هدوء وسكينة تعم المكان، الجميع يسير في حالة غير مألوفة، وكأنه حلم سيطر على المملكة بكل أفرادها، وكأنهم يهيمون على وجوههم مغيبين عن الواقع، فمنذ مقتل الملكة والحياة لم تنعم بمثل هذه الراحة.
ببطئ يُنظف المكان ويُرفع كل الحطام، يُعالج المصابون ويُدفن الموتى، والجميع في حالة صمت مطبق، حتى الأميرة تستقبل الوفود من الممالك المجاورة بكل وقار، وبكل هدوء تتمالك أعصابها عن طردهم.
منهم من يصطنع الفرح:
"لقد كنا واثقين من انتصاركم... أحسنتم"ومنهم يقول بتهكم:
"كيف طاوعتكم أنفسكم على ابادتهم... أما من رحمة في قلوبكم"ومنهم من أظهر الطاعة وآخرين طلبوا التحالف، وجميعهم لا يعنون شيء، جميعهم كاذبون جبناء، ولا أحد يستحق الإهتمام.
.
.في الممر الطويل تمشي "نور" ببطء، ترتدي قناع الصبر والقوة حتى وصلت لأحد الأبواب، طرقتها ودخلت ليقابلها "تميم" بابتسامة بشوشة، حينها فقط خلعت عنها كل قناع وأخرجت حقيقتها، أمام من يساندها وإن أخطأت، يدفع عنها الضرر، ويكون درعها الحامي.
ارتجفت شفتاها، وامتلأت عيناها بالدموع، ليفتح لها زراعيه على مصرعيهما لتستقر في أحضانه، تاركة العنان لعيناها بالبكاء، ولجسدها بالإرتجاف كما يشاء، ويبادلها بالمقابل "تميم" بالسكون، يمسح على رأسها ويهمس لها:
- كفاكِ بكاء يا غاليتي... الآن الجميع آمن.
رفعت رأسها لتواجهه وأجابته:
- لكن يا خالي... يأتوننا الآن وكأننا لم نعاني يومًا.- وإن يكن... نحن من عانى، ونحن من صبرنا، ونحن من انتصر.
- وهل يُرضي أن نعامل وكأننا نحن المذنبون.
مسح وجهها بكفه وأردف:
- ذنبنا أننا كنا الضحايا... لكن ليس بعد الآن.أومأت له، وارتسمت ابتسامة راضية على وجهها:
- بالطبع فأنت الملك الآن..
.في قاعة واسعة يتحرك الأطباء من مريض لمصاب، ومن جريح لآخر، يداوون الجميع دون كلل أو ملل، وعلى أحد الأسرة يفتح "شمس الدين" عيناه ببطء، وبينما هو مستلق على صدره تضع الصغيرة "غيث" احدى الكمادات الدافئة على كتفه، وبلطف تمسح على رأسه، ليبتسم:
- مرحبًا بغيثنا الحلو.
- صباحك خير عمى سمس... كيف تشعر الآن؟
حاول الإعتدال لكن جراح ظهره حالت دون ذلك، لتمسكه تلك الصغيرة من ملابسه ليستلقي.
- أنت جريح عمي سمس... يجب أن تستريح.
- بالطبع يا طبيبتي الصغيرة... سأستمع لإرشاداتكِ.
نفخت وجنتيها بغضب طفولي لطيف كحالها.
أنت تقرأ
ربيع القبّار "مكتملة"
Fantasyحينما يكون الهلاك هو كلَّ متوقع ... ما من أمل للنجاة ... و لا مفر من مصير مكتوب ... حينها فقط ... الثقة فى الله وحده هى المنجدة ...