أمضت (لج) في بطن الحوت الأسود المظلم أقل من نصف يوم ولم تحس خلالها بأي شيء مما يحدث بالخارج بل كانت مستقرة وهادئة حتى رأت النور آتياً من أمامها بعد ما فتح الحوت فمه. خرجت (لج) وبدأت بالسباحة حول نفسها بسرعة كي تبعد المادة اللزجة التي غطتها وبعد انتهائها التفتت نحو الحوت الأسود وشكرته قبل أن يستدير ويرحل المكان الذي وصلت إليه (لج) لم يكن مألوفاً عليها وكان في موقع عميق من البحر لأن المكان كان مظلماً فيما عدا
بعض القناديل الصغيرة التي كانت تطفو حولها.
حرکت (لج) ذيلها وبدأت تعوم للأعلى حتى بدأت ترى نور السطح ومن ثم بدأت تسبح للأمام بمحاذاته علها تصل لمكان تألفه وبعد ربع يوم من السباحة المستمرة لمحت سرباً من الدرافيل وكانت هذه أول مرة ترى فيها هذا الكائن بأعداد كبيرة فهي لم تعرف من هذه الفصيلة سوى صديقها (موج). كانت الدرافيل تسبح عكس الاتجاه الذي سارت به (لج) وبعد دقائق مر السرب بجانبها بدأوا بالتصفير والقفز والشقلبة خارج الماء معبرين عن سعادتهم برؤيتها.
لم تتحدث مع أحد منهم فقد تجاوزوها وساروا بعيداً عنها قبل أن تتسنى لها الفرصة لكنها شعرت بسعادة كبيرة عندما رأتهم وأحست بالانتماء إليهم. أكملت (لج) طريقها وهي مبتسمة ومبتهجة لكن ابتسامتها تحولت لقلق وتوتر عندما لمحت جسماً كبيراً أمامها فيالأفق البعيد كان آتياً من الاتجاه نفسه الذي أتت منه الدرافيل. أكملت (لج) السباحة تجاه ذلك الجسم الغريب ولم تغير مسارها بالرغم من أنها لم تكن تعلم ما هي هوية ذلك الجسم الضخم والذي لم يكن ظاهراً منه سوى سواده اتضحت معالم ذلك الشيء الضخم لـ (لج) والذي كان كائناً غريباً لم تر مثله من قبل فقد كان نصفه في الماء والنصف الآخر خارجه وكان يسير ببطء. تذكرت (لج) الجسم الذي كان يركبه البشر الذين قابلتهم مع (بستين). سبحت بمحاذاته عندما وصل إليها وبدأت تتفحصه بيدها ولم تر له أي أعين أو ذيل أو زعانف وبالرغم من توجسها من ذلك الجسم الغريب إلا أنها
استمرت بالسباحة بجانبه وملاحقته.
بعد مسافة قصيرة من المسير توقف ذلك الجسم الغريب فجأة وبعد
عدة دقائق من توقفه سقط منه شيء كبير في الماء وبدأ ينزل للقاع
بسرعة. لم تلحق (لج) أن ترى تفاصيل ذلك الشيء الذي سقطلكنها استطاعت تمييز بعض ملامحه. كان أشبه بسن القرش الكبير لكنه كان أكثر نحولاً ويمتد منه حلقات صغيرة. انقطع تركيز (لج) في السن الساقط عندما سمعت شيئاً آخر يرتطم بالماء فرفعت نظرها لتفاجأ بمخلوق غريب له ذيلان يحركهما في الماء ورأسه خارج السطح. لاحظت (لج) أن ذلك الكائن يملك أذرعاً تشبه أذرعها لكن جزأه السفلي مختلف تماماً. اقتربت منه بحذر ومدت يدها لتلمس أحد ذيليه وبمجرد أن لمسته بدأ الكائن بالصراخ بقوة وتحريك ذيليه بقوة مما دفع (لج) للابتعاد عنه بسرعة وهي مفزوعة من فزعه. بقيت (لج) تراقب الجسم الضخم والغريب من بعيد بعد ما خرج ذلك الكائن من الماء وبعد دقائق قررت المضي في طريقها
YOU ARE READING
ملحمة البحور السبعه
Thơ caالبحر .. ذلك السر الأعظم ... الذي يخفي أكثر مما يظهر ... يمكن أن يكون عشقاً أو هلاكاً لكل من غاص في أعماقه أو حتى طفا على سطحه ... يحفظ أسراره بقوة كأم ممسكة بطفلها الوحيد لكن هذا الطفل يتفلت من وقت لآخر من يدها القابضة ليكشف لنا بعض خبايا أمه ..