سنديان

17 2 0
                                    

"في لحظة انبهاري بها، اكتشفت أن مشاعري تشبه لغزًا معقدًا، يُحتاج للبحث في أعماقه لفهمه بالكامل."

.
.
.

في داخل كهوف السرداب، ترتسم الألغاز بألوان الظلام والسرية. تنساب الأسرار كالأنهار الخفية تحت الأرض، تنتظر الوقت المناسب لتكشف غموضها العميق. في هذا المكان المظلم، حيث تتقاطع خيوط الخفاء مع تلك الخيوط المتشابكة من الألغاز، تكمن قصص مخبأة وراء أبواب لا تنفتح إلا لمن يملك مفتاح الحكمة والصبر.

جلست إرمينا على مكتبها، تتصفح رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بها شاردت الذهن.  وسط الإخطارات الروتينية والعروض الترويجية، لفتت انتباهها رسالة واحدة.  لقد كانت من مرسل غير معروف، مع سطر الموضوع الذي يقرأ ببساطة: "إدوارد".  خفق قلبها عندما نقرت عليه، وتسابق عقلها مع الأسئلة والخوف.

احتوت الرسالة الإلكترونية على بضعة أسطر فقط، صارخة في بساطتها ولكنها ثقيلة بالمعنى.  "قابلني عند شجرة البلوط القديمة بجوار البحيرة. عند غروب الشمس. إدوارد."  أرسل اسم شقيقها الراحل قشعريرة أسفل عمودها الفقري.  كيف يمكن لأي شخص أن يعرف عن إدوارد، ناهيك عن استخدام اسمه في مثل هذه الرسالة المبهمة؟

اختلست نظرة على مدار الساعة.  كان غروب الشمس يقترب، وألقى لونًا برتقاليًا عبر نافذتها.  وبدون تردد، سارعت إيرمينا للخروج من غرفتها ، واختلط فضولها بإحساس الشؤم.  كانت شجرة البلوط القديمة مكانًا لذكريات الطفولة، لكنها الآن تحمل جاذبية غامضة لا تستطيع مقاومتها.

عندما خرجت لتستمتع بهواء المساء البارد، كان عقل إرمينا يتسارع بالاحتمالات.  ما الذي كان ينتظرها في البحيرة؟  ولماذا جاءت هذه الرسالة الآن بعد سنوات من وفاة إدوارد؟  كانت تعلم أن الإجابات تكمن في مكان ما في ظلال الماضي، في انتظار الكشف عنها.

تجاهلت كل من كان في طريقها مسرعة لسيارتها لتتجه نحو البحيرة المقصودة بأقصى ماتملك

بعد مدة من القيادة ركنت سيارتها بعشوائية  تتجه بخطوات متسارعة نحو البحيرة الهادئة في ريف بريطانيا أين كانت تقضي معضم اوقاتها مع توأمها الراحل، متتبعة التعليمات التي وردتها في الرسالة الغامضة. الشمس كانت تغرق ببطء في الأفق، تاركةً وراءها لوحة من الألوان الدافئة التي تمازجت بين الأحمر والبرتقالي والذهبي. الهواء كان يحمل معه نسيمًا عليلًا، مما جعل الأمسية مثالية للتفكر والغوص في الذكريات.

إيرمينا كانت ترتدي فستانًا أبيض طويلًا من القطن، يتماشى مع الأجواء الصيفية ويزيد من رقتها وجمالها الطبيعي. شعرها البني الطويل كان يتطاير مع كل خطوة تخطوها، وعينيها الرماديتان كانتا تلمعان بمزيج من الفضول والقلق.

صيف الفلاميغوس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن