الحلقة الثامنة والعشرون

97 8 3
                                    

المدينة المخفية

كان (تي) يزرع فناء منزله،الهواء يعبث بشعره الكستنائي اللامع تحت ضوء شمس العصر..

بينما يهتم بالفناء كان يراقب الأطفال الذين يلعبون بمرح في الساحة... يرمون الكرة نحوه ليعيدها لهم مرة أخرى مبتسماً...

-لسة مخلصتش يا (تي)؟

إلتفت للصوت فإذا بها والدته... أجابها:

-لسة... تعالي شمي هوا

جلست والدته تتأمل الزهور التي زرعها إبنها وقالت بحزن جعل وجهها الجميل كئيباً:

-تعبت نفسك ليه؟
إحنا كده كده ماشيين من هنا

صمت ثم قال بهدوء:

-على الأقل نسيب علامة تدل إننا في يوم من الأيام عشنا هنا...

تنهدت والدته ثم قالت بنفس الحزن:

-الواحد كان كل أمله إنه يموت في المكان إللي إتولد فيه... لكن إللي بياخدوا القرار ما بيرحموش أحلام الناس البسيطة إللي زيي....

أضافت ودموعها بدأت تلتمع:
-حتى أبوك مش هعرف أزوره.. كل ذكرياتنا هتضيع

نزل (تي) على ركبته وقبل يدها بحنان قائلاً:

-كان نفسي أخفف عنك... بس أنا زيك حزين ومش في إيدي حاجة إللي مصبرني إننا مع بعض...

ربتت على كتفه وهي تحاول الهدوء أمامه...

-إنتوا زعلانيين كده ليه؟!

سؤال برئ من أحد الأطفال الذين يلعبون حولهم جعل والدة (تي) تبتسم وتجيب:

-مين قالك إننا زعلانيين؟

نظر لها الطفل بعيناه الواسعة التى تشع ذكاءاً وأملاً وقال:

-إنتوا فاكريني مش فاهم...
إنتوا زعلانيين علشان هنروح نعيش كلنا في الوادي..

إبتسمت وقالت:
-لما هتكبر هتعرف إنه مش سهل إنك تسيب بيتك.. علشان كده أنا زعلانة...

قال الطفل بجدية بريئة:

-الزعل مش حل!
إبتدي حياة جديدة...

شعر (تي) أن ذلك الطفل رسالة إلهية لوالدته الحزينة...

واصل الطفل كلامه:

-كل الناس زعلانة إلا أنا.. أنا عاوز أسافر وأتعرف على ناس جديدة.. خليكي زيي!

قال (تي) ناظراً لوالدته:
-صح لازم نبقى زيك علشان نعرف نعيش

نظر لهم الطفل برهة ثم تنبه لنداء زملائه فقال:

-طيب هاتوا الكورة

إنتبه (تي) للكرة التي تحت قدمه وأعطاها للفتى الذي واصل لعبه مع أصدقائه...

إبنسمت والدته بحنين وقالت:
-سبحان الله.. فكرني بيك وإنت صغير...

قبل أن يجيبها سمعا صوت ضجيج عرفا على الفور ممن يأتي... إنهم (سبيكة) و(مرمر) الثنائي المشاغب،الفلاحان المرحان وصديقا (تي) الوحيدين..

الروح المصرية (الجيل الجديد من الفراعنة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن