الفصل الاول (بداية)

336 20 11
                                    

في غرفة مظلمة كأنها محيط من الفراغ، عاشت سالين كل حياتها. سنوات مرت كالعلقم في أفواههم، بمرارتها وذكرياتها التي لا تُنسى. لا أود أن أقول أن صباحًا جديدًا قد بزغ بنشاط وحيوية، بل سأقول: في صباح يوم جديد مليء بالمتاعب والأشواك.

كانت هذه آخر كلمات قالتها سالين قبل أن تغرق في نومها، بعد أن اختتمت فصلاً آخر من متاعبها اليومية. كانت تجلس على كرسي خشبي، تتأمل حياتها وما مرت به. كيف استطاعت تجاوز كل تلك المصاعب؟ كانت تغرق في بحر أفكارها عندما قطعت صوت والدتها شرودها. عندما نظرت سالين إليها، أدركت أن والدتها كانت تناديها منذ مدة لكنها كانت غارقة في أفكارها العميقة.

بدأت والدتها تلقنها التعليمات المعتادة: افعلي هذا، لا تفعلي ذاك. كانت تلك الأوامر أشبه بموسيقى تصدح في الخلفية. عادت سالين إلى مكتبها، وأعدت حاسوبها المحمول. كانت مستعدة لبدء كتابة قصتها.

"أنا سالين"، بدأت بالكتابة. اسم غريب، أليس كذلك؟ للوهلة الأولى، يبدو كذلك. لكن الأمر يرجع إلى جدي الذي كان مغرمًا بامرأة أجنبية، فأطلق عليّ اسمها تيمنًا بها. لكن ليس هذا الحوار ما كنت أرغب في الحديث عنه. أردت أن أخبركم عن مغامرة صعبة، بل ربما كان من الأدق أن أصفها بمهمة انتحارية.

وضعت أصابعها على لوحة المفاتيح، وعينيها تغمرها شجاعة غير معلنة. بدأت تسرد حكايتها. لن أخدعكم، لم تكن سهلة. لكنها الآن أصبحت مجرد سطور على شاشة، تنتظر أن تُقرأ.

في الصباح الباكر، استيقظت سالين على أمل جديد، معتقدة أن هذا اليوم سيكون مختلفًا. كانت تتجه إلى عملها في مصنع الملابس الجاهزة كعادتها، حيث اعتادت قضاء ساعات طويلة بين ضجيج الآلات ورائحة الأقمشة. لكن سالين لم تكن مجرد عاملة بسيطة، بل كانت من عائلة مرموقة تدهورت أحوالها.

بعد وفاة والدها وجدها، خسرت الأسرة كل ما تملكه، واضطرت هي ووالدتها لبيع ما تبقى والانتقال إلى حي شعبي في مصر.

بينما كانت تتوجه إلى المصنع، سمعت صوتًا مألوفًا يناديها من بعيد. "سالين، سالين!" التفتت لترى زينة، صديقتها البشوشة التي كانت دائمًا تملأ قلوب من حولها بالبهجة.

قالت زينة بابتسامة عريضة
"من يراك هكذا يظن أنك أصابك الصمم يا أميرتي!" .

أجابت سالين بسخرية حزينة، "أميرة؟ لقد أصابنا الفقر وأصبحنا من طبقة المجتمع العادية."

ردت زينة بحماس، "تخيلي ما لدي من أخبار؟"

نظرت سالين إليها بفضول، "ماذا؟ هل هي وظيفة جديدة؟"

"بالضبط! لقد وجدت إعلانًا على الإنترنت يقول إنه علينا فقط العناية بامرأة مسنة."

أثار الإعلان اهتمام سالين بشكل كبير. فكرة ترك المصنع والعمل في وظيفة مريحة كانت تبدو كحلم بعيد المنال.

"فقط العناية بامرأة مسنة؟ ولماذا اثنان؟ على العموم، هل تعرفين كم هو الراتب؟"

هزت زينة كتفيها بلامبالاة، "لا أعلم، لكن سنذهب غدًا ونعرف."

كانت سالين غارقة في سعادتها. فكرة الهروب من قبضة رئيسها المتنمر في المصنع كانت أشبه بالنجاة من سجن.

في المساء، جلست مع والدتها تتحدث عن الوظيفة الجديدة. كانت والدتها تشجعها، داعية الله أن يكون هذا هو المفتاح لمستقبل أفضل. بعد ذلك، جلست سالين في غرفتها تتحدث مع زينة حول تفاصيل العمل المرتقب. "الراتب يبدو مغريًا جدًا! وعملنا فقط سيكون في قصر، نقضي معظم وقتنا هناك، أليس هذا رائعًا؟" قالت زينة بحماس.

"لكن الأمر يبدو غريبًا بعض الشيء." علقت سالين بشك.

"لا، لا تقلقي. إنهم فقط أشخاص يعيشون في مجتمع مختلف عن مجتمعنا. هذه طبيعتهم."

أغلقت سالين المكالمة مع زينة بعد محاولات إقناع طويلة. وعدت نفسها أنه إذا وجدت أي شيء مريب، ستترك العمل فورًا.
يتبع ...

حقيقة مزيفة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن