الفصل الثاني عشر ( وحش يهشم أضلعي)

31 8 6
                                    

بينما بدأت في استعادة وعي تدريجيًا بعد مرور بضع دقائق، وجدت نفسي ما زالت جالسة على الجهاز الغريب. لم يكن الشخص الذي كان معي موجودًا، وكان يبدو أن الجهاز قد فقد طاقته، مما جعلني استنتج أن جوزيف قد غادر. شعرت بمزيج من الارتباك والخوف، لكني سرعان ما ركزت على هدفي الوحيد: التحرر.

بذلت جهدًا كبيرًا لفك الشريط الذي كان يقيد يدي، وبعد محاولات متكررة، نجحت أخيرًا. كان شعور الحرية يغمرني؛ لم اُصدق أنني قد تحررت أخيرًا من قيودي. وبسرعة، بدأت في فك ما كان يربط رأسي، واندفعت خارج الكوخ بلا تردد. ركضت... ركضت وكأني لم أركض من قبل.
مدفوعة بكلمات المجهول التي منحتني القوة والشجاعة للهرب من مصيري المشؤوم الذي يُدعى جوزيف.

لم تكن تعرف سبب الألم الذي يعتصر رأسها أو لماذا أتى بها إلى هذا المكان. ولكن في تلك اللحظة، لم تكن تهتم بشيء سوى الهرب. وبينما كانت تركض بين الأشجار، وجدت نفسها أمام باب عملاق. لم تدرك ما كانت تفعله إلا وهي تتجه نحو الباب لفتحه.

***

بدأت عيناي تفتحان ببطء، ولكن كل ما كنت أراه كان مشوشًا. شعاع النور كان يؤلمني بشدة، وكأني كنت في غيبوبة طويلة. كنت أشعر بألم شديد في ظهري، وكأني مشيت على مسامير حادة. ومع ذلك، كان ما يهمني الآن هو ما فعله بي هذا الرجل الغريب ؟

أثناء تفحصه لجسده باحثًا عن أي جروح، رأى الباب العملاق يُفتح، وتدخل منه فتاة ذات شعر أسود وبشرة خمرية. كانت ترتدي قميصًا ورديًا ممزقًا وسروالًا أبيضًا مغطى بالكثير من البقع الحمراء. بدت الفتاة وكأنها تبحث بيأس عن مخرج، وهي تركض بخوف.

وفي تلك اللحظة، شعرت بأن عظامي بدأت تتكسر. رأيت انعكاس وجهي في المرآة أمامي، وكأنني أتحول إلى شخص آخر ذو وجه بشع. حاولت المقاومة، لكنني شعرت بأن شيئًا ما سيطر عليّ بالكامل.

***

عندما فتحت الباب العملاق، وجدت نفسي في مكان يشبه الغابة، لكنه كان مختلفًا. كل ما حولي كان مغطى بالمرايا، وكانت الأشجار تحيط بالباب الضخم. بدأت في البحث عن مخرج، لكني تفاجأت بشخص يقترب منها بسرعة. لم تكن ملامحه واضحة في البداية، لكن كلما اقترب، بدأت تظهر ملامحه البشعة والمخيفة.

ركضت بأقصى سرعة، محاولة الهرب من هذا الشخص، لكني لم استطع الإفلات. أمسك بي، وكانت حوافره تمزق جسدي. ما أن لمسني، حتى بدأ جسدي ينزف بغزارة. كان يهجم عليّ كحيوان بري ينهش في فريسته.
رفع يديه ليخنقها، لكنها بجهد كبير استطاعت أن تغرز أصابعها في عينيه وتفزقها وتهرب بعيدًا.

***

بدأ الوحش في العودة إلى طبيعته، وشعرت بألم شديد في عيني ،وأشعر بسائل دافيء علي يدي.و لكن بعد فترة، بدأت أرى مرة أخرى، وكأن هذا الوحش شفى كل جروحها.

***

كانت إسراء تزرف دموعها وهي تحكي لسالين عما جرى لها. علمت سالين من فعل بها كل تلك الجروح، لكنها كانت تأمل أن تلتقي بجوزيف لتمزقه إربًا. احتضنت إسراء بحنان، محاولة طمأنتها.

