نحن مخيرون يا عزيزي، مسيرون لمصير
نسوق أنفسنا إليه، اختارنا الخير يكون جزاءه خير يفوقه، نسير بطريق الشر متلذذين به نعاقب عليه "
..................................
_لسه مفيش رد؟ عايز افكرك العقاب هيكون قاسي.
هدده مذكره بما سيحدث له إن خالف وعد
ونظراته جعلته يوجس خيفة منه؛ الأمر
ليس غريب عليه؛ قد يفعلها بدم بارد
يطمئن نفسه قبله:
_أنا واثق من موافقتها، بس لسه بتفكر
نديها وقتها.
توتره زاد شكهِ حياله، يذهب كل منهم دون
إلقاء السلام، قلقين حول ما هم فيه، أيمن
يفكر لو فشل ماذا سيحدث معه؟ والأخر لو رفض كيف يتصرف؟
يسافر لحضور حفل زفاف إبن أخيه عبدالله
كناية لاسم جد أبيه رحمه الله، مجتمع كارم
ومنى عليه.
يحتفي به عائلته كل قريب وبعيد؛ لم يرونه
منذ وفاة والده التي مضي عليها سنوات، مر
اليوم كلمح البصر؛ مستمتعين بقضاء وقتهم
معا.
يلحون عليه أن يمكث في منزل والديهم
رفض لكنهم انتصروا في النهاية، ساكنَ
في سريرهم يعانقه وسادته، يتذكر آخر
حديث بينهم، بهتت ملامحه تدمع عينه
شارد فيما حدث يومها.
_أنت مش ناوي ترجع تعيش معانا تاني؟ عجبك ايه في القعدة هناك.
مستاء لكثرة إلحاحه عليه؛ ليعود بينهم من
كالسابق، يقابل طلبه كل مرة بالمرواغة باقي
حيث هو، نطق بهيام منفصل عن الواقع
ونبرة صوت والده الحاده في السؤال:
_بحبها يا بابا.
باغته متساءل، يعلم ما به قبل أن يجيب
فمن الذي سيهجر محافظته وعائلته التي ترعرع بينهم بدون سبب يستحق:
_مين دي الـ بتحبها؟ قول أنا مش غريب.
ارتبك يدرك ما قاله للتو، ينسب حبه لمحافظة
الاسكندرية، يهرب من التصريح عنها، سكت
لبرهة يقوم بنصحه:
_لو بتحبك هتلاحظ غيابك قبل وجودك
وواضح إنك لسه بتحاول تلفت نظرها، سنة من المحاولات يبقى مش شيفاك ولا بتحبك بلاش تتعب نفسك على الفاضي، اسكندرية جميلة تتحب، بس الحب ليه حدود، يا عالم يمكن أموت وأنت بعيد.
عاد من لواقعه المرير، تفر دمعة من عينه
ترقد على صورة والديه القابعة جواره
يقبلها يعتصر قلبه الآلام، تطارده الذكريات
تزيد همه.
بعد مرور أسبوع كان على تواصل مع والده إلا أخر يومين، يتلاقي اتصال متكرر من شقيقه عامر، بالثانية بعد صلاة الظهر؛ ينقل له خبر وفاة والده وطلبه الدائم لرؤيته.
مكتشفين موته؛ حين ذهب إليه كارم لايقاظه
بالعاشرة صباحا كما هم متعادون؛ لقبوعه في
الشقة وحده بعد وفاة والدته بمرض القلب منذ عامين.
