مَارْثَر...

23 6 0
                                    

بينما الجو جميل حيث الشمس مشمسة ونسمات الرياح بين الحين والآخر وعمار في نافذة متجره الصغير يتعامل مع زبائنه اذ بإمرأتان يتقدمان من المتجر وهما يتكلمان ومن الواضح ان الموضع الذي يتكلمان فيه يثير الجدل وحساس... فعند اقترابهم من النافذة قالت المرأة الاولى الى الثانية بغضب: كيف عاد ذلك الكلب..
المرأة الثانية بإستياء مع غضب: لا ادري  اخبرتك انني رأيته اليوم يدخل الى منزله
قاطعتها المرأى الاولى بغضب: يدخل الى الجحيم السابع...  لكنه لم يقضي الكثير في السجن حوالي... امم؟!
المرأى الثانية: اظن اليوم الذي دخل فيه الى السجن هو اليوم الذي اتى فيه هذا البائع... انتظري..
ثم نظرت الى عمار وقالت بتساؤل: اخي..
عمار بتساؤل رغم انه سمع كل الحديث ويعلم ماذا ستقول: نعم الاخت؟!
المرأة الثانية: كم المدة التي بقيتها هنا؟!
عمار: حوالي شهرين!...
ثم فكر في نفسه وظن انه في الموقف المناسب ليعلم اكثر عن  هذا الشخص الذي يمقتونه الى هذه الدرجة فسأل: لكن لماذا؟!
المرأة الثانية بغضب حاولت ان تخفيه مع الاحترام ولكنه كان يظهر مع كلماتها: سألتك لكي اعلم المدة التي قضاها ذلك الحيوان الجشع الخالي من الاخلاق و المشاعر  همه الوحيد هو مطامعه و ماله لم يترك صبيا ولا فتاة ولا مرأة ولا شيخا ولا عجوزا الا وافسد لهم يومهم اسكن الرعب في قلوب اهل الحي.. و ايضا كان يعمل مثلك بائع فخار...  كنا نشتري من عنده وبكل فرح لكنه مع مرور الوقت بدء يظهر جانبه المظلم حتى قدمنا شكوى ضده  لكن لا اعرف لماذا بقى فقط هذه المدة القصيرة؟
قاطعتها المرأة الاخرى: من الواضح ان لديه معافر من الحكومة او شيئ من هذا القبيل
المرأة: نعم هذا هو التفسير الوحيد..
ثم قال عمار بإستفسار: وما اسمه؟!
المرأة: اسم ذلك الكلب مارثر
عمار بفهم:  امم مارثر اذا...
ثم قال بإحترام: بماذا اساعدكم؟!
المرأة: اعطني صحنين المزيينين بالورد الصغير
عمار: الوردي او ازرق
المرأة: امم الازرق
المرأة الاولى: وانا نفس الشيئ لكن الورد الوردي
عمار بإحترام: حسنا..... تفضلا انت الازرق وانت... الوردي
المرأتان: بكم؟!
عمار: 3 قطع نقدية لكل واحدة....

اياد ودانيال

بينما الصديقان كانا يتمشيان قليلا ويضحكان قليلا ويتعاركان قليلا على امور تافهة.. شد انتباههم  فتيان من الواضح انهم في نفس عمر اياد ودانيال يضربان شخص يبدو اضعف منهم ويضحكان.. قال اياد: هل يضربانه؟!
دانيال: نعم من واضح هذا
اياد: هيا لنذهب!
دانيال: نعم هيا..
ذهبا اليهم بخطوات سريعة  وتوقفا بمسافة تبعد حوالي المترين بينهم وبين الفتيان الغريبان حيث كانا متشابهان كلاهما بيض البشرة وبأعين خضراء  لكن واحد بشعر اصفر وواحد بني...
ثم نادى اياد بغضب: هاااي ماذا تغعلون اتركوه!
رد ذو الشعر البني بإستهزاء وغضب كأن هناك شخص افسد عليه نومه وهو في أعماقه: ومن تكون انت لي تأمرني بتركه؟
اياد بإستهزاء: اكون من لا تستطيع ان تكونه
رد عليه ذو الشعر البني بإستهزاء: معك حق فلا يمكنني ان اكون كلبا!
اياد بسخط وبصوت منخفض: تبا لقد قصفني ابن الكلب..
دانيال: دع الامر لي..
ثم قال بإستهزاء وتحد: الكلب الذي سينقض عليك ويعلمك درسا لن تنساه..
رد ذو الشعر البني بإستهزاء: لطالما كنت اعذب الكلاب
اياد وهو يتقدم اليه راكضا بغضب:  ايها الحقير..
واصتدم به طارحا اياه ارضا وشرع في لكمه.. وهو يشتمه قائلا: كلب ها كلب من الكلب يا ابن الكلاب..
فحاول صديقه ذو الشعر الاصفر ان يبعد اياد بضربه بخشبة لرأسه لكن دانيال وصل اليه في الوقت المناسب ونزعها من يده فحاول لكم دانيال الى وجهه لكنه تفاداها وقال بغضب:  الا وجهي الجميل ايها.. 
ولكمه واحدة اسقطته ارضا...
وبينما هما على ذلك الحال يتعاركون هرب ذلك الصبي ثم سمع الاربعة صوت رجل يتقدم من بعيد ينادي: ماذا تفعلون ايها الصبيا اتركاهما!
نظر كلا من اياد ودانيال الى بعضهم البعض وافلتا المتنمرين وركضا بسرعة وهما يضحكان وبعد مدة ليست بالطويلة توقفا ثم قال اياد وهو يلهث من الجري بإبتسامة: لقد علمناهم درسا لن ينسوه..  قال كلب قال...
دانيال بفخر: نعم سيتذكرون لكماتنا دائما.. هه
واستمرا على ذلك الحال وهما يتمشيان في الطريق يعيدان احداث المعركة لبعضهما البعض رغم ان كلاهما كان حاضرا...
وفي طريقهما شد انتباه دانيال  حقل تفاح شهي فقال لاياد وهو يؤشر نحو الحقل بابتسامة : انظر!
اياد بفرح: وااو انه كبير وتفاحه يبدو شهيا..
ثم ابتسما لبعضهما بخبث كأسد وجد فريسته وقال دانيال:  انها مكافئتنا لدفاعنا عن الحق..
اياد بنفس الابتسامة:  نعم لنأخذها..
ودخلا من فتحة صغير دائرية كانت موجودة في سياج ذلك الحقل وذهبا الى اقرب شجرة كانت موجودة امامهم صعد اياد الشجرة وبقي دانيال في الاسفل يلتقط حبات التفاح التي يرميها اليه اياد من الاعلى وبعد مدة قصير استطاعا ان يتحصلا على حوالي عشر حبات من التفاح الاخضر.. وفجأة اذ بصوت نباح كلب يقترب منهم فبدء دانيال يبحث عن مصدر الصوت وهو يلتف حول الشجرة وهو يمسك بقميصه الذي جعل منه كيسا وهو يرتديه.. اذ به لمح كلبا قادما بسرعة نحوهم من آخر الحقل.. تفاجأ دانيال وبدء ينادي على اياد بهلع:  اياااد ايااد
اياد بإستياء:  ماذا
دانيال بقلق:  الم تسمع ان كلبا مفترسا قادم نحونا انزل بسرع سيصل في اي لحظة
اياد بهلع:  مذا لماذا لم تخبرني؟!
دانيال بنفاذ صبر:  وماذا افعل الآن..  هيا انزل هياا..
نزل اياد من الشجرة بسرعة وعندما وضع قدماه على العشب لمح الكلب قريبا جدا منهم ونباحه يتزايد.. فقال بخوف:  يا إلهي لقد وصل اهرب!
فجريا بسرعة نحو الفتحة وخرجا منها واحدا تلو الآخر واستمرا بالجري حتى ابتعدا غن ذلك الحقل بمسافة جيدة فتوقفا ونظرا خلفهما ولم يجدا الكلب فعلما انهما بأمان
ثم اخذ كلاهما نفسا عميقا وهما يلهثان من التعب بعدها لاحظ اياد ان هناك تفاحتان فقط في قميص دانيال فقال بتساؤل: هاي.. اين التفاح؟!
مع سؤاله نظر دانيال نحو قميصه فقال بتعجب: ماذا اين التفاح!..  هل يعقل ان يكون سقط وانا اجري؟!
اياد بغضب:  ماذا لماذا لم تحكم مسكه لقد تعبت وانا اقطفه من اعلى الشجرة..
دانيال:  آسف يا صاح فعندما كنت اجري نسيت امر الاتفاح تماما لحسن الحظ انه بقي هتين الحبتين
اياد بتسليك غاضب:  حسنا مهما يكن
دانيال بإبتسامة وهو يقترب من اياد ليراضيه:  هل انت غاضب؟!  لابأس في المرة القادمة انا من يقطف التفاح والذي يحمله ايضا وفي كيس.. سأخضر معي كيسا اينما نذهب تحسبا لحلات كهذه... اعدك
اياد بشبح ابتسامة: حسنا لا بأس دعك من هذا
دانيال بخيبة: الم يعجبك العرض؟!
اياد وهو يبتسم:  بالطبع اعحبني..  لا تنسى لقد قطعت وعدا!
دانيال بعد ان رمي لاياد تفاحة  ثم وضع يده على كتف اياد واليد الاخرى يتناول بها التفاحة المتبقية  : بالطبع صاح منذ متى ودانيال يخلف بوعده...
اياد وهو ايضا يضع يده على كتف دانيال والاخرى يتناول بها تفاحته : حسنا اذا...
وهما بالرحيل وهما يضحان ويتذكرا كل ماحدث معهم اليوم للمرة الثانية....

عمار

بينما زبون يأتي وزبون يرحل تقدم رجل ضخم البنية بشع الوجه معكوف الانف ومع تقدمه رحل كل الزبائن بعد تهامس كل واحد للآخر...
تقدم نحو النافذة وقال بصوت خشن: اظنك جديدا هنا..
رد عمار بجفاف: نعم لكنني بدأت اصبح قديما..
قال معكوف الانف بصيغة امر: لكنك لن تصبح قديما بشكل كامل لانك ستحمل عربتك هذه وتذهب من هنا
رد عمار وقد بدأ الغضب يضهر على ملامحه:  وبأي مناسبة سأذهب؟!
الرجل: لأن مارثر هو الذي قال لك هذا...  ومن يأخذ مكان مارثر  اما ان يذهب او يبقى..  لكن تحت التراب..
هنا علم عمار ان الذي يتكلم معه هو مارثر بائع الفخار القديم..  اخرجه من شروده صوت مارثر  الخشن وهو يقول: اظن انك تتمتع بالمال الان لانني تركت لك الزبائن لا ريب في ان اهل الحي كانو ولا يزالون يعشقون الفخار..
فرد عمار بغضب:  وما شأنك في هذا؟!
قال مارثر: لأنني من منحتك هذه المكانة والآن سآخذها منك فانتهى وقت هنا
رد عمار بغضب: وهل تريدني ان استمع لكلامك واذهب؟! 
قال مارثر بغضب: اووه من الواضح انك لست بالسهل فقد بدأت اعصابي بالثوران وما يصحب هذا الا الدمار فاستمع للكلام وذهب بغير مشاكل..
استطاع صراخهم وهم يتكلمون ان يصل لمسامع جوهر التي كانت تعمل على تلوين آنية من الفخار فوضعت ماكان بيدها وتوجهت للمتجر لترى مالذي يجري وعندما دخلت لمحها مارثر وقال بخبث:  امم لديك زوجة جميلة
عمار بغضب: وما شأنك فيها الزم حدودك
جبار بشبح ابتسامة خبيثة: لقد اخبرتك بهذا فمن المؤلم ان تخسر زوجتك الجميلة فقط لأنك لم تستمع لكلامي..
عمار بسخط: اذهب من هنا لا اريد ان اراك مجددا...
ومع كلمته الاخيرة دخل اياد الى البيت وقال بإستفسار: ماذا يجري يا ابي؟!
قال مارثر: ولديك شاب ايضا..
اردف بابتسامة مريبة : وسييم
قاطعه عمار وهو يصرخ بغضب: قلت لك لا شأن لك في هذا عائلتي خط احمر
رد مارثر بشبح ابتسامة ونبرة تحذيرية : حسنا اذا ان كنت تخاف على عائلتك فارحل من هنا.. سأمنحك مدة ثلاثة ايام مهلا لقد منحتك الكثير..  حسنا لابأس لك فقط.. المهم لقد حذرتك
ثم نظر ناحية جوهر وقال بخبث: ان لم تكن تريد ان تخسر زوجتك!..
هنا صرخ عمار في وجهه وطرده فذهب مارثر  بشبح ابتسامة وقال وهو يبتعد: ثلاثة ايام اما ان تذهب او ان تبقى ارملا..
جوهر بتساؤل وخوف: من هذا من اين حل علينا هذا المصيبة؟!
عمار: انه مجرد حيوان رخيس جشع يأخذ رزقه بقطع رزق الناس
اياد بتساؤل: لماذا لم نبرحه ضربا؟!
عمار بنفاذ صبر: دعك منه ان اتى مجددا سالقنه درسا لن ينساه... لنغلق المتجر بدأت الشمس بالمغيب..
وبعد ان اغلق المتجر  و تناول العشاء بصمت ثم ذهب كل واحد لينام....  لم يستطع عمار النوم وبقي يفكر في امر مارثر ثم اتخذ قرارا انه لن يذهب مهما كان فذلك الجشع ليس الا جبانا يعتمد على تهديداته ولن يمس شعرة من عائلته.....

آِيّوُسًْـيّآ.. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن