تنهدت مريم بحرقة، ثم قالت والدموع قد تلألأت فى عينيها:
طبعا انا كنت قلت لحضرتك لما نزلت من الباص وساعتها شوفت عربية بابا وهى مقلوبة وشوفت منها ايد بابا خارجه من الباب وفيها الساعه اللى كنت جايباهاله هديه وهو مكنش بيقلعها ابدا وشوفت طرحه ماما اللى كنت بقولها عليها انها بتبقى حلوه اوى اوى، طبعا كل دا وانا الدموع متجمده ف عيونى ومش قادره استوعب حاجه لحد ما سمعت صريخ الناس وهى بتقول اسعاف دول هيموتوا ساعتها وقعت من طولى ومحستش بحاجه خاالص
ثم قامت مريم بمسح الدموع التي هبطت من مقلتيها بكف يدها ثم اكملت بصوت مبحوح:
بعد فتره صحيت لقيت نفسي ف مستشفى ولقيت جنبى بنت عمى الكبيره حاولت اقوم وهى ساعدتنى وبمجرد ما افتكرت اللى حصل فضلت اصرخ وانادى على امى وابويا بس محدش فيهم رد عليا لحد ما سمعت جمله واحده خلتنى بطلت صريخ
"امك وابوكى ماتوا خلاص ماتوا فوقى بقا فوقى"
ساعتها بس حسيت انه الدنيا وقفت حواليا وانه ظهرى بقا مكشوف وسكت بحاول استوعب اللى انا فيه مش فاكره فضلت قد اي بس حاولت اجمع جمله تانيه وانا بقول
"عايزه اشوفهم"
وهنا اخدت الصدمه التانيه لما سمعت
"انتى ف غيبوبه بقالك اسبوعين وهم خلاص اتدفنوا"ثم ظلت مريم تبكي بحرقة حين تذكرت تلك الكلمات مرة أخرى لم تشعر سوى بتلك اليد التي تسحبها لأحضانها، نعم كانت تلك هي الدادة نعمات تسمع كل ما يحدث من الخارج ولم تستطع إلا أن تدخل وتأخذها بين أحضانها.
حاول الحاج ابراهيم الخروج؛ ليترك لها مساحة للخروج ذلك البكاء المرير دون خجل منه لكن منعته كلمة مريم وهى تقول:لا يابابا استنى متخرجش لازم تسمعنى وانا لازم اخلص كلامي
فعاد الحاج ابراهيم مرة أخرى إلى مكانه وقال بهدوء حاول اظهاره لكنه لم ينجح فيه كليًا؛ لأن ارتعاشه صووته كانت قد اخذت مجراها من محاولته لكبت دموعه:كملى حديتك يا بتى بس لازم تكونى واعيه زين انه الحديت ده لا هيجدم ولا هياخد وياي عشان انى لما اعتبرتك بتى كانت بنيه صادجه لده لكن هخليكي تكملى عشان بس ميكونش فى حاجه تعكر عليكي حياتك الجايه باذن الله كملى يا ست البنات
فابتست مريم رغم دموعها وخرجت من حضن الداده نعمات واكملت:
"فضلت فتره طويله اوى بعد ما خرجت من المستشفى زى المغيبة كل اللي كان بيقولى حاجه كنت بسمع كلامه وبس كنت باكل وبشرب وبيتحرك و بروح وباجي بس وانا ساكته بالضبط كأني متنومة مغناطيسي مش عارفه اعمل حاجه مش قادره افكر كل اللي انا بعمله ان انا ببص بس على اللي حوالي حاسه ان انا في عالم لوحدي وهم مفيش حد مشترك معايا فيه وفضلت على الحال ده حوالي شهر او شهر ونص لحد ما فوقت، بس فوقت على قلم جامد اوي هو القلم اللي رجعني تاني لحياتي لما قالوا ان انا المفروض ان انا اتجوز طب ازاي اتجوز وانا عيله عندي ١٤ سنه لسه، لسه فاقده اهلها بقى لي بس شهرين يمكن مكملتهمش حتى ولسه لحد دلوقت ما استوعبتش اللى حصل، ولما فوقت من اللى انا فيه قلت لا وقلت ان انا لازم ارجع اعيش ف بيت ابويا تانى وفعلا رجعت وعمى وعماتى قطعوا علاقتهم بيا بحجه انه انا خرجت عن طوعهم وانه انا اللى كنت السبب ف قتل اخوهم انه كان حابب يعملى مفاجاه ويجي يقضى معايا انا وامى يومين بعد رحلتى بتاعت المدرسه