ما بين الشوطين

363 52 86
                                    

مر الأسبوع عليها كأنه عام؛ لا تحب أن تتعامل
مع الناس في الصباح، لكن عملها يترغمها على
ذلك، لتعود لفترتها المسائية التي تحبها.

في مقر عمله حيث يكون في عالم أخر، بين
القضايا و أصحابها وملابساتها، ينتظره رجل
ذو هيبة لا تلائم سنه؛ فصوت طرقات حذائه
إن سمعتها ستظن أنه رجل كبير وليس شاب في رعيان شبابه.

طرق عبدالله باب مكتبه يستأذن الدخول يخبره بوجود أحدهم يود مقابلته.

رفض بضيق يأمره أن يجعله يرحل، ويكف هو
الأخر عن إزعاجه، أخبره بما قيل له.

يصر على طلبه، مرسله إليه مرة أخري، نفذ
الأمر مجبر عليه، يتلقي توبيخه دون التفوه بكلمة، موافق في نهاية المطاف على طلبه.

_اتفضل يا فندن، أقدر أفيدك بـ ايه؟

تجاهل سؤاله، يتفحص المكان بعينيه يبتسم
ابتسامة جانبية باهته، ثم اردف:

_أنا طوق نجاتك، وال هساعدك مش العكس.

تهجم وجهه غاضب؛ من هو ليأتي ملقي مزحه سخيفة:

_يا أستاذ هنا مكان عمل، أساعدك ازاي؟

قالها هذه المرة هامس ونظراته معلقة
على عينه، كلها تحدي وقوة:

_قلت لك، أنا طوق نجاتك.

شبك ذراعية ببعض يعود للخلف مسند ظهره
يسأله:

_أشرح أكتر لو سمحت؛ مش فاهم قصدك.

سرد ما أتي لأجله، ونظرات الازدراء تلوح في المكان، تقبع على من يجلس خلف المكتب.

كان لحديثه سحر قد غمره، ينصت إليه وملامحه مقبضة على ذاتها، أكمل حديثه
منتهي منه، يشير إليه:

_دورك تتكلم.

أطاعه متعجب ومعجب بذكائه، يساوره بعض
القلق حيال ما قاله، يتردد:

_هل الحل ده مضمون؟ أنت عارف عقوبة الفعل ايه؟

وقبل أن يكمل قال مهدد:

_مش بحب حد يعدل ورايا، وأكيد أنا عارف
بعمل ايه كويس؛ والإ مش هعمله من الأساس
أنت هحقق ليك هدفك وفي المقابل هتنفذ
الـ هطلبه.

ما هو المقابل؟ كان هذا سؤاله، أعلمه بما يريد
الحصول عليه؛ يعطي له فرصة لتفكير في
عرضه، يهم مغادر وقبل أن يضع قدم بالخارج
إلتفت يعيد قوله:

_حاجة قصاد حاجة، فكر كويس ولم توافق
معاك رقمي؛ كلمني نتقابل ونتفق على كل. شيء.

أخرج ما بجعته يختفي، والأخر مشتت، ماذا
يفعل؟ هل يبرم إتفاق معه ويجرم في حقها
أم يرفض ويكون قد خسر فرصة لنيل مراده؟

                 ............................
" هذا الشبل من ذاك الأسد "

جملة ظلمت أشبال لا يشبهون أبائهم، في
ضغيانهم وقسوة قلوبهم، نولد بالرحمة واللين
في قلوبنا، لا نكتسبها.

صانع الدمىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن