(2)الدوامة

129 14 7
                                    

بعد يوم طويل من التفكير العميق، ذهب آدم إلى الفراش محاولًا الاسترخاء، لكن ذهنه كان مُثقَلًا بأفكار غامضة ومقلقة.. بالكاد أغلق عينيه حتى وجد نفسه في دوامة من الأحلام الغريبة، رأى دوامة عملاقة تظهر في الحديقة وكأنها تسحبه نحوها.. استيقظ مذعورًا، وقلبه ينبض بقوة، ليجد نفسه غارقًا في عرقه.. شعر بشيء غير طبيعي يجذبه، فأسرع نحو الحديقة ليجد الدوامة الحقيقية هناك، تنتظره كما رآها في حلمه.

"ما هذا؟ هل هو حلم أم حقيقة؟" تساءل آدم، لكن لم يكن هناك وقت للتفكير، فالدوامة بدأت تسحبه ببطء، كأنها تبتلع الأرض من تحت قدميه، حاول مقاومة الجاذبية الغريبة، ولكن دون جدوى.. سحبه التيار أخيرًا، وأحكم قبضته عليه، ليختفي داخلها.

عندما استعاد وعيه، وجد نفسه مُلقىً على أرض غريبة، محاطًا بأشجار كثيفة تعكس ظلالًا داكنة على الأرض، الهواء كان باردًا ورطبًا، والظلام الحالك غمر المكان، لم يكن يسمع سوى صدى أنفاسه وخرير الرياح التي تهب بين الأشجار، نهض بصعوبة وهو يتساءل: "أين أنا؟".

شعر بحركة خلفه، فاستدار بسرعة ليجد شابًا غريبًا يقف على بُعد مسافة منه، ملامحه غامضة وملابسه غريبة وكأنها من زمن آخر، تقدم الشاب نحوه بخطوات ثابتة وقال بصوت هادئ: "آدم، أنا هنا لتحذيرك. لا تواجه الساحرة الشريرة بمفردك، إنها أقوى مما تتصور، ولا أحد يمكنه مجابهتها إلا عندما يكون مستعدًا بالكامل."

آدم وقف مشدوهًا، يحاول استيعاب ما يحدث: "كيف تعرف اسمي؟ وما هذه الساحرة التي تتحدث عنها؟ وأين أنا؟"

رد الشاب ببرود: "أنت الآن في مملكة" إيستازيا" أما عن الساحرة، ستعرفها عندما يحين الوقت.. فقط تذكر، لا تخبر أحدًا عن قدراتك الخارقة، لا أحد يجب أن يعلم أنك هنا لتحرير المملكة."

وقبل أن يتمكن آدم من طرح المزيد من الأسئلة، اختفى الشاب كأنهُ لم يكن موجودًا.. ظل آدم يصرخ في الظلام: "أين ذهبت؟ ما الذي يحدث؟" لكن لم يأتِه أي رد، شعر بالعجز، لا يعلم أين يتجه أو كيف يخرج من هذا المكان الغامض.

بينما كان يتقدم بخطواته المترددة وسط الظلام، قابل عجوزًا غريبة الهيئة، ترتدي ملابس عتيقة وتبتسم بلطف غريب، رغم مظهرها الغريب، شعر آدم بشيء من الراحة عندما نظرت إليه بعينين هادئتين ثم سألت العجوز بصوت ناعم: "هل أنت هنا لتحرير المملكة، أيها الشاب؟"
تذكر آدم التحذير الذي تلقاه من الشاب، فرد محاولًا التحايل: "لا، أنا مجرد أحد السكان."
ضحكت العجوز وقالت: "لا تخف، أنا هنا لأرشدك.. والداك حاولا تحرير المملكة قبل سنوات، لكنهما لم ينجحا."
صُدم آدم ثم قال: "هل تعرفين أبي وأمي؟!"
أومأت العجوز برأسها، وقالت: "بالطبع، كانا بطلين شجاعين.. لكنك أنت المختار الآن، يا آدم، قدراتك ليست مجرد مصادفة، إنها جزء من مصيرك، يجب أن تتحلى بالشجاعة."

بينما كانت العجوز تتحدث، شعر آدم بشيء غريب يتسرب من داخله، طاقة لا يستطيع تفسيرها.. كانت عيناها تلمعان في الظلام، وكأنها تُخفي أسرارًا عميقة. اقتربت منه بلطف، وأمسكت بيده، قائلة: "تعال معي، سأرشدك إلى مكان تستطيع فيه الراحة لليلة. لكن غدًا، يجب أن تبدأ رحلتك."

قادته العجوز إلى كوخ صغير مخفي بين الأشجار، كان يبدو بسيطًا من الخارج، لكنه في الداخل كان مليئًا بالأسرار.. ثم قالت له: "نم هنا الليلة، ولكن تذكر، في الفجر عليك أن تبدأ رحلتك.. هناك الكثير ينتظرك، والوقت ليس في صالحك."

أخذ آدم نفسًا عميقًا، وحاول أن يهدأ رغم الأسئلة التي تغمر عقله. وبينما كان ينام، لم يكن يعلم أن ما ينتظره هو أخطر مما تخيله، وأن رحلته لتحرير المملكة لن تكون كما توقعها...

إيستازياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن