تسمر آدم في مكانه، وقد اتسعت عيناه دهشةً وهو يشاهد الباب يُفتح ببطء، بينما وقفت ليان خلفه، وقلبها ينبض بقوة لا تعرف مصدرها.كان صوت صرير الباب يصمّ آذانها، وكأن كل لحظة تمر تكشف عن شيء مخفي خلف الستار. نظرت إلى آدم وهمست بخوف: "ماذا يحدث يا آدم؟"
لم يجد آدم كلمات ليرد بها، بل تقدّم بخطوات بطيئة نحو الباب المفتوح، ينظر بحذر إلى الخارج، لكنه لم يرَ شيئًا. كل شيء كان ساكنًا، كأن الزمن توقف لوهلة.
فجأة، اجتاحت الغرفة ريح باردة جعلت ليان ترتجف. نظرت حولها، ولاحظت أن الشموع التي كانت تضيء الغرفة بدأت تتمايل، وكادت أن تنطفئ. كان شعور الخوف يزداد، وكأن شيئًا ما يترصد لهما من الظل.
قطع آدم الصمت أخيرًا وقال بصوتٍ منخفض ولكنه حازم: "ابقَي هنا، سأتحقق مما يحدث."
وقبل أن يتحرك، سمعا صوتًا غريبًا قادمًا من الطابق السفلي، وكأنه همسات خفية. التفتت ليان إليه وقالت بقلق: "هل سمعت؟ إنه صوتٌ ينادي باسمك."
أومأ آدم برأسه ببطء، وبدأ يتحرك بحذر نحو الدرج. وفي تلك اللحظة، بدا وكأن الظلام يحيط بهما من كل جانب، لكن قبل أن يخطو آدم نحو الخارج، توقف الصوت فجأة، والباب أغلق بنفس السرعة التي انفتح بها، وكأن شيئًا ما أو شخصًا غير مرئي كان يتحكم به.
التفت آدم إلى ليان وقال بصوت مليء بالغموض: " هناك شيء أكبر يحدث هنا... شيء لا نعلمه بعد."
ثم أغلق الباب بهدوء، وكأن شيئًا لم يكن، لكن في أعماق كل منهما، كان لديهما يقين بأن هذه ليست النهاية، بل مجرد بداية لشيء أكبر..
___________________________________
في صباحٍ باكر، استيقظ آدم على صوت العصافير التي تغرد على نافذة حجرته الخشبية الصغيرة، كان الجو هادئًا لكن قلبه لم يكن كذلك.. خرج آدم من الكوخ وهو يشعر بثقل يضغط على صدره، فهو يعلم أن رحلته لم تنتهِ بعد، وأن عليه البحث عن العجوز الحكيمة لتوجيهه إلى طريق الخروج من المملكة الملعونة إلى العالم الخارجي.توجه نحو كوخ العجوز بخطوات ثقيلة، وكلما اقترب منه كان القلق يتسرب إلى نفسه، وكأن شيئًا ما في الأفق ينتظره.. عندما وصل، لاحظ أن باب الكوخ كان مفتوحًا، وهو ما لم يحدث قط من قبل.. توترت ملامحه وارتفع نبض قلبه، دفع الباب ببطء ليدخل، وإذا بعيناه تقع على مشهدٍ مروع، كانت العجوز ملقاة على الأرض، غارقة في دمائها التي تلطخ الأرضية الخشبية..
صرخ آدم من الصدمة، ركبتيه خارتا، واندفع نحو العجوز وهو يهتف بصوت متهدج: "لا! جدتي، لا تتركيني! لا تموتي!"
كانت العجوز بالكاد تلتقط أنفاسها الأخيرة، فرفعت يدها بصعوبة نحو آدم وهمست بصوت بالكاد يُسمع: "آدم..أكمل طريقك، لا تيأس.. أثق بك..! " ثم أسدلت جفونها بهدوء ولفظت أنفاسها الأخيرة.
غرق آدم في بحر من الحزن، أمسك بيد العجوز المتجمدة، وراح يبكي بحرقةٍ.. مرت الساعات وهو لا يزال بجانبها، عاجزًا عن استيعاب ما حدث، عاجزًا عن التفكير في الخطوة التالية، كانت الأفكار تتلاطم في عقله، ماذا سيفعل؟ كيف سيستمر؟ هل تحررت المملكة أم لا تزال ملعونة؟
بعد أن هدأت دموعه قليلاً، نهض آدم ببطء، قرر أن يواصل الطريق كما أوصته العجوز.. كان يعلم في قرارة نفسه أن التوقف ليس خيارًا، بل عليه أن يعثر على شخص آخر يرشد طريقه.. سار لساعات، عبر الغابات والطرق المهجورة، حتى وصل إلى ساحة صغيرة كانت تعج بالناس.
اقترب منه عجوز غريب الملامح، بوجه مجعد وعينين تضجان بالغموض.. قال العجوز بصوت هادئ: "هل أنت آدم؟"
تفاجأ آدم وقال: "نعم، كيف عرفت اسمي؟"
ابتسم العجوز ابتسامة غامضة وقال: "لا يهم كيف عرفت، تعال معي."
لم يكن لدى آدم خيار سوى اتباع العجوز، فغرائزه كانت تدفعه للثقة به رغم الغموض الذي يحيط به. سار معه حتى وصلا إلى مكان قديم تفوح منه رائحة التراب والرطوبة، والجدران مغطاة بشبكات العنكبوت، المكان بدا وكأنه مهجور منذ عقود.
توقف العجوز فجأة، نظر إلى آدم وقال بنبرة هادئة ولكنها ثقيلة بالمعنى: "هل والداك متوفيان؟"
أجاب آدم بملامح حزينة: "نعم، فقدتهما منذ زمن."
صمت العجوز للحظة ثم قال: "آدم، أنت لست وحدك.. لديك أخت."
تفاجأ آدم وكأن صاعقة نزلت على رأسه، فقال بتوتر: "ماذا تقول؟ مستحيل، كيف يكون لي أخت؟!"
تابع العجوز بصوتٍ عميق: "عندما توفيت والدتك، كانت قد ولدت طفلةً قبل وفاتها بوقت قصير.. تركتها عند أحد أقاربها في المملكة هنا، وعندما اشتدت الحرب لتحرير المملكة، قُتلت والدتك وتركوا الطفلة هنا."
ازدادت دهشة آدم وقال بغضب ممزوج بالشك: "كيف تعرفني لتقول مثل هذه الأمور؟ هل تمزح معي؟"
رد العجوز بهدوء لكنه بنبرة صارمة: "لا أمزح، يا آدم. الأمور أعقد مما تتصور."
لم يكن آدم قادرًا على تصديق ما يسمعه، لكنه كان يعرف أن عليه التحقق.. سأل العجوز بنبرة حازمة: "كيف عرفت كل هذا؟"
ابتسم العجوز ابتسامة غامضة مرة أخرى وقال: "عندما تنتهي مهمتك، سأخبرك بكل شيء."
كان هذا الرد يزيد الأمور غموضا، لكن آدم شعر بأن هناك شيئًا أكبر مما يدركه.. فسأله مرة أخرى: "ما اسم أختي؟"
قال العجوز بصوتٍ غامض: "لا تستعجل الأمور، يا آدم. ستكتشف كل شيء في الوقت المناسب."
ازدادت تساؤلات آدم، لكنه كان يعلم أن العجوز لن يقدم المزيد من الإجابات.. غادر المكان وهو غارق في أفكاره، هل يعقل أن يكون له أخت؟ وكيف يمكن أن تكون والدته قد تركت طفلتها هنا دون أن يعلم؟
عاد آدم إلى المنزل، لكن ليان لم تكن هناك. لاحظ رسالة تركتها تقول فيها: "ذهبت للبحث عن شيء، سأعود قريبًا."
مرت ساعات طويلة، ولم تعد ليان. بدأ القلق يتسرب إلى قلب آدم، وقرر أن يخرج للبحث عنها.. ذهب يبحث آدم في الطرقات والحدائق، سأل المارة، لكنه لم يجد لها أثرًا.. كان قلبه ينبض بشدة، وبدأ يتساءل: هل تعرضت ليان لمكروه؟ وهل يمكن أن تكون قد تورطت في أمر أكبر مما يتخيله؟
وفي لحظةٍ ما، بينما كان يبحث عنها، توقف فجأة، وشعر أن هناك شيئًا خطيرًا يحدث..!
أنت تقرأ
إيستازيا
Fantasyإذا كنت تتساءل عن أسرار مملكة إيستازيا الغريبة، فإنك تنطلق في رحلة مثيرة ومليئة بالغموض والإثارة. تعتبر مملكة إيستازيا مكانًا ساحرًا حيث تتلاقى السحر والخيال والجمال. تتوارى خلف جدرانها أسرار قديمة وقصص مذهلة تنتظر من يكتشفها. ابدأ الآن في استكشاف ه...