جَوهَرْ..

38 6 0
                                    

وبينما كانت العائلة الصغيرة تتناول الغداء اذ بصوت دانيال ينادي: ايااااااااد
اياد: انا قادم
واكمل بسرعة ماتبقى له في الطبق ونهض من الكرسي وهم بالذهاب حتى اوقفه عمار قائلا: الى اين؟!
اياد: سنتدرب لمباراة غد!.. هل تحتاجني؟!
عمار: لا لا لا انا لا احتاجك اذهب
اياد بحماسة: حسنا!.. وداعا امي  فخرج من المطبخ نحو الباب ليخرج
جوهر: وداعا بني انتبه على نفسك!
اياد وقد اوشك على الخروج: نعم!
ثم خرج..
عمار: فعلا هذا دانيال و اياد متطابقان!
جوهر:  نعم فهذه اول مرة يتعلق بشخص ويصادقه هكذا...
ثم اردفت بتساؤل:  على فكرة اظن اننا قد اطلنا البقاء في هذه البلدة؟!
عمار بسرور: نعم.. انها افضل بلدة ذهبت اليها الى حد الآن فسكانها مهووسون بالفخار
جوهر  وهي تهز رأسها بفهم: امم نعم معك حق
ثم اضافت بحدة: لكن الم تقل ان افضل بلدة ذهبت اليها هي بلدة التي رأيتني فيها؟!
عمار بتسليك وهو يبتسم: نعم بالطبع تلك لا تصنف مع البلدان
جوهر بتفهم مزيف: اممم صدقتك..
عودة بالزمن...
صوت صراخ لرجل تبعه صوت ضحكات هستيرية وهنا علم كل من جوهر التي كانت تبلغ 17 سنة  وأمها  اللتان كانتا مختبئتان في آخر غرفة في البيت لكي يتيح لهم قليل من الوقت للهرب من الباب الخلفي الذي لطالما كان مغلقا  قبل وصول العصابة اليهم حيث عندما سمع ابوهما صوت الصراخ في الخارج علم ان العصابة قد وصلت وسيأتي دورهم لا محالة طلب من جوهر وأمها ان يذهبا الى تلك الغرفة ويختبئا وفي حال قتل من طرفهم يهربوا من الباب الخلفي والرغم  محاولات ايقافه من الخروج وذهاب للموت الا انه قرر ان يضحي بنفسه في سبيلهما وفعلا فعل   فأبوها قد قتل من طرف العصابات الليلية التي انتشرت في البلدة وطغت في المنطقة التي تعيش فيها جوهر ولأن دخل عائلتها البسيط لا يسمح لهم بمغادرة سكنهم فكان محتم عليهم البقاء وانتظار الموت كل ليلة..
وعلمت امها انهم سيدخلو البيت في غضون دقائق معدودة فقررت هي الاخرى ان تضحي بنفسها في سبيل ابنتها لكي تمنحها الوقت الكافي للهرب لكن جوهر أبت ذلك وبدءت بالبكاء والرفض
جوهر:  لا لا لن اسمح لك ان تضحي بنفسك من اجلي لن اسمح لنفسي حتى بالعيش مع هذه الحقيقة... سنموت معا
قاطعتها امها بنبرة باكية ولكنها حادة  : جوهر لم يتبقى لنا الوقت انا عشت حياتي بما يكفي وقد انجبتك انت انت وردة حياتي وشمعتي المنيرة كيف اسمح لها ان تنطفيئ امامي ويمكنني ان احميها من ذلك؟!
قاطعتها جوهر بنبرة مكبوتة من البكاء: لكن يا امي انا لا استطيع
الام بحدة: جوهر اذا كنت تحبين امك وتقدرينها حققي لها حلم حياتها وامنيتها الوحيدة والاخيرة.. هل ستحققينها؟!
جور والدموع في عينيها كالشلال: نن..
الام بغضب: جاوبيني
جوهر بنبرة عالية مبحوحة من البكاء: نعم!  .. ساحققها!
الام بحنان والدموع بدأت تنساب من عينيها: اذن إذهبي.. اهربي انجي بحياتك لا تبقي هنا لا تموتي اذهبي
واذ بصوت تحطم باب البيت تبعه خطوات ضخمة صاحت الام وهي تدفع جوهر باكية: اذهبي اذهبي انجو بحياتك يا بنتي اهربي
بدء صوت الخطوات يقترب وبدأت الام تزيد من قوة دفعها لجوهر حتى أخرجتها من الباب وصاحت عليها: حققي امنيتي وانجو بحياتك وتذكري انني احبك
وبعد كلمتها الاخيرة تحطم باب الغرفة وعند سماع جوهر لصوت التحطم ايقنت انها لابد ان تهرب  فاستدارت وجرت بكل ما اتيح لها من قوة الى اللا مكان...
بعد ساعة من الجري والهرب و شهقات البكاء احست جوهر بالتعب الشديد فتوقفت وبدأت بالنظر حولها لترى اين هي فأيقنت انها قد ابتعدت كثيرا من المنطقة التي تعيش فيها وهي في حي صغير بيوته لا تتعدى الخمسة عشر متفارقة بحوالي عشر امتار عن بعضها البعض ويتخلله بعض المتاجر..  ثم انتبهت ان هناك بيت من ضمن البيوت يخرج منه ضوء ثم رأت الباب ينفتح ببطأ فخافت و ختبأت وراء شجرة ضخمة لترى بعين واحدة ان هناك امرأة  عجوز    ترتدي الكثير من الملابس وتضع قطعة قماش فوق رأسها لتحميها من البرد ذات وجه متجعد ولكن مع ذلك من الواضح انها كانت تتمتع بجمال ساحر في شبابها حيث كانت ذات اعين خضراء جميلة وانف صغير  منحوت وبشرة بيضاء..
خرجت وبيدها دلو ماء فارغ فبقت تتبعها بعينيها لترى الى اين هي ذاهبة حيث ذهبت العجوز بخطوات بطيئة نحو بئر يقع في آخر ذلك الحي ولكنه يبعد عن منزل العجوز بحوالي 15 متر لأنه كان اول البيوت في الحي....
علقته في صنارة من الحديد مربوط بها حبل متين وطويل لذلك البئر ثم القت به بداخله وبعده اخرجته ببطأ شديد وكان من الواضح انها لم تستطع ان تحمله لوحدها 
وجوهر كانت بطبعها رقيقة المشاعر وتتأثر بسرعة كبيرة ولكن بعد الاحداث التي جرت لها كانت تفكر كثيرا قبل ان تقوم بأي خطوة فاستنتجت ان العجوزة تقيم لوحدها بما انها خرجت في هذا الليل لتملأ الدلو الذي سيكون ثقيلا بالنسبة لها بنفسها  فهمت لا إراديا لمساعدتها....
تقربت منها بخطوات سريعة وعندما كانت تبعد منها بحوالي مترين قالت  لها بنبرة رقيقة ولطيفة:  مساء الخير يا أمي.. ه.. هل يمكنني مساعدتك.. من الواضح انه ثقيل عليك؟!
ردت العجوزة بنبرة لطيف هي الاخرى: نعم يا ابنتي شكرا جزيلا لك
بعدها تقدمت جوهر واخرجت الدلو ثم طلبت من العجوزة ان تكمل حمله لها لبيتها فوافقت العجوزة
وفي طريق العودة قالت العجوزة بتساؤل لجوهر: لكن يابنتي مالذي جاء بك الى هنا في هذا الوقت فسكان هذا الحي ليسو بالكثير وكلنا نعرف بعضنا البعض  ولم يسبق لي ان رأيتك هنا هل تقربين احد؟!
جوهر بإبتسامة رقيقة: في الحقيقة انا لست من هنا ولا أعرف احد..
قاطعتها العجوزة بإستفسار:  فما الذي جاء بك هل حدث معك شيئ وتحتاجين مساعدة؟!
لم ترد عليها جوهر في تلك اللحظة وضلت صامتة شاردة الذهن..
فعلمت العجوزة ان الموضوع حساس وكانو قد وصلو للبيت فعلا
فقالت بحنية:  تفضلي معي يابنتي ونامي عند هذه الليلة فأنا أقيم لوحدي ولن اسمح لنفسي بأن اترك فتاة جميلة مثلك لوحدها في مكان لاتعرفه بالرعم من ان هذا الحي معروف بالاخوة والطمأنينة التي تجمع اهله الا انني افضل ان ابقيك عندي.. طبعا ان ارتي هذا
فكرت جوهر بالامر وقالت في نفسها ان العجوز تبدو طيبة جدا وحتى الحي يبدو هادئها وسالما من الفساد وذلك لأن العجوز خرجت لوحدها في الليل تاركة بابا بيتها مفتوح دون خوف او قلق وفي حال حدث شيئ فهي مجرد عجوزة متقدمة في العمر ويسهل على جوهر الدفاع عن نفسها عنها..
وقد اطالت جوهر التفكير وهي صامتة تنظر للارض فقالت العجوز: يمكنكي ان تتأكدي انني اقيم وحدي فمنزلي صغير جدا به غرفتين وحمام ومطبخ فقط
خرجت جوهر من شرودها مع كلام العجوزة ثم اشارت لها العجوزة ان تتقدم وتتحقق بنفسها من صخة كلامها فدخلت جوهر الى بيت وبقيت خلف العجوزة.. وفعلا كان البيت فارغا فقط هي والعجوزة من فيه فارتاخت جوهر وقررت البقاء مع العجوزة
ولكن العجوزة كانت تعلم ان حوهر مهما كان فهي خائفة من الداخل فأعطت لها خنحرا وطلبت من حوهر ان تبقيه معها في حال حدث شيئ ولتثبت لها انها بأمان فأخذته جوهر وجلست مع العجوزة في احد الغرف ثم سألتها العجوزة: هل أكلتي؟!
جوهر بخجل : ننع....  في الحقيقة لا

آِيّوُسًْـيّآ.. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن