هبوط

1.1K 56 1
                                    


لا تنس النقر على النجمة
قراءة ممتعة❤️
_______________________

(الطائف)
ربيع الأول، ١٤٣٦ هـ

«أعزاءنا الركاب، الحمد لله على سلامتكم... نيابة عن كابتن الطائرة والفريق نرحب بكم في مطار الطائف الدولي حيث التوقيت المحلي 10 صباحًا ودرجة الحرارة الخارجية 12 درجة مئوية»

هرع ركاب الطائرة لأمتعتهم استجابة لنداء المضيف عبر المكبرات، بينها جلستُ على مقعدي بكل روية وهدوء... ناظرا من نافذة الطائرة التي هبطت واستقرت حركتها.

لم أعلم أبدا سبب عجلة الركاب بكل رحلة، يقفون بانتظار بوابة الطائرة التي لم تفتح بعد... وقد يتأخر فتحها لأسباب لا أعلمها إلى الآن....

بينما كان بإمكانهم الاسترخاء والهدوء إلى أن يخلو الممر ويرحل الجميع ... كما أفعل أنا.

ولِمَ أستغرب والعجلة من خصال النفس البشرية، وقد خالفتها أنا ببرودي وهدوئي منذ الصغر... مما جعل والدي - رحمهما الله - يعانيان مني كثيرا.

لم يقتصر الأمر عليهماظفحسب، بل على كل من حولي مما جعلني وحيدا دون أصدقاء....

وجعلني عازبًا بعد سنواتٍ طويلة حاولت فيها إنجاح علاقتي مع طليقتي.

نهضت لأحمل حقيبتي الصغيرة بعد خلو الممر، لائما عقلي.الذي يرهقني بالتفكير دوما بمجرد مغادرتي للطائرة ونزولي على السلالم، استغل الهواء القارس الفرصة للتسلل لعظامي... بعد أن
رآني مرتديا ثوبا أبيض صيفيا وكأنه يريد الانتقام مني لعدم احترام برودته.

أطلقت تنهيدة عميقةً وأنا أنظر لمبنى المطار الصغير، الطائف...

ها نحن ذا مجددًا..

لا أعلم إن كان وجود هذه القضية في هذه المدينة من حسن حظي أو سوته، فطفولتي ومراهقني وسنوات طوال في عملي كانت هنا... مما جعلها تحمل خليطا ضخما من الذكريات السيئة والجيدة.

لا وقت هذا الهراء الآن فهناك من ينتظر تحقيق العدالة، حزمت أمري وهرعت لمبنى المطار لأستأجر سيارة... ليس الأمر وكأني أنا البطل المنقذ الذي سيحل القضية... لكن عامل الوقت ليس في صالحنا أبدا وقد يهجم السفاح بجريمة وحشية أخرى في أي لحظة من الآن.

أنهيت الإجراءات سريعًا وأخذتُ المفتاح، لأحث الخطا نحو السيارة البيضاء الصغيرة التي اخترتها، انتظرت حتى أنهى العامل
فحصها، ناظرًا لانعكاس وجهي الذي أكل عليه الدهر وشرب على إحدى نوافذ السيارة.

على الرغم من محافظتي على مواعيد زيارة الحلاق واهتمامي بلحيتي الكثيفة وشاربي، إلا أني أشعر دائما بتخييم البؤس على وجهي.... منذ المراهقة وحتى الآن بعد انتصاف عمري لربما كان السبب الشيب الذي خالط رأسي، واختبأ تحت شماغي... سابقا أوانه.

سفاح الأزقةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن