إضطراب

498 30 13
                                    

«هذه كل كاميرات المراقبة المغطية للطرق المحتملة التي قد يسلكها في تلك الساعة من الليل سوى هذا الطريق الفرعي بين المنازل والذي لا يحوي أي كاميرا»

قال الخبير التقني مشيرًا بين الكاميرات المغطية للطرق الثلاث ليرينا بعدها الطريق الذي - لسوء الحظ - لم تغطه أي كاميرا.

«لقد سلك هذا الطريق إذا!»

قلت بثقة، محركًا إصبعي على الطريق الظاهرة
على الشاشة:
«شكرا فيصل، تستطيع الانصراف الآن»

صرف العقيد رعد الخبير التقني، بينما توزع بقية الفريق بأنحاء غرفة السيرفرات الجامعة لكاميرات المدينة... سابحين بأفكارهم
بحثا عن التفسير المنطقي لما حدث معي.

قال رعد ويداه في جيب ثوبه الأسود، بينما ركز النظر في كاميرات المراقبة:

«عذرا أديم، سيتوجب علينا الاستمرار بالأدلة الموجودة لدينا والبحث في أمر حمدي»

قال سراج معترضا:
«لكن إن كان ما راه حقيقيا، فمعادلة التحقيق ستتغير بالكامل...أعتقد أن علينا على الأقل التفكير في شخص يعرفه»

قاطعه رعد بفظاظة:
«أتعرف عدد الأطفال المهددين بالقتل ونحن نخوض هذه المحادثة ؟! أتدرك حجم الضغط الشديد الذي يضعه الجميع علينا ؟! لن أغير سير التحقيق بناء على مقنع أبله لربما كان يمارس الألاعيب والمقالب ستذهب أنت و عامر المقابلة عوائل الضحايا... احرصا
على سؤالهم عن حمدي. وأنا سأتواصل مع أقارب حمديزلجمع أي معلومات عن طفولته، بينما سيتوجه أديم لمقابلة الممرض أسامة لمعرفة كل شيء يعرفه عن الحارس بالتفصيل»

فض رعد الاجتماع هذه المرة من غرفة الكاميرات وأعطى كلا مهمته، وأنا أعلم تمام العلم أن البحث في أمر حمدي مضيعة
للوقت... لكن رئيس الفرق أصدر أوامره بالفعل

سأل عامر معدلا شماغه
«هل وضعت الصحف والقنوات خبر فقده وصورته ؟»

أوماً رعد واتجهوا للخارج، لألحقهم وعقلي يرفض تصديق أن من رأيته كان مجرد مهرج... يتملكني شعور قوي أن من رأيته بالأمس هو السفاح الذي نبحث عنه... خصوصا أنه سلك
الطريق الذي ليس به أي كاميرات، ليس بالضرورة أن يكون حدسي صحيحًا، وهذا الذي يجعلنا ننصاع دوما لأوامر قائد الفريق و نستبعد الحقائق بناءً على الحدس والشعور.

أخرجتُ هاتفي واتصلتُ بالممرض أسامة ليخبرني أن بإمكاني زيارته في المستشفى الآن، لم أضيع ثانيةً وتوجهت نحوه.

بين طرقات الطائف المقبول ازدحامها، وتحت الغيوم المثقلة بالمطر الذي سيهطل عما قريب... وصلت للمشفى وأوقفتُ سيارتي وغصتُ متأملا الأطباء والممرضين المتأخرين عن دواماتهم.

داهمني اكتتاب المستشفيات بمجرد رؤيتهم، كم أكرهها وأكره من يعمل بها أيضًا! تكون في أسوأ حالاتك لتقف عند الاستقبال الذي
يجلس خلف مكتبه شاب أو فتاة، قد بلغ بهم الضجر أقصاه وهم يمضغون العلك... مشغولين بأجهزتهم عاقدين أقدامهم. وبمجرد ندائك لهم وإعادتهم للواقع، يرمقونك بنظرة الازدراء ليخدموك بأسوأ شكل ممكن... وكأنهم يتفضلون عليك بخدمتهم.

سفاح الأزقةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن