استمرت (لج) بالغوص نزولاً بلا تركيز في وجهتها حتى وصلت للقاع وجلست على صخرة تبكي. كان المكان حولها جميلاً جداً وممتلئاً بالنباتات والطحالب والشعاب المرجانية الملونة وكانت الأسماك الصغيرة والمتوسطة ملونة بألوان زاهية وزادت من جمال المكان لكن (لج) لم تلاحظ ذلك الجمال لأنها كانت تحضن رأسها
بين ذراعيها وتبكي بحرقة.
لم تتوقف (لج) عن البكاء إلا بعد ما أحست بشيء يربت على كتفها فرفعت رأسها والتفتت لكنها لم تر شيئاً سوى جمال المكان المحيط بها . ابتهجت (لج) قليلاً عندما رأت جمال الأسماك الملونة التي كانت تتراقص سباحة بين أنابيب المرجان وحول النباتات والطحالب وابتسمت ابتسامة خفيفة وبدأت تستكشف المكان بنظرها حتى وقعت عينها على ذراع أخطبوط كان يطل من بين بعض الشعاب المرجانية فاختفت ابتسامتها وقالت بصرامة وصوت مرتفع من
هنا ؟ !انسحبت ذراع الأخطبوط بسرعة واختفت خلف الشعاب المرجانية فعلمت (لج) أن ذلك الأخطبوط قد سمعها وفهم كلامها فحركت ذيلها واقتربت بحذر من تلك الشعاب وكررت النداء مرة أخرى
وبالصرامة نفسها : اخرج ! .. لن أوذيك !
رد على (لج) صوت أنثوي من خلف الشعاب المرجانية وقال:
البكاء المصحوب بالخوف يفرغ خزينة العقول من أفكارها
(لج) وهي تبحث بنظرها : أخرج .. أين أنت ؟
(الصوت): اتركيني وشأني ...
(لج): اخرجي يا أخطبوطة كي أراك !
(الصوت الأنثوي): لا تناديني بالأخطبوطة
(لج): لقد رأيت ذراعك وأعلم بأنك أخطبوطة فلا تحاولي خداعي
خرج من خلف الشعاب المرجانية كائنة تشبه (لج) لكن نصفها السفلي لم يكن ذيلاً كالأسماك بل كان مجموعة من الأذرع كأذرع الأخابيط وكان شعرها أصفر كالشمس وشفتاها حمراوين كالدم
وعيناها كانتا زرقاوين كالسماء وتضع على رأسها بعض اللآلئ
والحلي الغريبة وقالت: هل ترضين أن أناديك بالسمكة؟
(لج) وهي تشاهد تلك الكائنة الغريبة باندهاش شديد: هل أنتحورية ؟
ضحكت الكائنة الغريبة وقالت: وهل يوجد حورية بمثل هذا
الجمال ؟ .. أنا (بستين) أجمل كائن في البحور السبعة
(لج) وعلامات الاندهاش لا تزال تغطي وجهها لم أر مثلك من
قبل
(بستين) وهي تلف خصلة من شعرها بسبابتها وتحدق بـ (لج) بابتسامة صفراء ولن تري أبداً يا حورية هل تظنين أن الجمال
محصور عليكن ؟
(لج): أنا لم أقل ذلك ولم أكن أعني ما تعنين؟
(بستين) بنبرة غرور : لماذا تحدقين بي هكذا إذا؟ تمالكي نفسك قليلاً
YOU ARE READING
ملحمة البحور السبعه
Poesíaالبحر .. ذلك السر الأعظم ... الذي يخفي أكثر مما يظهر ... يمكن أن يكون عشقاً أو هلاكاً لكل من غاص في أعماقه أو حتى طفا على سطحه ... يحفظ أسراره بقوة كأم ممسكة بطفلها الوحيد لكن هذا الطفل يتفلت من وقت لآخر من يدها القابضة ليكشف لنا بعض خبايا أمه ..