17 ~حادِثةُ غرفة المقابلة~

229 26 55
                                    

عندما كنتُ في سنتي الأخيرةِ مِنَ الإعداديّة، كانَ الأمرُ مُستعصٍ عليّ مع الرياضيات.. أحببتُ الرياضيات.. ولكنني لم أستطع تحقيق نجاحٍ فيها دونَ دراسة، لذا اعتبرتْ من ألدِّ أعدائي..

ذاكَ اليوم..
كنتُ قد حققتُ درجةٍ رديئةٍ كحالِ نفسيّتي و..
خشيتُ إخبارَ والداي.. خصيصاً وقد طلبتْ المديرةُ أن يوقّع أبي على ورقة الامتحان!

كانتْ المعلّمةُ غاضبةٍ أيّما غضبٍ لدرجاتنا المتدنّية، وقالت جملةً زُرعتْ في رأسي لا أنفكّ عن تذكّرها..

قالتْ:

"إيّاكم أن ترضوا عن أنفسكم مهما حققتم من
إنجازات! اسعوا إلى الأفضل.. استمروا بالسعي
إلى الأفضل وتحقيق المزيد!"

أُهملتُ فترةَ الإعدايّة.. كنتُ آنذاك كبناءٍ بلا أساساتٍ، يُهدمُ ثمَّ يبنى من جديد.. مرّةً بعد مرّة دون استسلام.. انحنيتُ كثيراً.. وسقطتُ كثيراً بمفردي...

وأقرُّ بهذا!
لقد كنتُ كسولةً لا تدرس ولا تعمل، ودونما إنجازات!

أدخلُ بصداقةٍ وأخرجُ فيها إمّا مُنكسِرةً أو لا مُبالية في فترةِ ثانويّتي، مما أدّى إلى بقائي وحيدةً معظمَ الأوقات، ثمَّ بعدَ فترةٍ وجيزةٍ مِنْ حياتي أجدُهم يتوسّلون.. فأسامح..

شعرت..
شيئاً فشيئاً.. أنَّ تلكَ الطفلةَ التّعيسةَ الحالمةَ ذي الخيالِ الواسعِ في داخلي تتلاشى!

جمعتُ أحلامَ قلبي وعقلي اللذانِ لطالما حلما بمغامراتٍ خياليّةٍ واختلقا العديدَ من الأفلام والقصص التي في عالمي، وبدأتُ تشكيلها كرواياتٍ في خريفي الخامسَ عشر.

ثمَّ.. قبيلَ انتهائي من امتحاناتي النّهائيّة.. فقدتُ معظمَ أحلامي.. وأفكاري.. وحماسي.. وشغفي..
هباءاً منثوراً تطايرتْ رفقةَ بضعةِ نسماتٍ عابرة.

هل كانَ ذنبي..
أنني..
فقدتُ ألواني آنذاك؟!

***

-آهه، إذاً كانتْ مجرّدَ حرارةٍ طفيفة..
لقد كنتُ خائفاً عليكَ بحقّ.

ابتسامةٌ صغيرةٌ زيّنتْ زوايا شفتيهِ، بعدما أراحَ صدرهُ وسردَ حقيقةَ ما حدثَ البارحةِ، يقفُ مُرتدياً وشاحهُ القططيّ الذي منحتهُ إيّاه ليلةَ خِطبتهم، ويلقي بمعطفهِ الثقيل على كتفيه متذكِّراً أحداثَ اليومِ السّابِق تغمرهُ الغبطة في كلِّ مرةٍ يسترجعُ فيها صورتها..

*اليوم السابق*

~الرابع من ثلوج يناير~
~عام النكبة 2023~

أغلقت الهاتف تتذمر من كلمات بوب الذي اقتحم خصوصياتهما الزوجية، ثم سارعت بالجري هنا وهناك، تلامس جبهته بين الحين والآخر تتحسس حرارته وتغير الكمادات على جبينه، نافية هاتفه إلى غرفتها حتى لا يقوم منبهه من مقاطعة عملها وإيقاظه.

𝑁𝑂𝑇 𝑊𝐻𝐴𝑇 𝑌𝑂𝑈  𝑇𝐻𝐼𝑁𝐾 ~ 𝐿.𝑀𝐻حيث تعيش القصص. اكتشف الآن