الحلقة السابعة

123 10 1
                                    

شمال سيناء...مبنى العمليات الخاصة التابع للجيش المصري..
يتحدث أحد الضباط وهو يشير لإحدى الخرائط قائلا:
-هما أكيد هيلجأوا للجبل..او للتضاريس اللي حواليه بعد العمليات اللي قومنا بيها..
رد زميله:
-ده متوقع جدا..و علشان كده التعزيزات هتبقى مختلفةو مكلفة..لأن صعب إقتحام منطقة وعرة زي دي...
شرد الاخر وفرك عينيه من التعب و قال:
-عارف يا (صفوت)..كنا عايزين (حافظ) معانا
امسك الاخر كوب الشاي و ارتشف رشفة و هو يقول:
-(حافظ) واخد إجازة شهر..وبعدين مش هو اتنقل للمخابرات الحربية..؟
-اه..قوات الاستطلاع..
قال (صفوت) بإبتسامة:
- بس بصراحة يا (عامر) معاك حق..وبعدين (حافظ) ده نصير الأمهات..مفيش خساير في العمليات بتاعته..
رد (عامر) بمرح:
-ايوه والله..لولا اني شغال مع (حافظ)-بعد ستر ربنا-كان زماني ميت في تفجير و أمي زمانها أم البطل...
ضحك (صفوت) بشدة و أضاف:
-الله يجازيك يا (عامر)..ما تتصل بيه و تاخد رأيه في الخطة..
-يا عم هو ناقص..ده لسة مخلص مهمة صعبة و مخطط لمهمتين كبار..وانت عايزني أقرفه في إجازتة اليتيمة اللي خدها بالحيل..
-معاك حق..بس عارف أنا حاسس إنه مش هيكمل إجازته على خير..لازم هيحط بصمته في العملية دي..
-مين عارف..وقفنا فين؟
                       ***
في المدينة المخفية..
في احد صحاري مصر..
داخل الهرم الذهبي الضخم..
كان الهرم الذهبي قصرا فخما من الداخل..
وفي غرفة العرش..
كانت الجدران منقوشة بالزجاج الكريستالي السماوي..و المقاعد بنفس اللون...
وكان العرش الملكي باللون الذهبي..و الطريق المؤدي اليه مصنوعا من رخام  أبيض..
كان يجلس على العرش..
يرتدي عباءة ملكية باللون الابيض المطرز بخيوط بلون ذهبي..
عينيه سوداء فاحمة ذات زوايا حادة يملؤها الكحل..
وشعره طويل قليلا منسدل على جبينه بإنتظام و مقصوص بعناية شديدة....يشبه سواد الليل..
كان ملكا شابا في أواخر العشرينات
همس أحد أفراد الحاشية في أذنه..
تكلم فقال بصوت واضح ومترفع:
-خليه يدخل..
دخل الزائر فخرج الجميع..توجه الملك نحو طاولة الاجتماعات..و دعا الزائر...
بدأ الزائر الكلام فقال:
-شكرا لإستقبال جلالتك..
تحدث الملك بنظراته الحادة المترفعة وقال:
-دي أقل حاجة..يا سيادة اللواء
تنحنح اللواء (سامي الديب) وقال:
-إحنا درسنا تخوفاتكم كويس..
و مقترحين ان ميعاد الإعلان الرسمي عنكم يكون في يونيو اللي جاي..
رد الملك بهدوء:
-ده ميعاد مناسب..إحنا من جهتنا مستعدين..
-ده خبر كويس..بالنسبة للشخصيات اللي ضد الدمج سواء من مجتمعنا او من مجتمعكم...إحنا هنخليهم في الصورة لآخر لحظة..حتى لو حد فيهم ناوي يترشح للإنتخابات..علشان اللي معاهم يكشفوا نفسهم لينا وكمان للرأي العام..
-ده فعلا الحل الأنسب..لأن أخطر دور ممكن يلعبوه دور المظلوم صاحب الأفكار أو دور حامي الهوية..بكده هيكشفوا أوراقهم أسرع...وصعب أوي يبرروا بعدين موقفهم للناس..
-طبعا..لما يتسبلهم الحبل على الغارب...أكيد هيتورطوا..و دورنا إننا نطلعهم من اللعبة في الوقت إللي هيغلطوا فيه..علشان الناس متسألش عملنا فيهم كده ليه..
-بالظبط..
-يبقى أبلغ سيادة الرئيس إن كل حاجة جاهزة...
                        ***
القاهرة الجديدة...
منزل السيد (رشوان)...
كان (نادي) في غرفته يمسك الهاتف و يتحدث...كان يقول:
-وإنت ناوي تيجي إمتى يا (نديم)؟
(نديم) بمرح:
-مش عارف..هو إنتوا أتوحشتوني؟
(نادي) ببرود:
-أكيد آه
ضحك (نديم) وقال:
-لا دي مش من قلبك..
أكمل:
-يمكن الصيف اللي جاي أقدر اجي..
رد (نادي) :
-وايه أخبارك في ألمانيا؟بتعمل ايه؟
قال (نديم) بخبث وهو يضحك:
-هكون بعمل ايه يعني؟!غلبان والله.. مطحون في الماجستير و المشاريع..
رد (نادي) بسخرية:
-لا يا شيخ..بجد؟
قال (نديم) بحسرة ساخرة:
-ومنين أجيب الوقت للصياعة؟
ثم أضاف بعبث:
-و بعدين أنا مش بتاع شعر أصفر وعيون ملونة..أنا أحب الجمال الشرقي..
رد (نادي) بلامبالاة:
-ماشي..بس مش مصدقك
-المهم ماما تصدق..
-آه طبعا..ما انت بتعرف تمثل كويس..
-أستحق الأوسكار..صح؟تلاقيها فاكراني بعمل الروتين اليومي المدرسي بتاع زمان..
-بصراحة تستحقها..جرب تمثل..هتنفع..
ضحك وقال بغرور مصطنع:
-طبعا يا ابني..أنا وشي سينمائي أصلا ولا رشدي أباظة في زمانه..
ثم استطرد:
-بس وحشتوني كلكم..حاول انت برده تسمع كلام ماما..صح هي عصبية حبتين بس والله طيبة وبتحبك جدا..لو طيبت خاطرها بكلمتين..الفرحة مش هتساعها..
رد (نادي):
-ان شاء الله
-طيب سلام..وسلملي عليهم كلهم
-سلام
أغلق الهاتف و أرتمى على سريره بكسل.. كالعادة...
                         ***
في مصر القديمة في إحدى الحارات...
إثنتان من الجيران واقفتان على سلم العمارة يتشاجران كالعادة..
كانت الاولى تقول بغضب:
-وهو أنا كل ما هنشر الغسيل تقوليلي بينقط؟طب ما هو لازم ينقط!
الثانية بغضب أشد:
-اه ما هو لما اكون لسة ناشرة الغسيل و غسيلك ينقط عليا يا حميدة يبقي انتي قصداني..دي مش أول مرة!
-اتكلمي عدل يا (نعمات)!
-انتي اللي اتكلمي عدل يا (حميدة)!
ينزل من أعلى شاب يفرك عينيه من النعاس يرتدي فانيلا و بنطال بجامة مخطط وشبشب زنوبة
صاح بهن:
-استهدوا بالله و قولوا يا صبح..فيه ايه؟
صاحت (نعمات):
-تعالى شوف (حميدة) مستقصداني تاني مش مكفيها خناقة يوم الخميس...
(حميدة) نافية:
-وانا هعرف منين يا ابني انها منشرة بس!
رد بنعاس وهو يعبث بشعره المنكوش:
-طب..يا ست (نعمات) هي خلاص نشرت..غطي الغسيل بأي مفرش..و كله هيبقى تمام..سلام عليكم
ثم خرج من العمارة..نظرت كل منهما للأخري و قالا في صوت واحد:
-إحنا ازاي مفكرناش في كده!
                        ***
خرج ليشتري الافطار له ولوالديه...توجه نحو عربة الفول المشهورة ب"عربية عم شحاته"
وجد تجمهر من أطفال وشباب و نساء و عجائز...هذا طبيعي لأن جميع أهل الحارة يفطرون على فول عم شحاته...انتظر لحظة ريثما يأتي دوره..تأمل للحظة الحارة..أطفال صغار يلعبون..بائع خضار ينادي على بضاعته..منازل قديمة..سيل من المارة الذين يمرون من شوارع الحارة الصغيرة..قطع صوت تأمله عم (شحاته) وهو يقول:
-صباح الخير يا (زيزو) يا ابني
ابتسم وقال:
-صباح الخير يا عم (شحاته)..عايز بعشرة جنية فول..
رد عم (شحاته):
-عادي ولا اختراع؟
-ماشي اختراع..اتحفني يا عم (شحاته)
-فول بالسجق..الكل طلبه النهاردة دوقه ومش هتندم
-خلاص خلينا نجرب..
وضع له الفول في كيس و أغلقة بسرعةومهارة و أضاف كيس المخلل...
أعطاه له وقال :
-بس انا حاسس انك مش تمام انهاردة يا (زيزو)
ابتسم وقال:
-عايل الهم يا عم (شحاته)..
ليا كام متخرج ومفيش شغل؟ اشتغلت كل الشغلانات..بس مفيش حاجة ثابتة..
ابتسم عم (شحاته) بطيبته و ملامحةالعجوز المريحة:
-متشيلش هم أومال..قول بس يا رب واسعى و ربنا ان شاء الله هيوفقك...
-يا رب يا عم (شحاته)..استأذن انا..
-اتفضل يا بني..
                          ***
عاد بالافطار لوالديه..دخل المنزل..جاءه صوت والدته وهي تقول:انت جيت يا (زيزو)؟
-ايوه يا ماما..وجبت الفول
في نفس اللحظة خرج والده من الصالة..نظر له نظرة غضب وتوعد قائلا:
-هو انا مش قولتلك قبل كده متنزلش بالفانيلا؟هتفضحنا قدام الخلق..
ابتسم ببلاهة و قال:
-معلش نسيت!
بدأ والده يتمتم بغضب وهو يعدل نظارته الدائرية..
أتت والدته بالخبز و جلست تقول:
-هو انت على طول كده قارش ملحة الواد! ده (زيزو) ده غلبان!
رد بحدة:
-غلبان..غلبان..يلا علشان الاكل هيبرد..
قولوا بسم الله..
بدأوا يأكلون وهم يسمعون نشرة الاخبار و (زيزو) كالعادة معه جريدة اليوم يبحث عن عمل..
قالت والدة (زيزو) موجهة له الحديث:
-مالك انهاردة يا ضنايا..ساكت مش عادتك؟
رد بمرح:مش هتسدقي الحلم اللي شوفته انهاردة!
-حلم ايه؟  اللهم اجعله خير!
-شوفت ياما اني غرقت في البحر...
وضعت امه يدها على صدرها وهي تقول:
-يا ساتر يارب!
ضحك وقال:
-مش لما تعرفي باقي الحلم..
- طب كمل..
-المهم..بلعني حوت و بعدين فجأة..لقيته بيطير في السما ورايح على الفضا..و كأني كده قال ايه يعني بقيت رائد فضاء!
قطبت حاجبيها وهي تقول:
-لأ ده باينله ليه معنى.. أنا أسأل أم صفية عليه..هي بتفهم في الحاجات دي..
رد الوالد وقال بلامبالاة:
-معنى ايه؟ده كل أحلامه غريبة و مش معروفلها راس من رجلين..
ثم اردف:
-ما علينا..إنهاردة كلمتني (علا)...عازمانا هي وجوزها على الغدا عندها..
ردت الام بلهفة:
-وليه مدتنيش أكلمها؟
-كانت مشغولة باين..العيال كانوا مش سيبينها..
-يا حبيبتي يا بنتي واحشتني والله

اما (زيزو) فكان يتذكر اخر زيارة لأخته..لقد أفسد الصغار طاقمه الوحيد الذي يخرج به عندما اوقعوا عليه القهوة.. وهمه الوحيد الان...ماذا سيرتدي في تلك الزيارة؟!
                        ***
تمت...                    

الروح المصرية (الجيل الجديد من الفراعنة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن