بالدماءِ و الدُّموع

259 14 4
                                    

التشابتر ' الحادي عشرة '

___________________________

الزمن :- قبل عامين .

تنفستُ الهواء البارد من حولي و شددّتُ بأطرافِ
أصابعي على الكيس الذي أحملهُ بيدي ، كنتُ
واقفةً أمام متجرِ تسوباسا سان حيث قدِمتُ لِشراءِ
بعضِ الحاجيات التي تنقصُ ثلاجتي هذهِ الفترة ،
زممتُ شفتي و تحركتُ أعودُ أدراجيّ إلى المنزل بسرعةٍ خاصةً أن الجو في هذهُ الفترة يزدادُ برودةً شيئًا فشيئًا  .

أغلبُ الطُرقِ التي أمرّ بها فارِغةٌ من أي بشرٍ
و ما يزيدُ الامرّ رُعبًا هو الظلامُ الذي غطى بقاع
الارضِ ، كان الأمر يبدو كما لو أن ذلك اليوم يُعاد
حيًا مرةً أخرى ، عبستُ بشفتي بعد أن مرّت قشعريرةٌ
فظيعةٌ عبر عموديّ الفقري بشكلٍ مؤذٍ ، شددتُ
على الكيس في محاولةٍ فاشلةٍ للشعورِ بالأمان و
خطوتُ مسرعةً أعودُ أدراجيّ إلى المنزل دون النظرِ
في الأرجاء و التركيزِ على الطريق .

اضطرب قلبي من الخوفِ الذي سكن بي فجأةً
يجعلني اعلم كم افتقدُ الشعورَ بالأمانِ مرةً أخرى ،
و أخيرًا نبض قلبي فرحًا لرؤيةِ المبنى و توقفتُ لوهلةٍ أخذُ انفاسيّ المسلوبةِ  ، بعد ذلك تحركتُ
بإرهاقٍ ، فتحتُ الباب و لم أكد اخطو خطوةً إلى الداخل حتى شعرتُ بيدٍ تشدُ على كيسي ،
تجمدّت يدي في الهواءِ و اضطرب تنفسي حقيقةً
كان هذا مُخيفًا للغاية .

نظرتُ إلى الجانبِ ببطىءٍ بسبب الخوفِ الذي
يتربصُ بأنحاءِ جسدي ، " أنتِ .. واتانابي سان "
تمتمتُ بأسمِ الفتاةِ التي تجلسِ القرفصاء بجانب الباب و ترتدي معطفًا باللون الاسودِ تُغطي بقبعتهِ
رأسها مما يجعلُ ملامحها مُبهمةٌ قليلا لولا
ضوءُ السيارةِ المار الذي انعكس على وجهها .

" فقط قليلاً " لم افهم مقصدها إلا عندما اندفعت
تُعانقني ، تجمدتُ مكاني لوهلةٍ و لم أقوى على دفعِها بعد أن سمعتُ شهقاتِها الخفيفةِ المُتتالية بدّت مُنهارةً بشكلٍ سيءٍ حتى تحتاج عناقًا من الشخص الذي تكرههُ و لم أبخل عليها بشيء و ضممتُها لصدري
و انا أمسحُ على شعرها دون أن أنبس ببنت شفة ،
أحيانًا نحتاجُ كتفًا نتكىءُ عليهُ لا أذنًا صاغيةً أو
لسانًا يتحدث ، شخصٌ يُعانقنا بصمتٍ دون الكلماتِ
المُطالبةِ بالهدوء ، نحتاج لتفريغ عواطفنا ايًا كانت لا قمعها .

بيديها الواهنة ابتعدت عني مسافةً قصيرة ، نظرتُ
إلى وجهها المُرهق و لم يكن هُناك أثرٌ للدموعِ
عدا عيونها المُحمرة بشدة حيث من الواضحِ أنها تكتمُ دموعها بالقوة ، تألم قلبي لهذهِ الفتاة الصغيرة ،
ما الذي جعلها تصلُ لهذهِ المرحلةِ من الالم ؟ أكانت تشهق و هي تكتمُ دموعها بقوةً؟ .

...

بطريقةٍ ما كنتُ الان أُعدّ الشطائرَ لي و لواتانابي سان
التي تجلس على الكرسي أمام المنضدةِ تنظرُ للفراغِ
بشرودٍ و من الواضحِ أنها تُفكرُ في شيءٍ يؤرِقها ، وضعتُ الطبق أمامها حتى أجذب انتباهها فنظرت هي إلي و عبست بشفتها ، لاحظتُ الرذاذ الذي انتشر على وجنتيها بخفةٍ من الحرج بينما رمشتُ انا مرتين أحاول استيعاب أنها تشعرُ بالخجل ، بصمتٍ وضعتُ كوب العصير و جلست أمامها انظرُ لها تأكل الشطائر بشراهةٍ  رغم شعورِها بالحرج .

الجرِيمَةُ المِثاليَّةُحيث تعيش القصص. اكتشف الآن