نهاية الحكاية

428 46 64
                                    

راقدتُ في الأرضِ والدماء تسيل محيطة برأسي وتغطي وجهي، يتلاشي كل شيء
من حولي؛ يمسك بيدي يجرني جَر خلفه.

لمسته اشبهه بالجمر، فصرخت متألمة من
شدتها، ليس لي سلطة لإنقاذ نفسي؛ أنظر
للمكان نظرة وداع، متمتة بدعاء كانت أمي
تذكرني به دوما؛ لتحصين نفسي.

" أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق"

تذكرتها  ابتسم ابتسامة باهتة ووجهي ملطخ بالدماء، رمقني مستغرب يدير وجهه بعيد عني، لا يعلم أني أشعر بوجودها معي،اسمع
صوتها يقويني.

" لن يتركك الله، ثق  أنه قادر على كل شيء
تحلي بالإيمان يا صغيرتي "

رددتها مرارا وتكرارا، كانت يده تتراخي كلما قُلتها، ثوان و أصبح الظلام هو ما لدي؛ لا أرى سواه.

               ..........................

كان المنزل هادئ؛ جميع من به نائم، قارب الفجر على القيام، يتصل بها عدة مرات لا تجيبه، قلق أحمد بشأنها يعيد المحاولات
ولكن دون جدوي.

يدعوا الله بصلاته أن يحفظها من كل شر ويجمعهم معا، وفي قلبه غضة لا يعلم سببها
لا يبغاته النوم ولا يكل من المحاولات للوصول إليها.
             
              .............................

أما بغرفة أبيه فكان الوضع مختلف تماماً
يقظ هو الآخر يحدق في الحائط، وعلى ملامحه مظاهر الفزع.

ينادي زوجته؛ للاحتماء بها منه كي لا ينقض
عليه، تقوم متذمرة والنعاس يغلبها، تسأله
ماذا يريد في هذا الوقت المتأخر.

شاحب الوجه منكمش على ذاته، ما أن رأته
هكذا عدلت من جلستها تتحسس جبهته
مكررة سؤالها، أأنت بخير ما بك؟

امسك بيدها يستنجد بها، يرجوها أن تظل
يقظه معه للصباح، ولتنم حين تشرق الشمس
سماءها.

ملبية طلبه تأتي بقناة يقرأ بها القرآن الكريم
متربعة الجلوس جواره، مضيئة الغرفة لا تتركه، يصدع صوت الشيخ الحصري يرتل
سورة البقرة، متبدد كل ما يخيفه.

تشاطره حزنه وخوفه وكل ما مر به في حياته
يسند رأسه على ساقها مستلقي منكمش تحت
غطاءه يثني عليها على غير عادته.

لم تقوي على رؤيته هكذا؛ تبكي يشاركها
بكائها، يسرد لها كل ما فعله، لم توبخه يكفي
ما هو فيه، لأول مرة يرق قلبها عليها؛ تطالبه
أن يلغي الاتفاق بينهم.

تُئنبهُ ببيع إبنة أخبه لأجل ماذا؟ لأجل منزل
من الطوب! تستعطفه رافة بحالها وما قد تكون تعانيه، كيف فعل ذلك بها، ألم يوبخه
قلبه.

بكي كالطفل يتعلثم، شهقاته تسبق حديثه
مبرر وكل كلمة نابعة من مكنونه:

_كنت عايز أحس أنه بيتي زيي زيه، طول عمره بيفرق بينا؛ شايف أنه أحسن مني بيشتغل وبيصرف علينا، مش عارف إني اشتغلت وتعبت، شايل عنه حملي أنا كمان.

صانع الدمىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن