15 II رائحة الجوع الآثمة

2.5K 267 239
                                    


بدت السفينة كأنها وحش عملاق إن إندفعت أكثر نوح اليابسة فستسحق المدينة الشاحبة من تحتها .

أخفى الضباب وظلال اللطخة الحجم الهائل لهازمة العواصف .وهذا هو ما جعل مقدمتها البارزة مثل المدفع تبدوا كأنها تحلق بين الغيوم المظلمة بدلا من الأمواج .تخيلتها تندفع نحونا مثل شيء شرير لا يقهر .فبدأ جسدي يرتجف من هذه الصورة المرعبة .

فاجأني الاكتظاظ الذي يخنق هذا الجزء من المدينة .كأن كل سكان هيسبيرا ،الناجون ،هنا .الكثير من الصراخ .والكثير من الدفع والركض .والجميع بدوا في حالية هياج .

وقفنا أنا ودريستان أعلى الزقاق محدقين في الأدراج الكثيفة التي تقود نحو المرفأ .كنا قادرين على رؤية كل ما يحدث في الأسفل .حشد هائل من البشر يشكلون تكتلا ابتلع حدود المرفأ .طاقم السفينة يشكلون أمام الرصيف البحري ما يشبه جدارا .والناس يتدافعون ويتساقطون كالذباب أمام أقدامهم باذلين كل ما في وسعهم للوصول الى السفينة وإنقاذ أنفسهم .

قلت :"لم يعودوا خائفين من تان ".منذ أن جئت الى هنا وأنا أرى الناس يحافظون على مسافة بينهم .ولم يكن التلاحم شيئا مألوفا .

قال دريستان :"ربما لأنهم يشعرون بأنها النهاية .كل شيء يشير الى أن المدينة تحتضر ".

تتبعت نظرات دريستان نحو الدرج .كل شيء يتخلله الصدوع والشقوق وهو ما جعلني أفكر بكون المدينة ستبتلع نفسها .

"إنها مرحلة الهرب إذن .هل تظن أن مكاريا سيكون هناك ؟".

"إن كنت شيطانا فسأركب تلك السفينة .لم يعد هنا شيء ليتغذى عليه .الجميع موتى بالفعل وهي مسألة وقت قبل يختفي كل شيء ".

حدقت في حواف السفينة الغامضة والتي تتدلى من أطرافها ما يشبه أقمشه خشنة فتخيلتها ستارة عملاقة تحجب سطح السفينة عن السماء لتجنب طاقمها الإصابة بتان .

قلت:" هناك تكمن المتعة الحقيقية .حين يعود لزرع نفسه ضمن الناجين الذي يتخيلون أن الخطر قد أضحى من الماضي بمجرد فوزهم بالتذكرة .إنه يكرر اللعبة نفسها ".

"فل نذهب ".مد يده نحوي وحين لاحظ ترددي وارتباكي تابع مُفسرا :"من الأفضل أن نبقى قريبين من بعضنا حتى لا نتوه في هذا الازدحام ".

أمسكت بيده بسرور وأنا أضحك قائلة :"أنظر إلينا كيف نبدو كعاشقين .ألا يبدوا المشهد جنونيا ضمن كل هذا الرعب الذي نعيشه ".

ضحك دريستان وأشرق وجهه بتعابير محببة :"يبدوا الأمر كذلك ".

أثناء نزولنا الأدراج التي بدت بلا نهاية .كنا أحيانا نتعثر في مجموعة من البشر الخامدين على الأدراج ،كانوا يرفعون رؤوسهم نحونا أثناء مرورنا ويصرخون :"طعام .هل لديكم طعام ".وأحيانا كانوا يجذبون أطراف ملابسنا مطالبين بالعملات الفضية .وهو ما جعلني أتوتر .

The magic of silver girl II سحر فتاة الفضةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن