"اضطراب"

237 10 0
                                    

تشوشت الرؤية أمامه بسبب ذلك الجواب الذى تلقاه لتوه من همس مرت عيناه على كل حرف قد سُطر به يكاد عقله يقف وهاهو الآن أصبح يعلم تمام العلم لما أقدمت على تلك الفعلة جزء منه قد أرتاح لما كتبت فى الجواب بأن سبب انتحارها ليس هو و لكن داخله تقطع إربًا وهى قد كتبت له بأنها ظنت أنه هو من سيحاول معها لتبدأ من جديد و لكنه كان جرحًا إضافيًا لها أوصته بالدعاء لها و أن يخرج الصدقة على روحها
قبض يده على الورقة و دموعه قد انسابت بينما جده نظر له بصدمة قائلاً بصوتٍ قد أرتفع : أنا عايز أفهم أيه اللى بيحصل هنا حالاً

رأى لؤى حالة ابن عمه التى لا تسمح بأن ينبس ببنت شفه فقال لجده وهو ينظر له نظرة ذات مغزى : جدى معلش استناني فى المكتب وانا هاجى لحضرتك كمان دقايق

كاد جده أن يهم بإعتراضٍ على حديثه و لكنه أشار له على رائد بعينيه و قال : أتفضل يا جدى أنا مش هتأخر

قام" عثمان" من محله غير راضٍ عن ما يحدث وهو يقف هناك لا يفقه شئ تنهد بغضب و ذهب لمكتبه منتظرًا حفيده الأكبر لؤى ليخبره بكل شئ

أقترب لؤى من رائد و وضع يده على كتفه جالسًا بجانبه رفع رائد رأسه له نظر لؤى له فوجده تائه كطفلٍ صغير فقد أمه فى وسط ازدحامٍ شديد عيناه زائغة يبدو أنه غير مدركٍ لما حوله تنهد وهو يستمع لحديثه المتقطع : قالتلى مش أنا السبب بس كانت مستنية إنى أبقى سندها بعد كل اللى حصل قالتلى إنها شافت فيا الأمان
متخيل يا لؤى شافتني أمانها وانا أنا كنت بضيع وقت بس أنا تقريبًا كنت حبيتها أنا زعلان عليها أوى أنا مش عارف اعمل ايه ريم كانت شخص طيب اوى بتحب اللى حواليها كانت نضيفة غير الناس اللى انا اعرفها ياريتني فهمتها من زمان على الاقل كنت حاولت الحقها قبل ما تعمل كدا

أوقفه لؤى قائلاً بهدوء : مفيش كدا يا رائد يا حبيبى ده أجلها لو كنت عملت اللى عملته كانت هتموت فى نفس الوقت و بنفس الطريقة
( إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر )
( لكل أجلٍ كتاب )
و زى ما قال سيدنا النبى عليه أفضل الصلاة و السلام فى حديثه مع ابن عباس ( رُفِعَت الأقلامُ ، و جفت الصحفُ )
يعنى الكلام اللى أنتَ بتقوله ده مكانش هيغير أى شئ يا رائد ده أجل ربنا و هى عند النقطة دِ و عمرها أنتهى أنتَ مش فى أيدك شئ يا حبيبى و بعدين بلاش تقول كدا أنت مؤمن و راضى بقضاء الله أهم حاجة تحاول تغير من نفسك يا رائد و اهو حصل مثال قدامك يمكن تفوق و تعرف أن الموت مش بيستنى حد يتوب و أنه لو خبط على بابك لا هتأخر ساعة و لا هتقدم ساعة ربنا يهديك و يصلح لك حالك
أنا قايم اشوف جدى

هم واقفًا و ما لبث أن تحرك إلا أن سمع صوت رائد يقول : شكرًا يا لؤى أنك بتسمعنى

أبتسم له لؤى و غادر بينما رائد شرد فى حياته و فيما عليه فعله وهو يشعر بتخبطٍ شديد و صراعٍ قوى بينه و بين نفسه و كأن داخله انقسم نصفين

ألا حانَ الموعد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن