بشر بلا قلوب

1.1K 56 4
                                    

لا تنس النقر على النجمة
قراءة ممتعة❤️
_______________________


(الطائف)، (أم العراد)
قبل المكالمة بشهر

تلثم الكهل بشماغه المهترئ وقد غطى جسده الفراء بالكامل، لم يعد يظهر منه سوى عينيه اللتين ترهلت أجفائها. الرياح الشتوية تشتد و تتلاعب بفرائه الذي ثبته بيديه جيدا، خشية أن يتسلل البرد.العظامه التي وهنت ولانت.

"الله أكبر، الله أكبر"
ذاع صوت الأذان في الحي مما شجع العجوز أن يتحرك من ناصية بابه، متجها نحو المسجد الذي تراءت مئذنته من بعيد. توجب عليه
اجتياز زقاق ضيق للوصول للمسجد، أحد تلك الأزقة التي تسمح بعبور شخص واحد فقط.

حث الخطا نحو الزقاق المظلم، الذي أنارت إضاءة الشارع بدايته فقط... سيكون حتما أدفأ من الشارع المكشوف الذي خلا من السيارات والمارة.

"الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم"

كم كانت تلك العبارة مطمئنة لأولئك الذين يخرجون بأوج الشتاء لصلاة الفجر، قاطعين لذة نومهم غير مبالين بالبرد القارس... فردد الرجل العجوز بعد أن دخل الزقاق

"الصلاة خير من النوم الصلاة خير-"

قطع ترديده بعد أن ارتطمت قدمه بشيء على الأرض، دقق.النظر على الأرض وتراجع بضع خطوات للوراء... فاتحا عينيه على مصراعيها وهو يسد فمه حتى لا يصرخ.

«أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم!!»

رمش عدة مرات ليتأكد مما تراه عيناه، متمنيا مع كل رمشة أن يختفي ذاك الذي على الأرض!

لم يعد هناك مجال للشك، كان يراه بوضوح رغم ضآلة الضوء القادم من الشارع ايام على أرضية ذلك الزقاق، همد طفل لم يتجاوز السابعة من عمره.... غارقاً بدمائه الجافة كان ثوبه مفتوح الأزرار مكشوف.الصدر، لتتفجر منه شلالات الدماء التي قد تجمدت وجفت...

بحلول ذلك الوقت ومع برودة الجو. شحب وجهه الأبيض.وابتلت أجزاء من شعره الأسود الناعم، بعينين مغمضتين ويداه على جانبي جسده

اقترب الكهل وجسده يرتعش بالكامل، ليس جراء البرد قط... بل من هول المنظر الوحشي الذي وقعت عيناه عليه. نظر إلى الفجوة
التي أحدثها المجرم بصدر الطفل، وقد تناثر منها بعض أحشاء الصبي الصغيرة

لحظة... أتلك جثة أخرى مستلقية بجانب الطفل ؟! دقق النظر ليتأكد حينها، جثة أخرى ولطفلة أيضًا!

كان ذالك كثيرًا على الكهل وعينيه اللتين لم تريا شيئًا كهذا ولا حتى في الأحلام، تراجع للخلف بسرعة ليغادر الزقاق ويخرج هاتفه.

بدأت يداه المرتجفتان بالضغط على لوحة الأرقام الطلب.النجدة.

«۹۱۱ ، كيف لي أن أساعدك ؟»

أتاه صوت الحياة عبر الهاتف، لم ينتظر ثانية وانطلق
«ج ج جثة، ط ط طفلان، ز.. زقاق»

«سيدي سيدي سيدي، أريدك أن تهدأ قليلا وتهدئ من روعك... أتقول لي أنك رأيت جثة؟»

«ج جثة ل.. لطفلين»

«حسنا سيدي، أيمكنك أن تخبرني أين موقعك بالضبط ؟»

«حي.. حي (أم العراد)، الزقاق بجانب تموينات (***)»

«حسنًا سيدي، اهدأ وسنرسل قوات الأمن الآن... هل تستطيع العودة لمنزلك ؟»

سقط الهاتف من يد العجوز ودب الرعب بقلبه فوق رعبه، فقد لاحظ للتو القلبين المعلقين فوق جثتي الطفل والطفلة.... أهذه قلوبهم منتشلة من أجسادهم؟!

سفاح الأزقةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن