فى صباح اليوم التالي
أمر الحاج ابراهيم بعمل اجتماع شيوخ مفاجئ لكي تقوم مريم بالحكم على رامز فبالنهايه هى من وقع عليها الظلم، وهي من ستختار ما يشفي غليلها.
بدأ الرجال فى الحضور على الوقت المحدد، ومن يدخل يُفاجئ بمن تجلس بجانب الحاج ابراهيم، نعم الكل يعلم انها ستحضر لتطالب بحقها كعادة المظلوم عند الحاج ابراهيم لكن ليس بأن تجلس بهذا المكان، وبعد حضور الجميع قال الحاج ابراهيم بصوته القوي كالعادة:
طبعا الكل خابر انه المظلوم عندينا هو اللى بيجرر عجاب الجانى طالما ميزدش عن اللى عمله وكيف ما الكل شاف بعيونه كيف رامز ولد الحاج اسماعيل غدر بالبنيه وضربها على خوانه هى دلوكيت هتختار العجاب المناسب له وجدام الكل بردك
ثم نادى بصوتٍ عالٍ:
يا جاابر انت يا ولد
فدخل جابر وقال:
اؤمرنى ياحاج
_جيب رامز من البدروم اللى تحت يلا
فاستجاب جابر على الفور ونزل وأحضر رامز من مكانه واستاذن للدخول على المجلس، حين دخل كان مظهره يوحي بأنه قد استكفى من العذاب الأيام السابقة، لِمَا ظهر عليه من تعب وأيضًا ملابسه التي كان يظهر عليها الاتساخ، وكذلك لحيته التى زاد نموها، كان ذلك ما يدور بعقل مريم وهى تنظر اليه من أعلى رأسه وحتى أخمص قدميه وعلى ثغرها ابتسامة جانبية ماكرة، ثم نظرت لعينيه بتشفى بينما بادلها النظرة بحقد وغل دفين، وكان هناك من يراقب حرب النظرات تلك بأعين كالصقر، ثم قطعها حين قال وهو يوجه كلامه لرامز الواقف أمام الجميع منكسر:
دلوكيت انت خابر زين انك غلطت وغلطت جامد جوى لما مشيت ف سكه الغدر الوسخه دى وكيف ما الكل خابر وانت اولهم انه مش انا اللى هحكم عليك
ثم وجه حديثه لمريم وقال:
دلوكيت اختارى العجاب اللى تشوفى انه يستحقه عشان مترجعيش تجولى ظلمونى عندينا الجوانين اكده
فنظرت مريم بمكر لمحه رامز ف بالرغم من أنه مندفع ومتهور فى معظم تصرفاته وهو ما ورثه عن ابوه، إلا أنه يمتلك ذكاءًا كبيرًا وهو ما ورثه عن امه (العقربة)
ثم قالت متصنعة البرائة والتى أتقنتها بحرفية تامة ثم نظرت لأسفل وهي تفجر فى وجه الجميع تلك القنبلة التى لم يتوقعها أحد وخاصة الحاج ابراهيم ورامز:
انا مش عاوزاه يتعاجب يا حاج ابراهيم هو خلاص شكله اكده خد جزاته وانا مهحبش اظلمه اكتر من اكده
نظر لها الحاج ابراهيم بصدمة حقيقة وسكت لدقائق معدودة، بدأ فيها الحاضرون يتحدثون عن طيبة قلب تلك الفتاة التي سامحته بالرغم من فعلته تلك، وما زاد صدمتهم أكثر هي كون تلك الفتاة هي الأقوى بين حشد الرجال فكانت تستطيع أن تطلب مقابلته في القتال بنفسها، وحينها يمكنها أن تقتله حتى إن أرادت، فلقد شاهدوا من قوتها ما جعلهم واثقين من أنها تستطيع أن تفتك بمن يحاول أن يواجهها،
