ارتفعت رائحة اللحم البشري المتعفن الممزوج بالبول والعرق والجروح القديمة المتقيحة .
أضحت القاعة لفرط امتلائها بأعداد هائلة من البشر تبدوا كأنها أصغر من خيم الميلين .أغلقت النوافذ واختفى الغولياث عن الأنظار ليبدأ الجمع بإخراج أنفاسهم المحبوسة طوال فترة العرض .
بدأت الجدران المتحركة تختفي لتصبح القاعة أكثر اتساعا، وعندما أُشعلت المشاعل في السقف تمكنت من رؤية النقوش البرونزية التي تزين الأسطح والجدران والأرضية .
رسومات لطيور مُحتجزة ،وأجنحة مكسورة ،وبشر صغار مجنحين يحملون سهاما و يلوحون بها نحو لطخات مظلمة .
تحرك الملثمون بسرعة عالية ، بحركات بدت أجسادهم معتادة عليها لفرط تكرارها كل يوم .كان كل واحد منهم يحمل شريطا من الخرق المربوطة ببعضها البعض .أمسكوا بأطرافها وصنعوا مربعا صغيرا .
أدركت أنه بمثابة حلبة القتال .
في قبيلتنا كنا نفعل أمرا مماثلا أثناء نزالات الفحول الأسبوعية .لكن حدود الحلبة كانت ترسم بقطع من الجليد الحادة والتي تطعن أجساد الفحول بمجرد سقوطهم فوقها .حتى دريستان لم ينجوا من طعنة سيئة في فخذه عندما دفعه هيل في إحدى النزالات بينهما .إنها المرة الوحيدة التي أصيب فيها دريستان فقد كان من الفحول اليقظين والماهرين في تجنب الإصابات ،ولم يعرف أحد حينها ما همس به هيل في أذن شقيقه ليشتت انتباهه .
جلسنا رفقة الحشد حول الحلبة وتساءلت إن كان الجميع سيقاتلون الليلة من أجل حياتهم .سيتطلب الأمر أسابيع من أجل أن يحصل الجميع على فرصه.
ظل الصبي يرتجف طوال الوقت وعيناه تتجنبان النظر نحوي كأنه خجل من توريطه لنا في هذا الفخ الشنيع .لكنني لم أكن ألومه فرؤيتي لما حدث في الخارج جعلني واثقة من سداد فكرة وجودي هنا .
القتال أفضل من أن أصبح طعاما لتلك الكائنات الشيطانية .
أسقط بعض الجالسين الأوشحة عن وجوههم كاشفين عن بشرة قاسية تعلوها طبقات من الأوساخ ، وغير أعينهم المتقدة بالشراسة لم يكن هناك أي أثر للحياة على وجوههم الخامدة .
خطر في ذهني أن هيسبيرا قد أضحت شبيهة بمقبرة جماعية كبيرة يختلط بها الموت والشر معا في مزيج رهيب .
ظلت الهمسات المتوترة تعبر آذاننا إلى أن حل صمت ثقيل مُطبق.
أدرنا أنا وهوليس رأسينا محاولين فهم ما يحصل .
سمعت صوت خطوات بطيئة تعبر الأدراج التي كانت مزينة بالمشاعل .توهجت النيران وتمايلت على إيقاع خطوات الرجل الذي ينزل الأدراج كأنه يرقص .
همس الصبي بصوت خافت مرتجف :"دروست ".
تفاجأت بكون ساخط النعمة هذا لم يكن مجرما عجوزا كما توقعت ،بل ربما لا يكبرني سوى ببضع سنوات فحسب .كان فتى رشيقا بشعر بلون الثلج يصل حتى ذقنه ويتطاير من خلفه رفقة ردائه الطويل واللامع .كانت ابتسامة واسعة تغطي وجهه وبين كل خطوة وأخرى كان يرتشف مشروبا شفافا من قدح زجاجي كان يحمله بين أصابعه بخبرة كبيرة .
أنت تقرأ
The magic of silver girl II سحر فتاة الفضة
Teen Fictionعندما سيقع اختيار روح الذئب على الفتاة الفضية إيريان سيلڤري لتكون واحدة من العرائس اللواتي سيقدمن كقربان لأڤاريس ،من أجل ازدهار شعب الميلين وحمايته من الشرور المندلعة بالعالم . ستفاجئ بوجود قلب متمرد بداخلها والذي سيقف كالشوكة في وجه سنوات من المعت...