الاب: تفضل انها من اجود الاواني التي عندي
الرجل: شكرا لك كم السعر؟
الاب: ثلاث قطع نقدية ولأجلك قطعتان فقط
الرجل: اووه شكرا لك انت حقا افضل بائع فخار قابلته في حياتي..
وهم بالرحيل وابتسامة تزين وجهه..
تكرر هذا الحوار بين عمار وكل من يشتري من عنده حيث كان عمار رجل اربعيني ذو ملامح عربية ذو بشرة تتمتع بسمراوية خفيفة انف وأعين حادة بدأت التجاعيد فيها بلبروز خاصة عندما يبتسم.. ذو جسد متين لايبدو لشخص ذو عمره كان يرتدي ملابس لا فاخرة ولا رثة.. كلما اخذ قطعتين وضعهما داخل صندوق خشبي امامه.. وبينما هو على ذلك الحال تقدم شاب في 18 من العمر طويل ذو جسم يتمتع بعضلات شبابية حنطي البشرة وذو اعين حادة سوداء وانف وفك حاد وشعر بني مخرب يشبه عمار كثيرا اخذ بضع خطوات الى تلك العربة الخشبية التي تبدو انها قطعت بعجلاتها الكثير من بقاع الارض حيث كان طلائها قديما وخشبها مخدوشا.. كبيرة الحجم من الامام تبدو مجرد متجر لأوان فخارية جميلة ولا كنها تعتبر منزلا صغيرا من داخل.. وعند وصوله الى العربة فتح بابا في جانب الأيمن لها ودخل تقدم من عمار وقال بتساؤل: ولكن يا ابي لماذا لا نضع النقود في اكياس قماشية يكون من السهل حملها ونقلها؟!!
عمار بنفاذ صبر: يا اياد منذ ان رأيت تجار هذه البلدة يضعون نقودهم في اكياس قماشية وانت تعيد هذا السؤال وانا سأعيد نفس الجواب منذ ان بدأت التجارة بالاواني الفخارية و انا اضعهم في هذا الصندوق وانا على ماعليه الآن فلن اغيره ابدا
اياد بتذمر: تقول هذا وكأنه شيئ مقدس وهو مجرد صندوق خشبي رث وقديم له قفل صغير.. قاطعه عمار وهو يناضره من اسفل رموشه: نعم نعم قل ما تشائه لن اغيره ابدا
اياد بتحد: العنيد يتفوق على المشاكس..
وقبل ان ينطق عمار دخلت إمراة في الثلاثينات بيضاء البشرة نحيفة الجسم ليست بالطويلة وليست بالقصيرة بأعين غزال بنية وانف صغير وشعر بني ترتدي فستان طويل باكمام بلون رمادي فخم وقالت: مثل كل مرة اب عنيد مع ابن اعند دعوني اخمن على ما تتناقشون اممم آه نعم الصندوق والاكياس القماشية خذها من عندي اياد ابوك لم ولن يغيره انا اعرفه اكثر منك.. وابتسمت آخر كلامها
عمار ببسمة خبيثة : اسمعت!!
اياد بحصرة: امييي لماذاااا آاه كنت على وشك هزيمته واقناعه
الام: اقناعه؟! هه هل الاقناع يأخذ كل هذه المدة امم اضن انها اكثر من عشرون يوم
اياد: اه.. لقد مر كل هذا الوقت فعلا حسنا اظنك قد فزت هذه المرة ايها القديم
عمار: ماذا قلت لك عن هذا المصطلح!
اياد وهو يخطو بخطوات بطيئة نحو الوراء واضعا اصابعه السبابة في اذنيه ويبتسم بخبث وتلاعب: ماذاااا انا لا اسمع ماذا تقول ايها القديم هل اصبح صوتك قديما ايضا..
عمار بغضب: ماذااا ايها الشقي المتمرد تعال الى هنا..
وبعد اخذه لخطوى واحدة استدارة اياد وركض خارجا وهو يضحك
عمار: ذلك الصعلوك سألقنه درسا عندما يعود..
لم تستطع الام امساك ضحكتها وانفجرت في وجه عمار الغاضب
عمار بغضب: انت ايضا يا جوهر؟!!!
جوهر: ولكنكما مضحكان تجعلانني اضحك غصبا عني.. ههه
بدأ غضب عمار يتحول الى ضحكات متقطعة ثم كاملة هو وزوجته جوهر التي اوقفها صوت عجوزة اتت الى المتجر
عمار: حسنا لنرى ماذا تريد هذه الام
جوهر: وانا سأنهي آنية الفخار واذهب للتجهيز العشاء
وفعلا ذهب كل واحد منهم الى عمله اخذ الليل بالحلول وبدأ نسمات البرد بالهبوب قل الناس في الخارج فكانت المنطقة جميلة تزداد جمالا في اليل بالرغم من انها تعم بالناس الى انها تتميز بمساحاتها الخضراء الواسعة واشجارها الكبيرة وبعض بحيراتها التي تزين كل حي منها ومن نقاوة مائها وكأن السماء وضعت فيها وبيوتها ذات الطابع الهندسي الفريد من نوعه حيث ان كل البيوت متراصة اما بعضها البعض وذات علويةمثلثة الشكل وفي كل حي يوجد بيت جمييل جدا يعبر عن ثراء صاحبه
ومختلف عن باقي البيوت العادية حيث تعرف هذه البلدة بإسم (فيسي ) وهو اسم اطلقه عنها اليونان قديما ويعني الطبيعة الخلابة التي تتميز بها هذه البلدة عن باقي البلدان...
اغلق عمار النافذة الكبيرة الخشبية لمتجره الصغير التي تطل على الحي اخرج المفتاح المتصديء وقفل القفل محكما اغلاقه اعاده الى جيبه اخذ بضع خطوات فتح الباب الذي بالجانب الايمن للعربة ضخمة اخذ خطوة كبيرة بعض الشيء وعالية وعند تموضعها على العتبة اخذ يضم القدم الاخرى وتقدم الى الداخل حيث يتواجد الكثير من الاواني الفخارية المرتبة في طوابق خشبية على الجدار الخشبي المتين الخلفي الذي يرى من الخارج عبر النافذة المتواجدة في الجدار الامامي تقدم خطوات نحو الباب في الجدار الخشبي الايسر الذي يدخل الى البيت الصغير حيث اول مايرى هو مطبخ صغير بطاولة خشبية صغيرة الحجم المزينة مزهرية فخارية مموجة بالون الاصفر الفاتح واخضر الغامق الذي يعطي تنسيقا جذابا و على الجانب سطح مرتفع قليلا يحتوي على بعض الدروج و يتميز بالاواني الفخارية الموضوعة فوقه ذات نفس الطابع المموج بالون الاصفر الفاتح واخضر الغامق وبجانبة القدر الذي كانت جوهر تفرغ من محتواه داخل تلك الاطباق الفخارية حتى سمعت صوت خطوات استدارت وقد كان عمار الذي قال بتلذذ: اممم يبدو انه حساء شهي قاطعه صوت اياد الذي كان يتقدم بخطوات سريعة
اياد: امم ساخن في هذا البرد..
عمار بغضب: لقد اتيت ايها الصعلوك الم يكفك ما حدث في المساء والآن تقلد كلامي ساخرا..
قاطعتهم جوهر قائلة محطمة لآمالهم: ليس حساء انه عدس ولكنه ساخن في هذا البرد واطلقت ضحكة رقيقة آخر كلامها ثم نطق كلا من اياد عمار بنبرة غيظ:
اياد: امييي
عمار: جوهررر
جوهر بنبرة أمر : لا لالا لا اريد ان اسمع اي تذمر من ياكله بطنه جوعا ياكل ومن يتكبر فالينم دون عشاء
جلس كل من اياد وعمار في الطاولة لانهم يعلمون انه مامن خيار آخر غير اكل هذا العدس
وضعت جوهر الاطباق و الملاعق اخذ عمار الملعقة وبدأ بالاكل ثم بدأ كل من جوهر واياد وبينما كل يأكل قال عمار بتساؤل بريئ: لكن يا جوهر هل لا أشتري لك الطعام لتعيدي نفس الطبق لثلاث مرات على التوالي؟!!
جوهر: اولا لقد طبخته للمرة الثانية لأنه اعجبكم في المرة الأولى وثانيا لانه كان بكمية كبيرة وخفت ان يفس ان طال الاحتفاظ به وثالثا الم اقل لك من قبل انه يوجد العدس وسألتك ان اطبخه او تشتري شيئا آخر ولكنك اخبرتي بكل فرح اطبخي العدس
عمار: انا قلت هذا؟!!
جوهر: نعم وكررتها مرتين
عمار: لكنني لا اتذكر
جوهر: وهل تتذكر مايتفوه به فمك ويداك مشغولتان بجني المال ووضعه في ذالك الصندوق وبالك مع الزبائن؟!!
اياد مبتسما بمكر: قلت لك انه قديم
عمار : اصمت ايها الصعلوك والآن لي.. لنأكل سيبرد الطعام
لم يستطيع اياد وحتى جوهر امساك ضحكتهم
ثم اكملا اكلهم ذهب عمار مباشرة للنوم اما اياد فبقي لمساعدة امه في غسل الصحون وترتيب المطبخ بعدها ذهب للنوم اما جوهر فشربت كوبا من الماء ثم اغلقت كل النوار ماعدى مصباح واحد خرجت من المطبخ من الباب ليقابلها بابين في جدار واحد امامها على بضع خطوات و واحد في الجانب الايسر وهو للحمام تقدمت تلك الخطوات وفتحت الباب الايمن اما الايسر الذي امامه فهو لغرفة اياد الصغيرة جدا
دخلت الى الغرفة والتي ايضا كانت صغيرة اتجهت مباشرة نحو السرير الذي كان قد سبقها اليه عمار والذي من شدة تعبه كان نائما بفم مفتوح ابتسمت جوهر من ذلك المنظر حركت رأسها بقلة حيلة واسف اغلقت فمه واستلقت ونامت...
أنت تقرأ
آِيّوُسًْـيّآ..
Mystery / Thrillerيستطيع سماع صوت تحطم جوهرته النادرة، التي لا وجود لصمغ يستطيع اعادتها واصلاحها... ولكن هناك مايستطيع اصلاح قلبه المحطم حتى وان كان على حساب ان يُشوه... اذا.. هل الطيب ينتقم؟.....