"ألم الآلهة: صرخة في وجه القدر"

415 49 22
                                    


"ماري، الطفلة التي فقدت كل شيء في لحظة"

بدأت ماري حديثها بصوتٍ مهزوز، كما لو أن الكلمات التي كانت تتحطم بين شفتيها هي عبء ثقيل لم تتمكن من حمله بعد. كان الألم يقطر من كل حرف نطقت به، وكأنها تعيد نفسها في مشهدٍ لا ينتهي. كانت عيناها تدمعان، لكنها لم تبكِ كما قد يتوقع أحد، بل كان قلبها هو الذي يبكي.

"هل تعلم أنه تركت عيد ميلادي و الجميع ينتظرني لأطفئ الشموع؟" قالت بصوتٍ يشوبه الغضب والألم، وكأنها تسعى لأن تعيد ترتيب ذكرياتها المبعثرة. "أنا ماذا فعلت؟ أوقفت كل شيء واتبعته، تبعته كالأحمق، لا أعرف حتى لماذا فعلت ذلك. كنت فقط أريد أن يكون هو هناك، ليطفئ الشموع معي."

توقف صوتها للحظة، وكأنها تتذكر تلك اللحظة بكل تفاصيلها الموجعة. "الجميع يناديني، ولم أعر انتباهًا لأحد. كنت أحتاجه، كنت أريد والدي معي. لكنني تبعته، وكأنني في حلم مظلم، أبحث عن شيء لا أعرف إن كان موجودًا أصلاً."

تساقطت دموعها دون أن تشعر بها، لكن الكلمات كانت تمزقها أكثر من أي شيء آخر. "استفاقت من هذا الكابوس لأجد نفسي في غرفة صغيرة، مظلمة وباردة، كنت في فستان أبيض، فستان والدتي الذي حلمت دائمًا أن أرتديه. كنت طفلة ضائعة في مكان لا يشبه أي مكان. بكت، صرخت، ناديت والدي... ولكن لا أحد سمعني."

بينما كانت تروي قصتها، كان الألم يتخلل كل كلمة، وكل نفس، كأنها تنبش في عمق الماضي المظلم وتخرج منه كوابيسها على مرأى من أريس. كان هو الجالس هناك، يسمعها يتنفس الألم بكل تفاصيله، ويتمنى لو يستطيع أن يمحو عن وجهها تلك الذكريات المدمرة.

لقد كانت ماري في تلك اللحظة شخصًا ضائعًا، تتناثر مشاعرها في الهواء كما تتناثر أوراق الشجر في العاصفة. لكن في عمق كل هذا الألم، كانت تلك الكلمات تفتح جراحًا قديمة كانت في حاجة إلى الهواء لتشفى، أو ربما لتغرق في قسوتها أكثر.

لم أستطع التحمل أكثر. كل كلمة تنساب من شفتيّ كانت كالأشواك تخترقني، وكل لحظة كانت تعصر قلبي أكثر فأكثر. كنت أشعر أنني على حافة الانهيار، كلما سردت جزءًا من تلك الذكريات المظلمة، كانت كأنها تبتلعني أكثر. وعينيّ كانت لا تتوقفان عن البكاء، وكأن كل دمعة تحمل معها جزءًا من ذلك العذاب الذي مررت به. كان شريط الماضي يمر أمام عيني، كل شيء يعود بي إلى هناك، إلى تلك اللحظات التي عشتها في الصمت.

جلست على الكرسي، جسدي منهك وكأنني لا أملك طاقة للحديث. رفعت يدي لأوقف أريس، أنصحه بالبقاء في مكانه، لأنني كنت أعلم أنني في لحظة فقدان تام للسيطرة. ومع ذلك، لم أستطع التوقف، لم أستطع أن أخفي المزيد، كان الوقت قد حان للكلام، وعينيّ تتناثر منهما دموع، لم تنزل كما نزلت من قبل، كانت دموعًا تعبر عن ألم طويل عشته، ألم لا يستطيع أحد تخيله أو فهمه.

white Russian snake حيث تعيش القصص. اكتشف الآن