بدأت تتراجع خطوة تلو الأخرى، قلبها ينبض بشدة في صدرها، بينما كان هو يقترب أكثر فأكثر. كانت أنفاسه تداعب وجهها، ساخنة وثقيلة، تتغلغل في أعماقها كأنها تهدد بفقدانها سيطرتها على نفسها. ومع كل خطوة كان يخطوها نحوها، كانت عيونها تغرق أكثر في بحر من الدموع التي لم تستطع إيقافها. لم تستطع أن تمنع نفسها من التراجع، كان الشعور بالخوف يتسرب إليها أكثر، والخجل يلتهم قوتها الداخلية.
كم تكره هذا الضعف الذي يكشفه وجهها أمام رجال، أشباه رجال، الذين لا يملكون سوى الاستغلال كلما سنحت لهم الفرصة. كان يعبر عن نفسه بنظراته اللامبالية، متجاهلاً كل ما يختلج في قلبها من آلام، وكم كانت تشعر بأنها مجرد ضحية أمام هذا الفم الذي لا يعرف إلا أن يسلبها أملها في العالم.
كلما اقترب، كانت خطواته تتسارع وكأن الزمن يضيق، حتى أصبحت المسافة بينهما كأنها لا تنتهي، بينما كانت هي تشعر بالاختناق، تتمنى لو يستطيع قلبها أن يصرخ في وجهه، لكن الكلمات توقفت في حلقها.
"لما تخافين مني ، لم اكن اعلم ان الأفعى ضعيفة هكذا"
كان يتكلم بصوت خافت، أنامله تمر على ذراعها العاري وكأنها تترك آثارًا في جسدها، فتغمض عيونها محاولة جاهدة أن لا تشعر بكل ما يحدث، ولكنها لم تستطع تجاهل ذلك الشعور الذي اجتاح قلبها. سرعان ما شعرت بشفته على خدها، ليعود الدفء القاسي لملامستها، وعندها انزلقت دموعها من عيونها، تتساقط كالأمطار على وجهها، تعبّر عن ضعفها الذي حاولت إخفاءه طوال الوقت.
لكن الزر الأحمر في داخلها قد اشتعل فجأة، فاستشعرت الخطر الذي يقترب منها أكثر. توقفت لحظة عن التفكير، لتجد نفسها تجمع كل قوتها الضعيفة التي بقيت داخلها، ثم دفعته بعنف من صدره، محاوِلة الهروب. كان باب الحرية أمامها، وكان الهروب هو الحل الوحيد في تلك اللحظة.
لكن يده كانت أسرع، امسك بمعصمها بثبات، وأوقفها في مكانها. قلبها ينبض بشدة، وأذناها تغرقان في أصوات الصمت الذي تلاه صوت انفاسها الثقيلة.
"إلى أين لم اكمل كلامي"
"ابتعد عني ، هل انت مجنون؟"
تمنت لو كان أريس هنا، ليمسك بيدها كما كان يفعل دائمًا، لتشعر بالأمان الذي فقدته في تلك اللحظة. لكن المكان كان فارغًا، والظلال تقترب منها أكثر. بدأ جسدها يخونها، وكأن الخوف يلتف حول قلبها ويشده بقوة لا مفر منها. تردد صدى تلك الليلة في ذاكرتها، تلك الليلة التي اجتاحت كل تفكيرها، لترتسم في عينيها صورًا من الماضي المشؤوم.
بدأ غطاء الخوف يغطي ملامحها، يجتاح روحها بكل قسوة. عيونها تغرق بالدموع، وفي صدرها يكاد ينفجر قلبها من شدة الألم. وكأن كل شيء حولها تحول إلى أصوات وضحكات كريهة، تملأ رأسها، تتسلل إلى أعماق عقلها لتجعله ينهار. في تلك اللحظة، لم تستطع إيقاف نفسها، صوتها كان يرتفع، تندب بصوتٍ عالي، كلمات غير مفهومة تخرج من شفتيها، وكأنها تتحدث إلى عالم لا يراه أحد سواها.
أنت تقرأ
white Russian snake
Random" كأنك آلهة يونانية " " عفوا لم افهم " " الا يقولون ان الالهات اليونانية القديمة رمز للجمال؟ لذلك كل ما أراه جميل أنسبه للألهات اليونانية " " أحببت جرأتك " " ليست جرأة أنا أقدس الجمال و كإحترام له على الأقل الاعتراف " " هل تعرفين الصدفة الجميلة...