مازالت صدمه الحاج ابراهيم قائمة وهو يحاول ون يستوعب ما يدور فى عقل تلك الفتاة فتلك المرة الأولى التي يفشل فيها من قراءة أفكار من أمامه، ثم قال بعدما استفاق من صدمته:
فكه يا جابر الأمر نفد بانه خلاص مش هيتعاجب
فتهللت أسارير ذلك الواقف فى قيوده وحين انتهى من قيوده تلك أراد المغادرة لكن استوقفه كلمة الحاج ابراهيم القاتلة:
بس جبل ما هتتحرك من اهنه هتطلب السماح من ست البنات وهتشكرها كمان على انها سامحتك ومرضيتش بعجابك لانها لو كانت سابتنى انى كنت عرفت كيف اربيك من اول وجديد
فنظر له رامز بكره وكانت عيونه تطلق الشرار حين تقدم من مريم ووقف أمامها وقال من بين أسنانه:
انا اسف
واكتفى بذلك فابتسمت مريم بتشفى وقالت مصطنعة البرائة مرة اخرى ببراعة:
انى مكنتش ناويه اخليك تعمل حاجه زى دى بس طالما الحاج ابراهيم النجعاوى امر يبجي لازمن التنفيذ وانى شايفه انك بتجولها بغل جوى بس مش مشكله اكده ولا اكده انا مكنتش مستنياها
ثم وجهت نظرها للحاج ابراهيم وقالت:
اكده انا مليش لازمه فى الجعده دى يا حاج ابراهيم انا بستاذنك اخرح اشوف ورايا ايه
فسمح لها بالخروج
ثم خرج رامز بغضب كالإعصار من المجلس، بل من البيت باكمله وقبل عبوره البوابه سمع صوتًا يناديه من خلفه بالحديقة فاستدار ليجدها تلك الفتاة التي تسببت له فى الكثير من المشاكل إلى الآن ولن يتحمل المزيد منها، اقتربت منه بهدوء وابتسامة جانبية إلى أن وصلت إليه، ثم قالت بهمس يشبه فحيح الأفعى:
المره اللى فاتت انت خدتنى على خوانه بس تشكر علمتنى درس لايمكن هنساه ابدا وانا اكتفيت بانى اعرفك انا اجدر على ايه بس المره الجايه صدجنى هتبجي بموتك اتفجنا
ثم ذهبت من حيث أتت ليقول بابتسامة جانبيهة:
اكده طيب اما نشوف اخرتك ايه معاي ولا اجولك انا هسيبك لامى تخلص منيكي كيف ما عملت جبل سابج
ورحل من القصر باكمله
حين انتهى المجلس توجه الحاج ابراهيم مباشرة إلى حوض الورد فى الحديقة فوجد مريم هناك كما توقع ثم قال من خلفها:
ممكن افهم ايه اللى عملتيه جوا ده يا مريم كيف تكون عندك الفرصه تاخدى حجك وتسكتى وتسامحيه على اللى عمله معاكي
فالتفتت مريم اليه بابتسامه مشرقة وقالت:
تعالى بس يا بابا اقعد وانا هقولك انا عملت كدا ليه واستفدت ايه
فجلس الحاج ابراهيم وبجانبه مريم وقالت بنفس الابتسامة:
انت طبعا عارف ان الكل فى البلد خد عنى طابع انى قويه واقدر اغلب اي حد وانت بنفسك كنت بتحكيلى ازاى الناس كانت بتتكلم عن البنت اللى عرفت تكسب احسن شباب موجوده لا وكمان قدرت تكسب الحاج اسماعيل النجعاوى فى التحطيب اللي هو اصلا لعبته ولما ملقاش فايده ف انه يغلبها جه ابنه المتهور وضربها من ظهرها على خوانه صح كدا
فاجابها الحاج ابراهيم بحيرة:
ايوه كل حديتك صوح بس ايه دخل ده فى اللى عملتيه النهارده
فردت عليه مريم:
دلوقتى الكل شهدلى بالقوه ودا يرجع الفضل فيه لربنا سبحانه وتعالى ثم ليك انت يا بابا
بس لما تبقى مقروء عند الكل وازاى هتتصرف دا يبقى مش حلو لانه هيخلي الكل يسبقك بخطوه وطبعا الكل كان مفكر انه هطلب بانه يتعذب ولا يتنفى ولا اي حاجه من دى لكن لما اقولهم انى سامحته كدا ابرجل تفكيرهم واحيرهم والاهم من انى احيرهم هم انى احير العقربه والحيه الكبيره
فنظر لها الحاج ابراهيم بإعجاب وقال:
اول مره اعرف انى مكنتش هتصرف التصرف الصح يا بت انتى
فضحكت مريم معه ثم قالت بجدية:
دلوقتى انا عارفه انه دلوقتى الست اللى اسمها ساميه دى مكانتش هتسكت عشان هى كانت مستنيه الحكم عشان تتحرك وتحرك البلد كلها ضدك انه ازاى تعمل كدا ف ابن اخوك لكن دلوقتى كل خططها فشلت وعقبال ما تفكر ف حاجه جديده اكون انا فوقتلها بقا
الفصل الثاني عشرفي بيت الحاج اسماعيل النجعاوي أو لنقل شبه القصر ذلك، فهو ليس بالبيت ولكنه كذلك ليس بفخامة قصر الحاج ابراهيم
كانت تجلس سامية زوجة اسماعيل وأم رامز على المكتب تتابع الاعمال، نعم فهى من تدير كل أعمال زوجها فهى الرأس المدبّر لكل شيء وما زوجها إلا أداه تستخدمها لتصل إلى ما تريد
كانت تجلس وهي شاردة بأمر ما حتى أنها لم تلاحظ ذلك الواقف فى غرفة المكتب منذ عدة دقائق حتى قال:
ياترى ايه يا اما اللى مش مخليكي ف الدنيا اكده حتى انك موخداش بالك انى جيت
فانتبهت سامية لذلك الواقف أمامها بهيئته المبعثرة فقامت على الفور بإحتضان ابنها، فنعم هي قوية جدًا وليست صاحبة القلب الطيب بتاتًا، لكن بالنهايه ابنها فلذة كبدها هو نقطة ضعفها، وبعد حضن دام لوقت ليس بقليل أخذته سامية إلى الاريكة وهي تضع يدها على وجهه تتحسسه وهى تقول:
مالك يا نور عين امك ايه جرالك احكيلى خرجت ازاى
فتنهد رامز بقوة ثم سرد لامه ماذا حدث له من البداية وحتى كلام مريم له فى الحديقة
فقالت بتفكير العقارب كما سمتها مريم:
يبجي البت دى مش مجرد بت هو جايبها يعطف عليها كيف ما كنا مفكرين لاه دى ذكيه وجوى كمان ولازملها تفكير بالهداوه اكده عشان اعرف اوجعها صوح
فقام رامز من مكانه وقال بتعب:
هى بتاعتك يا اما انتى حره معاها انى عارف انك هتجبيلى حجي تالت ومتلت كمان بس دلوكيت انا هطلع اغير خلجاتى وانام عشان انى تعبان جوى
فقالت له:
ماشي يا حبيب امك اطلع انت ومتعتلش هم واصل من ناحيه البت دى وانى هعرف كيف اتصرف معاها
صعد رامز لغرفته وترك أمه أقصد تلك العقربة والحية تفكر ماذا ستفعل بعدما نجحت تلك الفتاة بأن تُفشِل كل خططها التي كانت تخطط لها منذ أيام كثيرة لكن لا باس فلم تولد بعد من تقف في طريق سامية السيوفيلكنها ولدت عزيزتي سامية وستعلمين ذلك قريبًا
فصل جديد طويل متنسوش الفوت وتقولولي رئيكم ♡♡
#مريم_السعودي ♡