نداء الواجب

2.9K 118 6
                                    

لا تنس النقر على النجمة
قراءة ممتعة❤️
_______________________



(الرياض)
ربيع الأول، ١٤٣٦ هـ

أسندت رأسي على المقود وأنا أتنهد بعمق، واضعا يدي في جيبي معطفي الأسود... بعد يوم طويل مرهق في العمل. أغمضت عيني
لأريحمها وقد غزا الصداع رأسي بالكامل.

لم أملك الطاقة لأدخل شقتي، بعد أن توقفتُ أمام العمارة وأنا لا أتذكر كيف وصلت لها أصلا... من شدة التعب. أتذكر أني كنت أغفو في الطريق لتوقظني أبواق السائقين المنزعجين الذين كدت أصطدم بهم.

برودة الجو بالخارج شجعتني لأطيل المكوث في سيارتي، لا سيما والتكييف الحار قد جعل الجو مناسباً جدًّا لإكمال الليلة هناك.

بدأت أنجرف مع أفكاري بعيدا عن عالمنا، إلى العالم الآخر الذي يحبه البعض وقد يبغضه الكثيرون... عالم الأحلام. أتساءل دائما قبيل النوم، كيف يتحول الجسم من اليقظة إلى الغفوة؟ ثم يرتعش جسدي بالكامل لفكرة أني قد لا أستيقظ أبدا، ورب...

أفزعني رنين الهاتف وأعادني إلى الواقع، رفعت رأسي وفتحت.عيني المرهقتين لأستلم هاتفي وأنظر للمتصل... رقم هاتف مجهول. لم تكن عادتي تجاهل أي اتصال ولو من الغرباء، فقبلت المكالمة ووضعت السماعة على أذني...

همست بصوت مرهق:
«الو»

أجابني المتصل بصوت حاد:
«السلام علیکم»

رددتُ عليه السلام باستنكار منتظرا منه الإفصاح عن هويته.

«الرائد أديم أحمد؟»

تساءل المتصل وهو ينطق اسمي بغرابة، كما هو الحال دائما مع من يقابلني لأول مرة... مما يجعلني أكره اسمي الغريب أحيانًا.

اعتدلت في جلستي مقطبا - آخذ الاتصال بجدية تامة مجيبا
«نعم هذا أنا»

عندما يقترن اسمي برتبتي العسكرية فهذا يعني غالبا أن الأمر يتعلق بعملي.

«معك العقيد رعد من المباحث الجنائية، وقد تم اختيارك لتكون ضمن فريق التحقيق الخاص لقضية سفاح الأزقة.... سيتم إنهاء إجراءات الطيران والحجوزات لقدومك إلى الطائف.»

فتحت عيني على مصراعيها بعد نزول الخبر علي كالصاعقة!

دقات قلبي تتسارع وصداعي يتزايد، لم تكن صدمتي في أن تم انتدابي لتحقيق خارج الرياض... بل لانتدابي في تلك القضية بالذات... قضية سفاح الأزقة!

الجريمة التي هزت مدينة الطائف بل المملكة بأسرها، وأصبح العالم يترقب أخبارها ومستجداتها أولا بأول. ليست جريمة أصلا،
بل سلسلة جرائم بشعة... سلبت النوم من أعين الناس ......

«أديم؟ ما زلت معي؟»

قاطع العقيد دوامة أفكاري بعد أن طال صمتي، ومشاهد الجرائم تلك وأحداثها تمر على ذاكرتي.

«حسناً سعادة العقيد»

قلت بشرودٍ وأنهى هو المكالمة، سرت داخلي رعشة وانتفضت بالكامل... حين تذكرت ما يفعله ذلك السفاح بتلك الأزقة!

أطفاتُ المحرك ونزلتُ لشقتي مهرولا، حان الوقت لتلبية نداء الواجب.


سفاح الأزقةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن