في تلك الصالة الواسعة، حيث تلتحم الأرواح وتذوب الأقنعة، جلس الأصدقاء ملتفين حول بعضهم كأنهم جوقةٌ من التماثيل الصامتة، كلٌ منهم يغرق في صمته، منتظرًا نبضات الحقيقة أن تنفجر. زاك جلس بقرب لاورا، التي بدت كزهرة صغيرة تكاد تتفتح في حضوره، يلمع وجهها بلمسة من الفضول والخجل. أما ماكسيم، فكان غارقًا في معشوقته بين أنامله، أصابعه ترقص على أوتارها، كأنهما يتبادلان سرًا دفينًا بلغة الموسيقى.ديمتري، بنظراته الغامضة التي لم يكن يفهمها سوى عمر، كان يتبادل نظرات حذرة، ربما كانت تلك النظرات تعكس تحذيرات، أسرارًا يعرفها الاثنان ويحملانها بعبء. وفي الجانب الآخر، أريس جلس بجانب ماري، ويداه تحتضنانها بدفء يُظهر قوة خفية تسرّي في جسدها الضعيف، بينما تمسك بيده كأنها تستمد شجاعةً طالما افتقدتها. عيونها شاردة، تموجات الألم والعزم تتجاذب في أعماقها، بينما كان الجميع يحدقون بها، ينتظرونها في صمت ثقيل.
الأسرار كانت ثقيلة، أشبه بقنابل مؤجلة، تتراكم داخل صدرها كأحجار تسحبها إلى أعماقٍ لا قاع لها. هي ليست الوحيدة هنا التي ترتدي قناعًا؛ فكل شخص، في هذه الصالة، يخبئ خلف ملامحه حكاية غير مكتملة، وجزءًا من روحه محجوبًا. الجميع محاطون بأقنعة صنعت من سُخط الحياة ومرارتها، قناعًا خلف قناع، وكل واحد يخفي في طياته حقيقة مريرة. ماري كانت تدرك أن الأسرار، مهما طالت، لها تاريخ صلاحية ينتهي، لحظة ينفجر فيها الغامض وينكشف المستور. اليوم، اختارت أن تخلع قناعها الثقيل أمامهم، ليس لاستدرار شفقة أو رغبة في الراحة، بل أملًا أن يجدوا في قلبها المتعب ما يستدعي صمودهم بجانبها.
أنفاسها ارتجفت، ويداها تشبثت بيد أريس أكثر، بينما ألقت نظرة على وجوه أصدقائها. هؤلاء من كانوا سندًا لها ورفقاء دربها، من عرفت أنهم سيتلقفون أسرارها التي تسحقها، ويرفعونها عن كاهلها المتهالك. هي لا تطلب منهم شيئًا سوى ألا يحكموا عليها، أن يقفوا بجانبها في رحلتها إلى الظلام، دون تردد أو سؤال.
"قبل سبع سنوات..."، بدأت ماري حديثها بنبرة منكسرة، بينما كانت عيون أصدقائها تتابعها بترقب وصمت. تلك اللحظة كانت كالكشف عن جرح قديم لم يلتئم، لكنها لم تعد قادرة على حمله وحدها.
"اشتغلتُ في منظمة للقتلة المأجورين، مقرها في روسيا. كنت قناصة، مهارتي في القنص كانت السبب وراء اختياري لهذا العمل. دربتُ نفسي على مدى ثلاثة أشهر... وكل هذا حدث بعد تعرفي على ديمتري غلوتشكوفا."
ديمتري، الذي كان جالسًا قريبًا منها، أومأ بخفة، لم تكن ابتسامته تعبر عن فخر أو عجب، بل عن تفاهم عميق.
"قابلني بالصدفة،" تابعت ماري، "تعرف عليّ لأنه كان قد رأى صوري في إحدى الملاهي التابعة للعصابة التي اختطفتني. كانت والدته أيضًا ضحية لهم، وكان يرغب في الانتقام. عرض عليّ الانضمام، وأنا قبلت، لم يكن لدي خيار آخر... كنت بحاجة للمساعدة لأجد القوة اللازمة للانتقام منهم."
أنت تقرأ
white Russian snake
Random" كأنك آلهة يونانية " " عفوا لم افهم " " الا يقولون ان الالهات اليونانية القديمة رمز للجمال؟ لذلك كل ما أراه جميل أنسبه للألهات اليونانية " " أحببت جرأتك " " ليست جرأة أنا أقدس الجمال و كإحترام له على الأقل الاعتراف " " هل تعرفين الصدفة الجميلة...