قالت سالين بحزن وهي تمسح دموع إسراء: "أعدكِ يا إسراء أنني سأنتقم منهم جميعًا. لا تقلقي".

ثم نهضت سالين، مساعدةً إسراء على الوقوف: "والآن علينا أن نذهب. نادر أخبرني بطريقة الخروج من هذا المكان".

نظرت إسراء إلى سالين بتعجب: "من هو نادر؟"

أجابت سالين بتمويه: "هذا حديث يطول شرحه، لكن انتظريني دقيقة لأبحث عن شيء".

بدأت سالين في البحث في أرجاء الغرفة عن شيء مهم أخبرها به نادر، حتى وجدت رسالة وفتحتها. بدأت تقرأ الأسطر بعناية، وعندما وصلت إلى "وداعًا عزيزتي"، بدأت دموعها تتساقط بغزارة. كانت قد علمت بما جرى لنادر، وأنه لن يُسمح له بالخروج من إطار السور لأنه معرض للموت إذا خرج. ورغم ذلك، كان نادر يعلم شيئًا واحدًا: أنه لم يرتكب شيئًا، ولكن فضوله نحو القصر أودى به إلى الجحيم.

مسحت سالين دموعها، متجهة نحو إسراء، محاولةً إخفاء حزنها. "لا تقلقي"، قالت وهي تساعد إسراء على الوقوف وتشق طريقها نحو الخروج، مسترشدةً بتعليمات نادر المكتوبة في الرسالة.

بعد مرور عدة ساعات، وصلتا إلى بوابة النجاة. كانت البوابة تبعد عنهما إنشًا واحدًا عن الحرية.

"والآن، كل ما عليكِ فعله هو أن تمدي يدكِ وتنتظري"، قالت سالين لإسراء.

مدت إسراء يدها نحو البوابة، وفوجئت بأن يدها غرزت في الداخل. أدخلت جسدها بالكامل، وها هي الآن قد وصلت.

أما سالين، فكانت تنظر إلى الأرجاء، تودع كل من فيه وكل ذكرى لهذا المكان المشؤوم. فقدت أعزّ وأغلى ما تملك، وكانت تودع حبيبها. رأت نادر يقف بعيدًا، يلوح لها بابتسامة جميلة. كانت نظرته مليئة بالحزن والفرح في آنٍ واحد. لوحت إليه بفرح، لكنها سرعان ما اكتشفت أنه كان مجرد سراب، حلم وخيال صعب المنال.

أخذت نفسًا عميقًا، ومسحت دمعتها قبل أن تدخل جسدها من خلال البوابة.

***

عند الغداء، اجتمع الجميع في صالة الطعام بالقصر. كانت مريم تقدم الطعام للجميع، وبعد مدة جلست بجوارهم، متكئةً على نوح.

مريم باستغراب: "أين يونس؟ لقد اختفى منذ الصباح. آخر مرة رأيته كان يتحدث مع جوزيف".

نوح، وهو يبحث بعينيه: "لا أدري، ولكني متأكد أنه يفتعل مصيبة جديدة".

قالت مريم بخوف: "أتمنى أن يكون حديثك غير صحيح. أريد أن أعود إلى منزلي. تبًا لك، أنت من جلبني إلى هنا. كنت جالسة في دارنا بسلام".

قالت سارة بسخرية: "ما بكم؟ لماذا تتغامزون؟ أخبروني، قد أستطيع مساعدتكم".

رد جوزيف بملل: "دعيكِ من هذا الهراء. بعد الغداء، أريدكم أن تنطلقوا إلى الجناح الموجود في الجزء الشرقي".

شرقت سارة بالطعام، ونظرت إليه بتوجس. أما آثليت، فنظرت إليه برعب وفزع؛ كانت تعلم ماذا سيجري لهم، لكنها لم تكن تعلم أنه الآن...

يتبع...
انتظروني في آخر فصل من رواية حقيقة مزيفة
ونهاية قصتنا ، دمتم آمنين ♥️♥️

حقيقة مزيفة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن