13 ~جانبٌ آخر~

156 27 62
                                    

يومٌ آخرُ مِنْ تقلُّباتِ الخريفِ النّهائيةِ التي يعشقها، وبدلاً مِنْ أنْ يقضي أيّامهُ المحبوبةَ مع فصلِ الخريفِ خارِجاً يُشاهِدُ تساقُطَ الورق ويحتسي قهوته كُكلِّ سنة... يجِدُ نفسهُ مع إحدى الفتياتِ أخيراً.. ومتزوِّجاً بها!

تجلِسُ هي على الأريكةِ تُتابعُ الرّسومَ اليابانيّة المُتحرِّكة بينما ترفعُ قدمها على الطّاولةِ بملابِسها الكاشفةِ لجسدِها كالعادة، تتقلّبُ وتصرخُ في كُلِّ مرّةٍ يظهرُ فيها أحداً وسيماً وهو خلفها!

رجلٌ مِنْ أجملِ رجالِ الكُرةِ الأرضيّةِ يُنظِّفُ الأطباق والمطبخ، وتجعلُ تُنادي اسمهُ في كُلِّ دقيقةٍ بأنْ يُعِدَّ لها شيئاً تتناولهُ وهي تُشاهد.. كما لو أنّهُ خادمها!

لو علِمَ أنَّ الأمرَ هكذا لما أجبرها على قضاءِ هذا الشّهرِ معهُ بلا عمل..

-يَمْ، توقّفي عنْ التحرُّكِ بهذهِ الطريقة لأجلِ جُرحِك.

-لا عليك، لا عليك، لقد شُفيتُ تماماً.

جلسَ على الزوايةِ الأُخرى من أريكتِها يأخذُ أنفاسَهُ برفقةِ كوبِ القهوة بيدهِ.

مرَّرَ يدهُ على شعرهِ يرفعهُ، ليسمعها تتحدّثُ دونَ النّظرِ إليه:

-هل نفدَتْ الحلوى القُطنيّة؟!

-نفدَت.
كما اوقفي هذا قليلاً، أريدُ التحدُّثَ إليك.

انصاعتْ لمطلبهِ موقِفَةً ما كانتْ تُتابعهُ، لتُديرَ رأسها مِنْ ثمَّ إليه.

-أنا أستمِع.

-ما الذي تُريدينَ تناولهُ على العشاء؟!

-لا شيء.

-انتظري لحظة، سأبحثُ عن مكوناتِ ذلكَ الطّبق.

صمتَ لبُرهةٍ يُحدِّقُ إلى زرقاوتيها، وتُحدِّقَ هي إلى عينيهِ القاتِمةِ البُنّيةِ كبعضِ أوراقِ الخريفِ المُتساقِطة.

-توقّفي عنْ قولِ لا شيء في كُلِّ مرّةٍ أسألكِ فيها عن ما تودّينَ أكله!!

صرخَ موبِّخاً لتتنهدَ مُتذمّرَة:

-ها قد بدأنا مِنْ جديد..
شعيريةٌ سريعةُ التّحضير!!

-أخبرتكِ بأنْ تنسي ذلك!

-أودُ سؤالكَ عن الفائدةِ التي تتلقاها بإخفاءِ أطنان الشعيريةِ تلكَ عنّي في الخزانة!

-أنا لا أتلقى فائدة، أنتِ منْ تتلقّين.

-إذاً دعني أسألك!
ماذا تُريدُ أنتَ الأكل؟!

-يَمْ!

-نعم!

قالَ أخيراً بعدَما لمْ يُعدْ يستطيعُ تجنُّبَ النّظرِ إليها أكثر:

-هل كُنتِ ترتدينَ هذهِ الملابِسَ أمامَ يوري وأباك؟!

-لا، أنتَ تعلمُ أنني لا أمضي وقتي معهم، ولكن لمَ؟!

ليسَ كما تعتَقِد ~ لي مينهوحيث تعيش القصص. اكتشف الآن