعلها مساحةً تعبّرُ فيها لو شئت ، عن أيٍّ ممّا يخطرُ في بالك ، و لو أردتَ لا تفعل ، و لكن تذكّر ، هذه القصّةُ قصّتُكَ كما هي قصّتي ، طالما أنّكَ تمنحُها محبّتك ، و كاتبتها الصّغيرةُ ستستمعُ لكَ دوماً ، بصفتكَ واحداً من نجومها اللّطيفين اللّامعين ، أشكرُكَ جزيل الشّكر ، و أتمنّى دوام صحّتك و سعادتك و أحبابك!
دمت بخير!
أحِبُّك!🥺🧡✨
أنت تقرأ
فيلموجرافيا ~ تشوي بومغيو
Fanficلحظة ، انتظر انتظر قليلاً بعد دعنا نتبسّم لبعضِنا بغيرِ حواجز أو توقّعات ، دعنا نتبادل كلماتٍ عفويّةً أو ربّما أحاديثَ جدّيّة ، بغيرِ أن نلتفتَ لمقاييسِ و أفكارِ الآخرين ، دعنا نلتقط صورةً أُخرى كيفما كانَتْ ، دعنا نصغ سلسلةً من ذكرياتٍ جديدةٍ غير ش...