الحلقة السادسة والعشرون

69 9 1
                                    

مصر...عام 343 قبل الميلاد...

السماء كانت ملبدة بالغيوم..والأمطار بدأت تزخ في مشهد أصبح مألوفا من كثرة تكراره..
كان القصر الملكي محاطا بالكثير من الجنود...وكان الملك بالداخل يتجهز ليقود جنوده للحرب..الملكة بدت قلقة لكنه بدأ يحدثها ويقول ناظرا لعينيها مباشرة:
-الحرب إللي إحنا داخلينها كبيرة..محدش عارف هتخلص على إيه..
غير إن كل أهلي خانوني وإتخلوا عني والباقي إتقتلوا يا بإيد العدو يا بإيد الخونة...

ابتلعت ريقها وهي تنظر له بإرتياع:
-وإيه معنى كلامك!

قطب حاجبيه وبدا أنه لا يملك وقتا كافيا وقال:
-إنتي هتاخدي ولادنا وولاد إخواتي وزوجاتهم غير الأطفال الباقيين من النسل الملكي القديم...وهتتحركوا في الضلمة وتروحوا تسكنوا هناك في الغرب

إتسعت عيناها وقالت:
-في الغرب فين؟

-في الصحراء الغربية

قالت بعيون دامعة:
-مش العدو كده كده داخل..خلاص أفضل جنبك أحسن

قال الملك والحزن يقطر من عينيه:
-مبقيناش زي زمان..العدو أقوى مننا بمراحل ومتنظم..خايف دي تكون نهايتنا كلنا...دول ما بيرحموش وكل الدول إللي دخلوها دكوا حضارتها...وده إللي خايف منه...

ثم أضاف:
-إنتوا أمل مصر الوحيد...علشان كده هتاخدوا منظومة آشعة التخفي الوحيدة إللي بنملكها دلوقتي وهتعيشوا هناك...

-طب والشعب؟

-قريب لما إبني يكبر هو وولاد عمه هترجعيهم أرضهم علشان يحاربوا المحتل وينقذوا الشعب..وبعدها مش هتحتاجوا تتخفوا...

-طب لو كده ما إنت هتحارب..إيه المختلف؟!

-المختلف إنهم هيتربوا بعيد عن السلطة ومفاسدها..أنا دلوقتي مش لاقي حد يحارب معايا ولا يساعدني..كل واحد بيقول نفسي وبس...

-بس ده مش غلطك..ده سببه فساد إللي قبلك

تنهد قائلا:
-إحنا عيلة واحدة...أي حد بيعمل حاجة بيورثها لغيره...فات آوان اللوم...

ثم أخرج مكعب صغير وقال:
-ده مجسم في كل الكتب والعلوم إللي وصلنالها...وده نسخته خلي معاكي نسخة وإدي الحكيم اللي هيربي إبننا نسخة..

نظر في عينيها نظرة وداع فيما إمتلئت عينيها بالدموع و أنفجرت بالبكاء وهي تقول:
-لما إتجوزتك..اتوقعت كل المواقف إللي ممكن تحصلي معاك..إلا إني أسيبك وإنت لسة موجود وحي..

تعانقا عناقا طويلا خرج بعدها الملك مودعا إياها هي وصغيره الذي لم يتم الثلاث سنوات...

فيما إقتادها الجنود لعربتها التي يجرها أحصنة خشبية آلية هي وإبنها وبقية العائلات الملكية..والتي تتكون من أميرات وأبنائهن وجدات كن فيما مضى ملكات..
أما الرجال فخرجوا مع الملك للحرب...

الروح المصرية (الجيل الجديد من الفراعنة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن