على احدى الطرق السريعة الموؤدية إلى جنوب مصر في الحادية عشر مساءًا كانت الفتاة تجري، وتسابق الريح وهى تحمل طرفا فستانها الجميل الذي أصبحت نهايته تشبه الطين، وهى تتلفت خلفها وتزيد من سرعتها، حتى وجدت ذلك الضوء الذي يُعلن عن اقتراب سيارة، فوقفت معترضة طريق تلك السيارة وتُلوّح بكلتا يديها، حتى وقفت السيارة أمامهاو كادت أن تصدمها.
*وقف بالله عليك وقف هيموتونى هيموتونى وحياة عيالك
_السائق: ابعدى يا بت أنتِ من اهنه وإلا هدوسك مكانكوكاد أن يشغل محرك السيارة حتى سمع ذلك الصوت الذي مازال محتفظًا بقوته رغم كبر سن صاحبه:
- إيه مسمعتش حديتها إياك عايزنا نسيب البنيه مكانها وبعدين أنت بتاخد القرار بالنيابة عن مين يا وِلد أنت ناسي أنت راكب مع مين عشان تتحدت إكده؟ على العموم حسابك لسا جاي وأنا هعلمك الادب بس اصبر عليّ
ليحاول السائق التحدث:
بس يابا الحاج........
فقاطعه الرجل قائلًا:
مبسش ولا أسمع صوتك فاهم ولا تحب أفهمك
ثم قام من مقعده وخرج من السيارة وفتح بابها ووجه حديثه لتلك الفتاة التي عبث المطر بكحل عينيها وأخفى باقي الملامح وزاد بكائها الطين بلة وقال:
أنى اسف يا بتى حجك عليا متواخذنيش عايزه تروحى فين وأنا هوديكى مطرح ما تحبى
لترد الفتاة وهى تشهق من كثرة بكائها تحاول التحدث وتقول:
الح... قنى... والن..... نبى هي...... موتونى مقد.... درتش علي...... هم عااي... يزين...... ييي.
ولم تكمل حديثها وتفاجأت بذلك الرجل يمسح عينيها بمنديل ورقي ويقول:
اششششش اهدى يا بتى اهدى خدى نفسك انتى هنيه معايا تبجى عيبه ف حجى لو خفتى وانتى مع الحاج ابراهيم النجعاوى
وظل يهدئها بحديثه حتى بدأت تلك المسكينة في السكينة ولكن ما لبثت أن تحوّل صوتها لشهقة فزع ورعب ودموع ذائدة وصراخ، وانتفضت تلك الفتاة وقالت بصراخ:
* دول وصلوا يلا نجرى بالعربيه ابوس ايدك هياخدونى
^مش جولنا عيب لما تخافى وانتى متعرفيش مين الحاج ابراهيم النجعاوى يا بنيتى شكلك لسا متعرفنيش صوح اهدي كده اومال
ثم بدأ يتفحص تلك الفتاة التى تقف أمامه، فوجدها ترتدى فستانًا باللون الوردي الجميل لكنه ممزق عند الكتف وبمناطق اخرى ولا ترتدى حذاء ومبتلة بسبب ماء المطر وترتجف من الخوف أكثر من البرد وهناك أثر صفعات على وجهها، فغلت الدماء فى عروقه عندما وجد ذلك الأثر، ثم وجد ضوء سيارة قادم من خلفه ويضيء بشدة فالتفت ناحية الضوء فوجد ثلاثة شباب يخرجون منها ويندفعون ناحيتهم وما إن رأتهم تلك الفتاة حتى اتسعت حدقتيها وتشبثت ف ذراع ذلك الرجل الغريب عنها، واختبئت خلف ظهره وظهر عليها الرعب الشديد، فنظر الحاج ابراهيم ناحية الشباب الذين تقدموا ناحيتهم فقال الأول:
ايه فاكره انك هتهربى مننا ولا ايه لا يا قطه احنا هناخد اللى عايزينه بمزاجك او غصب عنك
وقال الاخر:
انا قلتلك تعالى بمزاجك وخدى اللى فيه النصيب وتمشي بمزاجك
وحاول الثالث شد الفتاة من خلف الحاج ابراهيم لكنه وجد يدًا تمنعه وبقوة من الوصول لها فنظر لصاحب اليد وجدها يد الحاج ابراهيم، فقال الثالث له:
حوش ايدك يا حاج واديهالنا بالذوق بدل ما ناخدها بالعافية وتروح أنت فيها أصل كدا أو كدا هناخدها وانت راجل كبير وصحتك على قدك
فما راع الاخران إلا صاحبهما الثالث ملقى على الارض أثر لكمة قوية من الحاج ابراهيم فوقفا مذهولين بدون حراك حتى وجدا المسدس بيد الحاج ويصوبه تجاههم، ثم بدأ بالكلام معهم وقال الحاج:
اديكوا شوفتوا عينه من اللى أجدر اعمله ودلوكيت انا ف يدى السلاح يلا اكده زي الشطار تاخدوا صاحبكم الفرفور ده وتغوروا من جدامى وابقوا اسئلوا عن الحاج ابراهيم النجعاوى واعرفوا هو مين زين وبعدين اتحدتوا
فأسرع الاثنان لمساندة صاحبهم الثالث، ولاذوا بالفرار تحت أنظارها المستعجبة والمندهشة، ثم أخرج الحاج ابراهيم هاتفه وتحدث فيه وقال:
دلوكيت فى تلات شباب بعرابيه سودا رايحين ناحيه طريق............ تمشي وراهم وتجيب جرارهم وتراجبهم وتستنى منى اوامر سلام
ثم وجه حديثه لتلك الفتاة التى تقف خلفه ولازالت ممسكة بجلبابه وقال لها:
متخافيش يا بتى حجك هيرجعلك وأنتِ تعالى معايا يلا ع الدوار اخلى الحريم يشوفولك خلجات مليحه تلبسيها بدل اللى اتبلت واتجطعت دي
فقالت له:
تسلم يارب ويبارك ف عمرك، حضرتك ساعدتنى بما فيه الكفاية ومش عايزه اتقل على حضرتك انا هدور على مواصله تودينىفنظر لها الحاج ابراهيم نظرة أرعبتها وقال لها:
انا جولت كلمتى ومبعيدهاش مرتين يلا اركبى
فلم تنتظر وماهى إلا ثواني وكانت بداخل السيارة، فنظر لها الحاج وابتسم ابتسامة جانبية على مظهر تلك الفتاه البريئه وقال:
اما نشوف حكايتك ايه يا بنيتى#مريم_السعودي
منتظرة رأيكم لأنه يهمني جدا 🤍