"ان كنت تقاتل الى جوار رفقة تثق بهم، فما أنت بخاسر أبداً".
رافقت "جهاد" مع بعض الرسل الى خارج المملكة، حسنا أنا فقط من لم أخرج، وقد زُهلت حينما رأيت أقدامهم تتحول إلى زيل بديع الجمال، الآن فقط فهمت لماذا لا يرتدون أحذية.
وبعد أن أرسل كلً لوجهته، عاد إلي.- الآن إلى تميم.
أملت رأسي متسآئلاً:
- من تميم؟
- الشخص الذي قد وافقت على الإنضمام إليه.
ضحك بخفة عليّ، لا ألومه فمن ينضم لأحدهم دون معرفة من يكون.
كان "تميم" في انتظارنا خارج مسكن الملك، وبعد أن تقابلنا ونحن ندخل من أبواب ونخرج من أخرى، وكأنها متاهة لا يعرفها سوى صاحبها، وفي النهاية قاعة ضخمة، منسقة رغم زحامها، والعديد من الرجال كصاحبنا "تميم"، لا يظهر منهم سوى أعينهم.
- نعونا نرحب بمجاهد آخر بيننا... رفيق يعيننا ونعينه.
استقبلت الترحاب من الجميع، وكأنها تحية يلقونها فيما بينهم، يقبضون على أيدي بعضهم، ويصدمون أكتافهم ببعضها.
بدأنا نعد العتاد، لكنه عبارة عن سيوف قاطعة، أسهم، ورماح، كل فرد يحمل سيفه على خصره، والبعض يحمل رمح، أو قوس وسهام، يذكرني هذا بحكايات وحروب الماضي، قبل اختراع الأسلحة النارية، تلك اللعنة التي حلت على الكوكب.
- ألا يوجد هنا بارود يمكن استخدامه؟
طرحت سؤالاً أثار انتباه الجميع، وإن كانوا يعرفون البارود فما حاجتهم للسيوف والرماح.
- وما البارود يا رفيقي.
تسائل "تميم"، وأطرق رفيقي "جهاد" سمعه باهتمام، فأجبتهم، علّنا نجد شيء يرجع كفتنا للفوز.
- البارود هو شيء أشبه بالتراب يمكنها أن تشتعل... ويمكن استخدامها لصنع الأسلحة.
- لا أدري ان كان ما تقصده هو الآكار أم غيره... لكننا نستخدمه للإشعال.
- اذا أحضره لي... لربما نستطيع إستخدامها.
طُلب من أحدهم إحضارها، ليخرج لي برميل من سائل ذو قوام ثقيل كالعسل، وبنفس لونه أيضاً، وقام تميم بإشعال بعض الأعواد باستخدامها، ليظهر لهب أزرق اللون شديد الحرارة والإشتعال، ربما لديه قوة تفوق قوة البارود بالفعل.
- ربما نستطيع.
ألقيت بكلمتي ليبتهج الجميع، فقد ظهر لهيب أمل ينير لنا طريق للنصر.
.
.بدأ المجاهدون بجمع كل الآكار من المملكة، بالطبع فيما عدا أقل القليل لدى طاهي الطعام، وفي تلك الغرفة البعيدة عن الأنظار، يجتمع "تميم" قائد المجاهدين، "جهاد" وزير المملكة، "شمس الدين" الأمل الذي أتاهم من السطح، مع بعض عباقرة للمملكة، يصف شمس الدين فكرة يمكنهم تطويرها واستخدام "الآكار" بها.
- لربما نتمكن من صنع دانة... هي عبارة عن شيء يفوق القنابل صنعاً وفتكاً... وبسبب وزن الآكار الخفيف سيسهل استخدامه.
- وهل هذة الأسلحة موجودة بالفعل عندكم؟
أومأ "شمس الدين" مجيباً على سؤال "جهاد"، فتلك الأفكار المخيفة موجودة بالفعل، ويوجد ماهو أسوأ، ليتسائل "تميم":
- وما تأثير تلك الدانة؟
- من المفترض أن يكون مجرد انفجار... لكن يمكننا اضافة المزيد بعد... يمكن حشو الدانة بقنابل أصغر حجماً مزودة بإبر مسممة... فور أن تنفجر الدانة الكبرى وتصيب ما يمكن اصابته... تخرج تلك القنابل الصغيرة لتفجر حولها المكان ويسمم ما يصاب بإبرها.
أجابه وقلبه ينتفض، لا يحب الفكرة لكنها أملهم، فمملكة "أكوديا" لديها بالفعل قنابل، وأسلحة عن بعد ليست بسهام ولا سيوف، وتلك الدانة ستكون أملهم الأخير.
- دعنا نبدأ بصنعها.
- لكني سأكون بحاجة الجميع... وبحاجة كل الحديد في المملكة.
رد "شمس الدين" ليجيبه "تميم" مطمئناً:
- لك ذلك... ستكون معيناً لنا... وسنمدك بكل ما قد تحتاجه.
.
.بدأنا العمل على تلك الكارثة، بعد أن أعلن "تميم" للمملكة أنه بحاجة للحديد، وبتفويض من الملك بالفعل، بدأ الجميع من كل صوب بإحضار ما يملك، أطباق، بوابات، سكاكين، كراسٍ، وحتى عرباتهم، لم يبخل أحد بشيء على موطنه، وكلهم يفديه بروحه.
سكوت عم المكان حينما دخل أحدهم لندائي، يبدوا وكأن الرسل قد عادوا، تركت العمل للبقية وتوجهت للمجلس حيث يوجدون، لكن لما وجوه الجميع مقفهرة.
- جهاد... لنا الله.
قطع أفكاري صوت أحد الرسل، وبعد أن فهمت المراد؛ أدركت أننا وحدنا، كل الممالك لن تساعد، وسنواجه مملكة أكوديا منفردين.
لا أدري ماذا عساي أخبر البقية، أنهم تركوا وتُخلي عنهم، أم أن عليهم الوقوف حتى آخر نفس؛ وإن وقف الجميع مشاهدين لربما يشعر أحدهم بالشفقة عليهم ويساعد، فقط أين ما عاهدونا عليه، أين الرفاق!!
أنت تقرأ
ربيع القبّار "مكتملة"
Fantasyحينما يكون الهلاك هو كلَّ متوقع ... ما من أمل للنجاة ... و لا مفر من مصير مكتوب ... حينها فقط ... الثقة فى الله وحده هى المنجدة ...