14 II بداية النهاية

3.2K 308 428
                                    


امتزج الرعب والرغبة في الحياة بداخلي ودفعا بقدماي لتطيرا مع الريح .

كنت أقاوم رغبتي في النظر الى الخلف بعدما اخترقت عدة صرخات سكون الليل الموحش من خلفي .بالكاد لمحت اثنتين من تلك المخلوقات تطل برؤوسها من بين الحطام .والآن أضحى صوتها أقوى وهي تذب فوق الأرض سعيا نحو المزيد من الجثث الطازجة .

دارت معركة شرسة من خلفنا .

هوليس تصرخ ،تبعها هدير جازفر ثم صوت أشبه بالبكاء انبعث من الصبي .وصوت تطاير الأشواك الفضية الذي لم تكن لتخطئه أذني .وبالرغم من ذلك لم ألتفت أو بالأحرى لم يسمح لي دريستان بهذا .كان لايزال يشد على يدي ويحثني على المواصلة كأن الخلاص يكمن أمامنا .كنت أحاكي سرعة دريستان الكبيرة في الركض ما جعلنا نبدو كظلين من ظلال اللطخة التي تنعكس فوق أطراف المدينة المُوحشة .

ظننت بكوننا سنستمر في الركض الى أن يوقفنا جدار من الغولياث .توقفنا أمام سلسلة من المتاجرالرمادية المهجورة التي تقع على أطراف السوق .كانت جدرانها المزينة بالحفر شبيهة بقطعة خبز مرت عبر جيش من الفئران .

دفعني دريستان للتسلق .ومن دون أي أسئلة غرقت أطرافي داخل تلك الحفر رافعتا جسدي بأسرع ما يمكنني نحو السطح .ظل دريستان في إثري وبمجرد ارتفاعه عن الأرض بحوالي خمسة أقدام حتى خاطر بالتفاف ومناداة الآخرين للحاق بنا .

مزق صوته الهادر بساط الليل ورأيت خيوط اللطخة تتموج من حول جسده وهو يصرخ :"نحو الأعلى .إنهم غير قادرين على التسلق ".

أسندت جسدي المنهك فوق السقف القرميدي المائل من الجانبين ووازنت قدماي على الحافة لأتمكن من إلقاء نظرة بينما أنفاسي تواصل صرخاتها العنيفة .لحق بي دريستان وأسند جسده الى جسدي وهو يلهث وكان جرح كتفيه قد عاد للنزيف .وأدركت حينها سبب استقرار تلك الخيوط الداكنة فوق جسده .

إنها تلاحق الدماء .

قال دريستان وهو ينحني للنظر عبر حواف السقف :"هناك شيء مريب يحدث .ظننت أن صرختي ستجذب المزيد منهم .لكن عددهم أقل مما تخيلت ".أغمض عينيه وتشمم الهواء مثلما تفعل الذئاب .

بدا لي في هذه اللحظة أقرب الى ذئب الميلين ذو العيون الزرقاء وهو رابض على حافة البحر الجليدي .اقشعر بدني لدرجة تمكني من شم رائحة الجليد الطرية وهي تدغدغ بشرتي .وهذا مدني بدفقة من السكينة في بحر الجنون المعقد هذا .

كنت أعرف ما سيقوله قبل أن ينطق به :"رائحة الدماء أقوى من أي وقت مضى ". كان الأمر شديد الغرابة بالفعل .

هززت رأسي :"كأن المدينة بدأت تغرق في بحر من الدماء ".تساءلت إن كانت هيسبيرا تتنفس أيامها الأخيرة .

رفعت رأسي ببطء نحو الأعلى كأنني أخشى ما سأراه .اختفت السماء ولم يعد يغطي سقف المدينة سوى تلك اللطخة الموحشة التي التهمت كل ما حولها .كانت مستمرة في التهام المزيد والمزيد كأنها لن تشبع قط . الخيوط الداكنة والكثيفة تتصاعد من كل أنحاء المدينة .وهناك مناطق بدا كأن دوامات من الدخان تنبعث من أعماقها .ولم يسعني سوى التفكير في مجزرة مرعبة .

The magic of silver girl II سحر فتاة الفضةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن