عادت ماري إلى منزلها، خطواتها ثقيلة كأنها تحمل عبء العالم على كاهلها. صعدت إلى غرفتها في صمت مطبق، وكأنها تختبئ من كل شيء حولها. جلست على الأرض، عينها ثابتة في الفراغ أمامها، وعقلها غارق في عاصفة من الأفكار المتضاربة التي ترفض أن تهدأ. حاولت أن تجد لنفسها مساحة واحدة من الهدوء، لكنها كانت عاجزة. كانت أفكارها تتراكم بشكل متسارع، كل فكرة تجر الأخرى، وكل سؤال يبني جداراً أعلى من الألم داخل قلبها.
مرت ساعتان وهي جالسة على تلك الوضعية، تغمرها حالة من الضياع التام، بينما كانت الفوضى تملأ الغرفة. الصور المبعثرة التي كانت لها مع والدها كانت تزدحم على الجدران، بعضها مشوه بسبب الزمن، لكن ما أثارها أكثر هو الفوضى التي أحدثتها تلك اللحظات في ذاكرتها. كانت الغرفة نفسها تعكس حالة ذهنية مضطربة، وكأن كل شيء من حولها كان شاهداً على حياتها التي تبدلت فجأة إلى حطام.
نظرت حولها، حتى زجاجات عطرها المفضل التي كانت تزين المكان، أصبحت الآن مكسورة. رائحة العنبر التي كانت تعطي للغرفة لمسة من الدفء أصبحت الآن جزءاً من الحزن الذي يملأ الأجواء. كانت رائحة العطر هذه أكثر من مجرد ذكرى، فقد أصبحت رمزاً لشيء كانت تظنه مستمراً إلى الأبد، ليصبح الآن مجرد أثر باهت في الهواء.
أغمضت عينيها، محاولة التماسك، لكن كل شيء من حولها كان يعيد لها ذكريات مؤلمة. كان الألم يتسلل إلى أعماقها، يتغلغل في نفسها، كأمواج لا تنتهي. كأنها فقدت شيئاً عظيماً، وعجزت عن فهم لماذا أو كيف حدث هذا. لكنها كانت متأكدة من شيء واحد: الحياة التي كانت تعرفها قد انتهت، وماري نفسها كانت في مكانٍ آخر الآن.
رفعت ماري عينيها إلى صحن الفواكه الذي كان أمامها، تائهة في لحظات صمت ثقيلة، يملأها فراغ لا يرحم. اقتربت منه يداها ترتجفان قليلاً بينما تمسكت بالسكين. رفعتها، نظرت إليها للحظة وكأنها تدرس تفاصيلها الدقيقة، ثم ببطء بدأت بجرح يدها. لم ترتعش عضلة في وجهها، ولم يرف لها جفن كانت وكأنها في حالة من العدمية، كأنها لا تشعر بالألم، رغم أنها كانت كذلك تماماً.
بدأت الدماء تتناثر على الأرض، قطرة بعد قطرة، بينما كانت عيناها لا تزال ثابتة، شاردة في الفراغ. كانت في نوبتها، مغمورة بشعور غريب لا يُحتمل. "كم هو سيء أن تضر نفسك وأنت لا تشعر ، همست في ذهنها، وألم كان يختلج في صدرها، أكبر من أي جرح مادي. "كم هو مرير أن تعيش في صراع داخلي، وأنت مضطر لتحمل
ما لا تستطيع تحمله، وتكتمه في نفسك."نظرت إلى الدماء التي كانت تتساقط على الأرض، والشعور بالفراغ كان يزداد في قلبها. "كم هو محظوظ من يعيش حياة خالية من هذه المعاناة. كم هو ممتن من يملك القوة في قلبه ليعيش يومه بسعادة، دون أن 11 يحمل آلام الآخرين في كاهله. كان صوتها الداخلي يهمس بأن الحياة، رغم كل تحدياتها، قد تكون أفضل لو لم يكن هناك هذا الجرح العميق الذي لا يرى، ولكنها تعلم تماماً أن هذه المعاناة لا تشبه أي شيء آخر. "اعيشوا حياتكم بسلام، وتذكروا أن مشاكلكم مهما كانت ثقيلة،
فهي في النهاية لن تكون بهذا التأثير."
أنت تقرأ
white Russian snake
Random" كأنك آلهة يونانية " " عفوا لم افهم " " الا يقولون ان الالهات اليونانية القديمة رمز للجمال؟ لذلك كل ما أراه جميل أنسبه للألهات اليونانية " " أحببت جرأتك " " ليست جرأة أنا أقدس الجمال و كإحترام له على الأقل الاعتراف " " هل تعرفين الصدفة الجميلة...