نقطة الصفر

436 26 6
                                    

أنس...

داوود...

ياسر...

ماجد...

تحدثوا إلي رجاء، مالكم لا تنطقون؟!

أسيل...

غدير...

صفاء ...

أريج...

ماذا عنكن أعلم أن الوغد أخرسكن للأبد... ألا يمكنكن
استثنائي أنا فقط ؟ كلمة واحدة فقط أحتاجها، اسم واحد

كان الطفل ماجد والطفلة أريج أحدث ضحايا السفاح
وقد وضعهما بطريقته المختلة ذاتها بأحد الأزقة الليلة... مضيفًا عليهما الكهل المسكين حمدي حارس المدرسة.

«هيا يا أديمط، نل قسطا من الراحة ولنستكمل العمل غدا»

قال لي العقيد رعد مربتا على كتفي، وقد آذى السهر مقلتيه.

«الأصدقك القول، منذ انضممت للفريق والنوم عدوي...
خصوصا حين أفكر أني قد أكون السبب في مقتل هؤلاء الأبرياء»

أجبته ناظرا لأسماء الضحايا وصورهم المعلقة تحتها، على الحائط البائس الخاص بغرفة التحقيق... أصبح منظرها جالبا للاكتئاب خصوصا عندما رجعنا لنقطة الصفر دون أن يجد جديد.

«كف عن هذا الهراء أيها الأحمق، كف عن لعب دور المنقذ يا رجل... نحن مجرد أسباب في هذه الدنيا والمنقذ هو الله ... أرح عقلك قليلا»

قال وهو يتجه للخارج، هارا رأسه وكتفيه. كانت تلك المرة الأولى التي يتخلى فيها رعد عن رسميته، ويشتم بتلك الطريقة.

غادر الغرفة وعدتُ للنظر في اللوحة التي علقناها على الجدار، ليقع بصري على وحيد... الذي تشبعت اشتباها به ليتضح أنه بريء كان يتمرغ في رمال الربع الخالي وقت الجرائم.

صورة حمدي القائمة بجواره، هذا الكهل الذي يحمل وجها مليئا بالطيبة والبساطة والذي تحول من قائمة المشتبه بهم إلى الضحايا في سخرية عجيبة من السفاح بنا... وكأنه يتابع التحقيق معنا بالغرفة ويراقبنا.

استندت بظهري على الكرسي، زافرا بحرارة وجفوني تلامس بعضها معطيةً عيني قسطا من الراحة ... آه كم كانت الليلة مرهقة ومخيبة للآمال. لم أسمح لنفسي بالعودة للمنزل أو أخذ قسط من الراحة، ليس بعد أن تلاعب بي السفاح هكذا ووجهني حيث يريد بالضبط ...
وكأنه يعرف طريقة تفكيري. لم أتخذ هذا القرار وحدي،
عاد كل الفريق من مسرح الجريمة لغرفة التحقيق... محاولين وضع خط سير جديد للقضية لتبوء محاولتنا بالفشل.

لا شيء عن السفاح حتى الآن، وكأنه سراب كلما اقتربنا منه ابتعد لننجرف خلفه ونضيع. ليس الوقت في صالحنا أبدا، القتلى يكثرون وحيوات الكثير من الأطفال على المحك... فتحت عيني سريعا وهرعت نحو اللوحة مرة أخرى، أتضرع إليكم أن تخبروني بشيء.... أي شيء.

ويدي لا تترك عادتها في التقليب بين النردين الأسودين، مدققا النظر في الضحايا وأسمائهم... ليقشعر بدني
ويقف شعر جسمي حين لاحظت إلهي إلهي إلهي... كيف لم الحظ ولم أعرف منذ وقوع الجريمة الأولى... فالمجرم كان أمام عيني طوال الوقت!!

أمسكتُ رأسي بكلتا يدي متراجعا للخلف وعقلي يحلل
البيانات كمعالج تم إصلاحه للتو... ليعود لعمله الطبيعي المعتاد. بالطبع، علمتُ الآن سبب اختيار ذاك السفاح للأطفال، وسبب اختيارهم هم ،بالذات وانتزاع قلوبهم، ووجود ضحية ذكر وأنثى في كل جريمة اختيار الأزقة أيضًا... اللعنة هل هذا معقول؟

أنس...

داوود...

ياسر...

ماجد...

أسيل...

غدير...

صفاء ...

أريج...

أديم

أغصا...

تطايرت الحروف الأولى من الأسماء أمامي وعقلي يحلل
المعلومات بأقصى سرعة ممكنة، الحروف الأولى من أسماء الضحايا الذكور لم تكن إلا حروفًا تشكل اسمي... أديم.

أما الحروف الأولى من أسماء الضحايا الإناث فكانت تشكل اسم طفلتنا أغصان التي كانت تحلم طليقتي بإنجابها، السفاحة إن صح التعبير ... نعم... أعتقد أن سفاحنا أنثى تُدعى أسرار يستحيل أن تكون تلك مصادفة، بل من سابع المستحيلات....

اسم طفلتنا ذاك لا يعرفه أحد سواي أنا وهي!

أثقلت المعلومات عقلي ثم جسمي لأجلس على الأرض، قدماي لم تعد تتحملان الوقوف... أ معقول أن تتحول من كنت أشاركها الحياة والحب... لوحش شرس كهذا؟!

كانت حروف اسمي قد اكتملت، على عكس حروف اسم
طفلتنا... مما يعني أنها تخطط لجريمة جديدة لطفلة يبدأ اسمها بحرف (ن). هل سترتكب جريمة فردية هذه المرة؟!

نحن على أبواب جريمة خامسة وأخيرة. الآن عرفت الدافع وراء هذه الجرائم كلها فلم يكن انفصالنا وطلاقنا عبثا... لكن الغريب أن تتملك هي هذا السلوك السايكوباتي.

للحظة خطرت ببالي طفلة بحرف (ن)... لا لا... لا يا رب
تلك قطعة مني فأحظها بلطفك ورعايتك، نسمة!

سفاح الأزقةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن